نواصل اليوم سرد قصة مثل شعبي تداوله الناس قبل أكثر من قرن وسط المملكة العربية السعودية وتحديداً جنوبي منطقة القصيم. المثل نصه باللهجة العامية: " الجريش هو نفسه بس الايدين اللي حافت الجريش ما كزيته لك". وبعدما غادر الملك عين العقيلي، صار أمير المذنب (آنذاك) فهد العقيلي، يتحرَّى (يستطلع) عودة الملك للرياض، لكي يبعث له الجريش، فلما بلغته أخبار عودة الملك للرياض، كلّف أحد رجاله الثقاة أن يحمل معه عدداً من أكياس الجريش، وأن يذهب بها إلى الرياض، وبعدما يصل يسأل عن قصر الملك، ومن ثم يسلمها للمسؤول عن الضيافة ويخبره برسالة يوصلها للملك مفادها أن "هذا هو الجريش الذي طلبه طويل العمر من فهد العقيلي". وصل الجريش لقصر الملك، وتم استلامه، وطُبِخ من قبل طهاة القصر، وقُدِمَ للملك وأُخْبِرَ جلالته أن "هذا هو الجريش الذي كنت طال عمرك قد طلبته من فهد العقيلي أمير المذنب لما أكلته عندهم". تذوق الملك الجريش، فوجد مذاقه مختلفاً عما كان قد تذوقه عند فهد العقيلي عندما مرهم (زارهم) في ديرتهم "عين العقيلي" بالمذنب. فقال الملك لحظتها كلمته المشهورة: "هذا مهوب الجريش اللي أكلناه عند فهد العقيلي إلى جا للرياض يمرنا". مرت الأيام، وزار فهد العقيلي الملك في الرياض ودار الحديث بينهم عن أحوال الناس ومعاشهم. ثم قال الملك للعقيلي "يا فهد أكلنا عندك جريش زين مرة وأرسلت لنا شي مختلف". فقال فهد العقيلي الكلمة التي راحت (فيما بعد) مثلاً وهي: "الجريش هو نفسه بس الايدين اللي حافت الجريش ما كزيته لك". وكان العقيلي يقصد أن طبخ الجريش يتطلب نوعاً من العناية ومتابعة الاهتمام به لساعات على نار هادئة، وأن السبب في تغير مذاقه هم الناس الذين قاموا على طبخه. والناس تعرف أن طبخ الجريش يحتاج جهداً كبيراً، وناراً هادئة، ومتابعة لساعات لكي يكون مذاقه طيباً لذيذاً.