في البداية يجب أن نسأل أنفسنا ماذا نريد من المسرح؟ إن أهم ما يميز الممثل الناجح هو ثقافته التي يستمد منها القدرة على الإبداع والتجديد والتميز بمعنى آخر فالممثل بلا ثقافة وخاصة المسرحية هو كتاب بلا عنوان وقصة كتبت نهايتها سريعا ..وأيضا التحصيل العلمي الذي يعطي الفنان اطار ثقافيا يجعله يواكب الزمن الذي يعيشه .ثم يجب أن نعرف أن الثقافة عامل مهم وأساسي بالنسبة للممثل والمسرحي بصفة عامة خاصة فيما يتعلق بالأمور الأساسية التي يعتمد عليها بشكل كبير فوق خشبة المسرح بالإضافة إلى أدوات الممثل المكتسبة والطبيعية ..ولعل اللغة وأقصد هنا اللغة العربية أول ما يتوجب على هذا الممثل الاهتمام به حيث أنها العامل الأساسي في إيصال رسالته للمتلقي وبالطبع فذلك يعتمد على جهاز نطق سليم خالي من العيوب الخلقية مثل العيب في نطق بعض الحروف " أللدغة " أو التئتئة وغير ذلك مما يصعب معه إيصال الحوار بشكل سليم للجمهور . أهم أقسام ثقافة الممثل تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما : الثقافة العامة والثقافة المتخصصة أو الأكاديمية : 1 الثقافة العامة وهذه يجب أن يهتم بها الممثل اهتمام شديد حيث أنها هي المصدرالذي يستلهم منه تقمصه للشخصيات التي يؤديها خاصة إن لم يكن قد درس فنون التمثيل والإخراج دراسة متخصصة ويجب عليه أيضا أن يركز على الحالات والكركترات التي يصادفها في مسيرته اليومية فهي الغذاء الذي يرسم من خلاله الشكل الخارجي للشخوص التي يؤديها ولاننسى المتابعة سواء بالحضور وخاصة المهرجانات المحلية أو العربية أو المشاهدة التلفزيونية أو قراءة أحدث الكتب التي يستقي منها كل جديد في عالم المسرح .وثقافة الممثل العامة تعتمد على القراءة في جميع المجالات بلا استثناء مع التركيز على ما يختص في علم النفس والاجتماع وعلم الجينات وذلك كون تحليل الشخصية الدرامية يقوم على الابعاد الثلاث الرئيسية وهي البعد النفسي والاجتماعي والمادي وتكمن أهمية هذه الثقافة في المكتسبات التي تعتمد على خبرةالممثل .فحتى تستطيع لعب شخصية ما يجب عليك أن تعرف من هي هذه الشخصية ..ولاننسى اللغة الانجليزية التي تساعدنا على ترجمة بعض الإعمال الغير عربية إلى العربية للاستفادة منها مثل أعمال " شكسبير " و " موليير " وهنريك ابسن " و " سارتر " وغيرهما من عمالقة المسرح الكبار . 2 الثقافة المتخصصة والمقصود بها هنا ثقافة الممثل في المجال نفسه سواء كان قد درسها دراسة أكاديمية أو لم يدرسها ولكنها أمور لابد منها لمن أراد أن يخوض هذا المجال وكان يتمتع بالموهبة الحقيقة وهذه الأمور يجب أن يمارسها يوميا حتي يكون على معرفة بنوعية الأدوار التي يقدمها وطبيعة كل شخصية على حده ومن أهم هذه المواد نذكر " المدارس المسرحية المتعددة " وأهم المنظرين والشخصيات المسرحية و " تاريخ الدراما " و " إعداد الممثل " و " إعداد الدور المسرحي " و " التذوق الموسيقي " و " أنواع الحركة المسرحية " و " التعبير الحركي " و " أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي " و " فنية التنكر والماكياج " و " دراسة الأبعاد الثلاث " والتي تعتمد كما ذكرنا سابقا على علم النفس وعلم الاجتماع وكذلك دراسة " نظريات الإخراج " حتي يفهم الممثل ما يطلبه منه المخرج أثناء البروفات ..ويستطيع الإجابة الصحيحة أمام أي حشد إعلامي وفني .. إن الثقافة والمعرفة بحياة الممثل تبدأ مع أول خطواته على الخشبة ولا تنتهي إلا بنهاية مشواره الفني وإلا أصبح سلعة سريعة العطب وشجرة لا تثمر إلا ثمارا فاسدة وهناك ممثلين سابقين حققوا مكاسب مالية كبيرة ولكنهم انتهوا مفلسين بسبب عدم اهتمامهم بتنمية ثقافتهم المسرحية وربما نذكر منهم المصري " علي الكسار " الذي مات منسي ومفلس بعدما كان يمتلك احد اكبر المسارح المصرية ويضرب به المثل " بربري مصر الوحيد " عكس نجيب الريحاني الذي كان هو أول من ادخل فن الفرنكو عرب للمسرح المصري والذي مات بعد الانتهاء من تصوير أخر أفلامه السينمائية وهو من إنتاجه وهو فلم " غزل البنات " حيث كان نجما في المسرح والتلفزيون ومات وهو ينتظر الانتهاء من بناء قصره الجديد في احد أرقى إحياء القاهرة والسبب هو الثقافة المسرحية والفنية والتجديد والتطوير الذي تضيفه ثقافتك الفنية عليك من عمل إلى عمل آخر .