في المحطة الثالثة من كتاب دبلوماسي من طبية لمعالي د. نزار عبيد مدني، يتناول معاليه أولى خطواته العملية في سلك الدبلوماسية وذلك بعد عودته من القاهرة بعد انهاء دراسته الجامعية ويصف د. نزار بداية مشواره في وصف سردي فيقول: كان من الطبيعي بعد ذلك أن أُولي وجهي شطر المدينة التي كانت تقع فيها وزارة الخارجية في تلك الأيام، وهي مدينة جدة كان أول ماطرأ على ذهني حين وصولي إلى جدة قادماً بالسيارة من المدينةالمنورة هو مقولة كنت قد سمعتها مؤداها أن المدن كالبشر .. يعشق الانسان بعضها من أول نظرة، فلقد كان أول انطباع توفر لدي عن مدينة جدة هي أنها واحدة من تلك المدن التي تجبرك على أن تحبها من أول زيارة لها، لما تتميز به من حيوية، وجمال ساحر، وحركة دائبة لا تهدأ آناء الليل وأطراف النهار. اكتشفت فور وصولي إلى جدة أن سحر هذه المدينة وجمالها _ شأنها في ذكل شأن المدن الساحلية - يرتبط ارتباطاً مباشراً بالبحر، فهناك علاقة أزلية وعشق لا يفقد توهجه وحضوره الدائم بين جدة والبحر ، فهي قد استمدت من البحر سحرها ورونقها ، تتدثر في أحضانه، وتعانق زرقته في شغف مستمر، وتشنف آذانها بموسيقى خرير مياهه وارتطام أمواجه بالصخور عند قدميها وهي تودع رحلتها الطويلة القادمة من بعيد .. من أعماق البحر الصاخبة. هذه هي جدة .. تسكن البحر ويسكنها، كان في يوم من الايام ، وما يزال، مصدر حياتها وحياة سكانها ومصدر عيشهم ورزقهم، وهي اليوم تشرب من مياهه ، كما كانت بالأمس عندما كانت "الكنداسة" تمد سكانها بمياه الشرب لتخلصهم من الاعتماد على مياه الصهاريج التي تتجمع فيها من الأمطار. وعبر هذه العلاقة الأزلية بين جدة والبحر استحقت هذه المدنية عن جدارة لقب "عروس البحر الأحمر" بعد أن خرجت من صدفتها وامتدت بامتداد شاطئها من الجنوب إلى الشمال لتكون بذلك بحق أجمل مدينة على ساحل البحر الأحمر ، وعروسه التي لا تمل ضمه وعناقه. ومهما قيل في الآونة الاخيرة من أن العروس بدأت تشيخ وتهرم ، وبدأت بعض المظاهر غير الحضارية تفسد رونقها وتشوه جماليها وتنثر البثور على وجهها المضيء الجميل .. إلا أن ما تمتلكه من مقومات ، وما تتميز به من إمكانيات سيتيح لها استعادة بريقها وتوهجها ، واستمرار قدرتها الفائقة على جذب الناس إليها سياحاً ومستثمرين وأصحاب أعمال وتجارة وزوارا ومعتمرين. ويبدو أنني - شأن الكثيرين غيري - قد وقعت في حب هذه المدينة من اول نظرة، ومع أنه لم يسبق لي أن اقمت فيها، إلا أنها من المدن التي توقعك في شراكها وتجعلك تألفها وتعتاد على العيش فيها بأسرع مما تتصور، شأنها في ذلك شأن بعض الأشخاص الذين تلتقي بهم لأول مرة، ولكن سرعان ما تنمو العلاقة بينك وبينهم وتتعمق وتترسخ حتى تشعر أنك تعرفهم منذ سنين عديدة، ومع أني نشأت وتربيت في بيئة صحراوية جافة، وكنت لا أطيق رطوبة جدة الخانقة حينما كنا نزورها بين الفينة والأخرى، إلا أنني بعد الإقامة فيها تعودت حتى على رطوبتها ولزوجة هوائها الصيفي المعهود. تحقيق الحلم وتوقعات والدي "رحمه الله" أخيراً قدر لتوقعات والدي ، يرحمه الله، أن تتحول من مجرد تنبؤات وآمال إلى حقيقة وواقع ، وتم تحقيق الهدف الذي كنت أتطلع إليه والذي كانت جميع العوامل النفسية والدراسية والعملية تهيئني له منذ نعومة أظفاري، وهو الالتحاق بالسلك الدبلوماسي. ففي يوم الخميس الثالث عشر من شهر شوال عام 1384ه الموافق للثالث من شهر فبراير عام 1965م، صدر القرار الوزاري بتعييني "ملحقاً" في وزارة الخارجية على المرتبة الخامسة " نظام قديم". بعد صدور القرار بأيام قلائل دخلت مبنى الوزارة للمرة الرابعة في حياتي، كان دخولي هذه المرة مختلفاً عن المرة الأولى التي قدمت فيها طلب الالتحاق بالوزارة ، وعن المرة الثانية التي اديت فيها الامتحان التحريري ، وعن المرة الثالثة التي اجريت فيها المقابلة الشخصية، كان دخولي هذه المرة بعد ان غدوت بشكل رسمي موظفاً حكومياً في الدولة، أو بعبارة أخرى "دبلوماسياً في وزارة الخارجية". توجهت من بوابة الوزارة رأساً إلى إدارة شؤون الموظفين التي كانت تقع في الدور الثاني من المبنى لكي أتسلم التكليف بالعمل المسند إليّ، وكذلك لمعرفة الإدارة التي تقرر أن اعمل فيها. صدمة الارتطام بأرض الواقع وعلى الرغم من أن المسافة التي قطعتها في ذلك المشوار لم تتعد أمتارا محدودة، ولم تستغرق سوى دقائق معدودة، إلا أن الأفكار والآمال والطموحات التي جالت في ذهني وهام بها خيالي وتراءات أمام خاطري وأنا اقطع تلك المسافة القصيرة تجاوزت - بمراحل - الواقع الذي كان عَلَيّ أن أواجهه، وتخطت بكثير الحقيقة التي كان عَلَيّ أن أتقبلها وأتعامل معها. لم أكن أعلم أن الأحلام الوردية والطموحات الجامحة لابد أن تواجه في البداية بصدمة تعيد لها توازنها، وتهبط بها من التحليق في عالم الخيال إلى الارتطام بأرض الواقع، جاءت الصدمة على لسان الموظف المسؤول بإدارة شؤون الموظفين.. لقد تمت إحالتك إلى الإجارة القنصلية " تحولت فيما بعد إلى شعبة" للعمل في قسم "القائمة السوداء"، لم تكن الإدارة القنصلية - مع تسليمي بأهمية العمل الذي تقوم به، ناهيك عن قسم القائمة السوداء - هي منتهي طموحات ومبلغ تطلعات شاب درس العلوم السياسية لمدة اربعة اعوام، وصال وجال بين النظريات السياسية والفكر السياسي والتنظيمات الدولية. و"القائمة السوداء" - ويطلق عليه مسمى "قسم" تجاوزاً لأنه لم يكن يضم سوى موظف واحد فقط - لايبرر على الإطلاق إسناده إلى خريج علوم سياسية أو علاقات دولية، كان كل ما يتطلبه ذلك العمل هو استلام "التعاميم" - كما كان يطلق عليها - الواردة من وزارة الداخلية والمتضمنة بيانات بالجرائم التي يرتكبها المقيمون في البلاد من غير السعوديين وتفريغها في "تعاميم" أخرى ترسل للسفارات في الخارج لوضع اسماء اولئك المجرمين على القائمة السوداء الموجودة نسخة منها لدى كل سفارة، موضحاً في كل تعميم اسم الشخص وجنسيته ومكان إدراجه على القائمة.. هذا كل ما في الأمر . ولا أكون مبالغاً إذا قلت إنه كان بوسع حامل شهادة ابتدائية أن يؤدي ذلك العمل. أكملت نصف ديني في النصف الثاني من ذلك الشهر يونيو 1967م الموافق ربيع الأول 1387ه " أقيم حفل زواجي ، وكان قد مضى على تعييني في الوزارة حوالى ثلاث سنوات ، وهي المدة التقريبية المحددة لانتقال الدبلوماسيين المعينين حديثاً للعمل بإحدى السفارات في الخارج، وهكذا فبعد مضي حوالى ثمانية اشهر على الزواج صدر بتاريخ 12/ 11/ 1387ه الموافق 10/ 2/ 1968م القرار الوزاري القاضي بنقل خدماتي للعمل بالسفارة السعودية في واشنطن ، لأطوي بذلك صفحة في مسيرة عمري ، وأفتح صحفة أخرى إيذانا بالانتقال إلى محطة جديدة قدر لها أن تكون من أهم وأخصب وأمتع مراحل حياتي. الانتقال إلى واشنطون كان يوماً مشهوداً ذلك اليوم الذي صدر فيه القرار الخاص بنقلي للعمل في السفارة في واشنطن . انتابني في ذلك اليوم شعور غريب امتزج فيه التوجس والرهبة بالتشوف والتطلع، الشعور بالتوجس والرهبة كان لسان حال شخصيتي الظاهرة التي فاجأتني بتجنيدها كل ما تملكه من وسائل الاقناع والتأثير لكي تثبط همتي وتوهن عزيمتي وتصرف ذهني عن إيجابيات القرار وجوانبه المشرقة إلى سلبياته ومحاذيره المحتملة. أما الشعور بالتشوف والتطلع فقد كان لسان حال شخصيتي المستترة التي زينت لي الأمر وشجعتني عليه وأشاعت في نفسي أجواء مفعمة بالأمل والتفاؤل والانشراح، وتطبيقاً لنظريتي المعروفة في اتخاذ القرارات فلقد قررت تغليب الجانب التفاؤلي على الجانب التشاؤمي، واستبدال الطمأنينة والراحة النفسية والاتكال على الله بالخيفة والرهبة والقلق. "نهى" التي بددت عتمة الغربة في خضم تلك الأجواء القاتمة والظروف الصعبة التي كنت أعيش فيها في بداية حياتي باميركا بلغتني بشرى سارة جاءت بمثابة النور الذي اضاء العتمة والفرحة التي كشفت الغمة واشاعت السرور والبهجة والانشراح، ففي صباح يوم 6/ 2 / 1388ه الموافق الثالث من مايو 1968م تلقيت برقية من جدة مفادها أنني رزقت بابنتي البكر "نهى"، في ذلك اليوم لم تستبد بي على الاطلاق الفكرة الشائعة في ثقافتنا بتمني أن يكون المولود الأول ذكراً، فلقد فرحت أيما فرح بنبأ مقدم "نهى"، والحق أقول إن شعور الانسان بأنه اصبح أباً لأول مرة يفوق الوصف ويتجاوز القدرة على التعبير عنه بشكل دقيق ومحدد، فإلى جانب الشعور بالسعادة والغبطة، هنالك الشعور بالرجولة، وهنالك الاحساس بالمسؤولية. بل وقد يصل الأمر الى حد التظاهر بالفخر والتباهي. ويبدو أن تأثير قدوم (نهى) لم يقتصر على إزالة هواجس الغربة، وتخفيف لواعج الحنين إلى الديار، ولم يكن من شأنه أن يبدل وحشتي أنساً، وقلقي هدوءاً ودعة فحسب، بل إنه فتح الباب على مصراعيه لانفراجات كثيرة في أموري الحياتية والمعيشية، وكان بالفعل بشيراً بالخير والبركة،حيث توفقت في استئجار شقة مناسبة في عمارة تقع بمدينة "آرلنجتون" بولاية "فيرجينيا" المتاخمة لواشنطن العاصمة. مرحلة استكشاف استطيع أن أقول الآن إن تلك ا لمرحلة والتي تشكل القسم الأول من السنوات العشر التي قضيتها في عملي بالسفارة في واشنطن كانت بمثابة مرحلة استكشاف واستطلاع من جهة، وتهيئة وتعبئة من جهة أخرى للمرحليتن اللاحقتين واللتين شهدتا تغيراً ملحوظاً سواء في عمل السفارة ومناشطها، أو في دوري ومسؤولياتي وحجم الأعمال التي كانت مناطة بي. مع بداية القسم الثاني من السنوات العشر التي قضيتها في واشنطن والذي خصصت له المدة من عام 1971م إلى عام 1975م، طرأت بعض المستجدات المهمة التي كان لها تأثيرات ملموسة على حياتي العائلية من جانب، وعلى عملي في السفارة من جانب آخر، وعلى عمل السفارة بصفة عامة من جانب ثالث. يوم استشهاد الملك فيصل كان أبرز حدث شهده القسم الثالث من السنوات التي قضيتها في واشنطن - والذي خصصت له المدة من عام 1975م حتى عام 1978م - هو استشهاد الملك فيصل ، لقد كان يوم الثلاثاء الخامس والعشرون من شهر مارس لعام 1975م الموافق للثالث عشر من شهر ربيع الأول عام 1395ه يوماً أسود ليس في تاريخ المملكة فحسب، بل وفي تاريخ العالمين العربي والإسلامي. في ذلك اليوم المشؤوم أفل نجم ساطع في سماء السياسة الدولية، ورحل عن هذه الدنيا الفانية قائد ورجل دولة من الطراز الأول فرضت شخصيته نفسها على الأوضاع السياسية في تلك المرحلة، وترك رحيله جروحاً غائرة وندوباً عميقة في جسد الامتين العربية والإسلامية، كنت واحداً من الملايين الذين نزل عليهم نبأ اغتياله، يرحمه الله، نزول الصاعقة، ولعل الظروف الشخصية التي عشتها في ذلك اليوم جعلتني لا أنسى ما حييت مسلسل الاحداث التي تواكبت وتكاتفت لتجعل منه يوماً عصيباً بكل ما تحمله الكملة من معنى، كنت اسمع من كبار السن وذوي التجربة والدراية أن الإنسان تمر عليه أيام تتكالب فيها المصاعب ، وتتوالى فيها الأخبار السيئة، وتتجمع فيها الأحداث الجسام، وتتراكم فيها الأوقات العصيبة، وأن على الإنسان إذا مرت عليه مثل هذه الأيام ان يتحلى بالصبر ورباطة الجأش والتحمل حتى تنقضي وتزول آثارها بأقل قدر ممكن من الضرر أو الأذى، وكنت أظن أن مثل هذا القول يفتقر إلى الواقعية وقد لا يخلو من مبالغة، إلى أن أثبتت لي التجربة العملية الواقعية التي خضتها في تلك الأيام صدق ذلك القول وحقيقته. المجتمع الأمريكي ويستطرد الكاتب في وصفه للمجتمع الأمريكي فيقول: يفتخر المواطن الأمريكي بأنه ينتمي إلى أكثر المجتمعات البشرية حرية، وبالفعل فدستوره وقوانينه تعطيه ضمانات تؤمن له هذه الحرية وتصونها وتحميها، وتمنحه حق التعبير عن نفسه، ومحاسبة حكومته، وتكفل له اختيار ممثلين دون تدخل سافر، وسحب ثقته ممن يسيئون استغلال سلطتهم ، ولا يقتصر الأمر عند هذا المستوى السياسي أو الاجتماعي، فشعور الانسان الامريكي بالحرية يمتد حتى يصل إلى تفاصيل حياته الشخصية، فهو يمتلك حرية كاملة في اختيار نوع التعليم الذي يريده، وهو حر في اختيار نوعية العلاج الذي يتلقاه، وفي اختيار صاحب العمل الذي يعمل عنده، وفي أن يغيره متى شاء لو اتيحت له فرصة أفضل ، بل إن الابن والابنة لهما الحرية في ترك منزل العائلة والبدء في حياة مستقلة مادياً ومعنوياً منذ اللحظة التي يشعران فيها بالرغبة في الاستقلال. العودة إلى جدة 1398 بعد عشر سنوات امضاها معالي د/ نزار عبيد مدني في امريكا هاهو يعود إلى أرض المملكة بشخصية جديدة صقلتها تجربة العمل والغربة والتي يقول عنها حين عدت إلى الوطن بعد تخرجي من الجامعة في القاهرة كنت شاباً في مقتبل العمر ، يجهل متى وكيف يبدأ مسيرته العملية ويحدد مساره العلمي، عديم التجربة، لايحيط علماً ولايفقه كثيرا من مداخل ومخارج ومزالق العلاقات الاجتماعية والانسانية، لا يقدر معنى وتبعات المسؤولية ،خاليا من أية ارتباطات عاطفية أو زوجية أو أسرية ، قليل الاعتماد على الذات، كثير الاتكالية على الآخرين خاصة فيما يتعلق بتأمين مصادر عيشه وحياته أوترتيب اموره وشؤونه الخاصة والمنزلية. بعد ما ينوف على الأربعة عشر عاماً من ذلك التاريخ، عدت إلى الوطن بوضع مغاير تماماً، وبشخصية مختلفة كل الاختلاف، عدت مزودا برؤية واضحة ومحددة لحاضري ومستقبلي، عدت مسلحاً بشهادات عليا حققت طموحاتي وارضت تطلعاتي واكسبتني فهماً أعمق وإدراكاً أشمل، ليس فقط لجوانب ومجريات المهنة التي اخترت أن أزاولها، بل ولحقائق وواقع العلاقات الدولية التي تدور في فلكها السياسة الخارجية لبلادي، عدت مدعوماً بثقة راسخة في النفس، واعتماد كبير على الذات، وشعور متزايد بالمسؤولية. أجمل هدايا العودة وأخيراً وليس آخراً عدت إلى الوطن مصحوباً بأسرة صغيرة لم تكتف بأن تشيع في حياتي اجواء من السعادة والحب والطمأنينة ولم تقتصر على ملء الفراغ العاطفي والنفسي الذي عشته إلى أن رزقني الله الزوجة الصالحة والابناء البررة، بل إنها بعد هذا وذاك ساعدت على صقل شخصيتي ونضوجها وتنمية قدرتي على تحمل المسؤولية وهو ما كان يمثل بالنسبة لي نقلة نوعية في بناء شخصيتي المستقلة، آخذاً في الاعتبار الظروف التي نشأت وتربيت في كنفها والتي ادت إلى اعتمادي الكامل على الآخرين في كافة شؤوني وأموري الحياتية والمعيشية. لقاؤه بسمو الأمير سعود الفيصل يصف معالي د. نزار مدني لقاءه بصاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل عقب عودته من واشنطون إلى جدة فيقول: بيد أن شعوري بأهمية المقابلة مع الأمير سعود والتي كنت أتلهف عليها وأتطلع إليها باعتبار أنني سأتمكن خلالها من معرفة المهمات التي ستسند لي في إطار عملي بمكتب الوزير، بالإضافة إلى حس الاستقبال والبشاشة والتواضع الجم الذي لمسته من سموه في بداية المقابلة بِدّدَ كثيراً من تلك الرهبة والهيبة وأحل مكانها شعوراً خافتاً في البداية ومتنامياً بعد ذلك بالاطمئنان والارتياح، كان الأمير سعود كعادته التي ميزت شخصيته وتعامله مع الموظفين والتي أَلِفتُها منذ ذلك الحين.. واضحاً في رؤيته، دقيقاً في عباراته .. موجزاً في كلامه، سلساً في عرضه، حدد المهمات التي يرغب مني القيام بها على النحو الآتي: -أولاً- الاطلاع على كافة التقارير التي ترد إلى مكتب الوزير من السفارات في الخارج ووضع ملخص لكل تقرير يحتوي على أبرز النقاط الواردة فيه. - ثانياً: حضور الاجتماعات والمقابلات التي يجريها سموه مع الوفود الأجنبية الزائرة على مختلف مستوياتها وتكوينها. - ثالثاً: إعداد تقرير يتضمن تصوراً حول إنشاء وحدة أو إدارة أو مكتب جديد في الوزارة يتولى كافة الشؤون والقضايا المتعلقة بالإعلام. استفاض سموه قليلاً في الحديث عن هذه المهمة مركزاً على أهمية العملية الإعلامية في دعم العمل السياسي والدبلوماسي، وافتقار الوزارة إلى وجود جهة مسؤولة عن مثل هذا الجانب، مضيفاً في نهاية المقابلة، وربما من باب تحفيز الهمة وإذكاء العزيمة: "وستكون أنت المسؤول عن هذا النشاط من الآن فصاعداً". يتبع.............. الرياض - الحصاد