أطلقت الحكومة مؤخرًا مبادرة تهدف للحدّ من المخالفات المرورية، تم بموجبها عرض تخفيض بنسبة 50 بالمائة على الغرامات المستحقة، وللإستفادة من هذا التخفيض، يجب سداد جميع المخالفات المرورية المتراكمة خلال (6) أشهر، باعتبار هذه الفترة، فترة سماح قبل اتخاذ الخطوة الصارمة المتمثِّلة في تجميد الحسابات المصرفية، علما بأن هذا الإعلان، يأتي -كما أكد ذلك المتحدث الرسمي للإدارة العامة للمرور العقيد منصور الشكرة-، إنفاذاً لتوجيه القيادة بتخّفيف أعباء تراكم المخالفات المرورية على أصحاب المركبات، وبما ينعكس إيجابياً على عدم تكرار المخالفة، بالإضافة إلى أن هذا الإعلان يهدف إلى حثّ المجتمع على الالتزام بالسلامة المرورية للمحافظة على الأرواح والممتلكات، وتعّزيز السلامة المرورية في طرق المملكة للمواطنين والمقيمين والزوار، وعدم تكرار ارتكاب المخالفات المؤثرة في السلامة العامة، والإسهام في تعّزيز وعي المجتمع بالتقيُّد بالأنظمة المرورية بما يحقِّق السلامة لمرتادي الطرق. كانت فترة السماح المحدّدة بستة شهور، أكثر من كافية للمخالفين لتسّوية مستحقات المخالفين وتصحيح أوضاعهم، فتجد هناك من اغتنم الفرصة الذهبية واستفاد من نسبة التخفيض . في تضاعيف هذه المبادرة المرورية، تلقيت مكالمة هاتفية من أحد أقاربي كان في حالة من القلق، أبلغني خلالها أنه تم تجّميد حسابه البنكي لسبب غير مفهوم، لدرجة أنه لم يتمكن من السحب من حسابه البنكي ، وعندما تواصل مع البنك، اكتشف أن السبب كان غرامة مرورية لم يقم بدفعها، وعلى الرغم من أن مبلغ الغرامة كان صغيرًا مقارنة برصيده البنكي، إلا أنه تم تجّميد حسابه، وفي محاولة يائسة من جانبه لحلّ المشكلة، لجأ لأحد أصدقائه لسداد المخالفة، وعندها فقط تم رفع التجّميد عن حسابه البنكي . عندما أخبرني قريبي هذا بما حدث له جراء عدم تسديده للمخالفات المرورية، لم أملك إلا أن أقول له إنه نال ما يستحق، إذ لم يكن هناك أي سبب على الإطلاق لعدم القيام بدفع الغرامات في الوقت المحدّد، باستثناء أولئك الذين يعانون من ضائقة مالية حقيقية، ما يؤكد على إهمال البعض في دفع الغرامات المستحقة عليهم، الأمر الذي يؤدي إلى عواقب كان في الإمكان تجنّبها. بصراحة، ليس لديّ أي تعاطف مع أولئك الذين يتجاهلون قوانين المرور، بل أنني دعوت لفرض عقوبات صارمة على المخالفين لضمان سلامة طرقنا، وأذكر في هذا الصدد أنني كتبت في أغسطس الماضي، مقالاً أقترح فيه زيادة الغرامات المرورية، وقلت فيه إن السائقين المتهورون لا يختلفون عن الإرهابيين، لأنهم يمارسون نوعاً من الإرهاب الخاص بهم على الطرق السريعة، حيث فقد الكثير منا أحباءه، أو عرف شخصًا أصيب بجروح خطيرة بسبب حوادث المرور، علماً بأن المعاناة الناجمة عن مثل هذه الحوادث، والتي بالإمكان الوقاية منها، لايمكن قياسها. لا أعلم إن كانت القوانين الحالية بشأن تعّليق رخص القيادة لمرتكبي الجرائم المتكرِّرة مفعَّلة أم لا، بيدَ أنه ينبغي تنفيذها بصرامة، و يجب على السائقين الذين ينتهكون قوانين المرور بشكل متكرِّر، مواجهة النظام القضائي لتحّديد ما إذا كانوا مؤهلين للقيادة. رغم أن تجربة قريبي هذا كانت مؤسفة، إلا أنها تسلِّط الضوء على نقطة مهمة وهي أهمية الالتزام بأنظمة المرور، إذ لا يتعلّق الأمر فقط بتجنُّب الغرامات، بل بتعَّزيز ثقافة المسؤولية، والسلامة على طرقاتنا، كما نحن بحاجة إلى إجراءات أكثر صرامة لضمان بقاء طرقنا آمنة للجميع. قد تبدو العقوبات قاسية، لكنها ضرورية لمنع القيادة المتهوِّرة، وحماية الأرواح، فلتكن هذه دعوة لنا جميعًا، لاحترام قوانين المرور وإعطاء الأولوية للسلامة على الراحة، ذلك أن الالتزام بأنظمة السلامة وعدم ارتكاب المخالفات المرورية، يسهم في التقليل من الحوادث المرورية ،ويحقِّق السلامة لجميع مستخدمي الطرق.