لأول مرة في حياتي لا أعرف من أين أبدأ ولا أجد مفردات تترجم إحساسي، المصاب جلل والفقد كبير، فماذا عساني أقول في رحيل الشخصية التي عاصرت كل تفاصيل مكوناتي من النطفة إلى أن أصبحت رجلاً، وكانت سبب وجودي في الحياة بعد أمر الله، وهي مصدر كل خير أنا فيه . قبل أيام رحلت أمي الغالية عن هذه الحياة الدنيا تاركة خلفها أثراً كبيراً من الخيرات عند كل من يعرفها ومن لا يعرفها، رحلت أمي المحبة للخيرات من صلاة وصيام وصدقات وصلة أرحام وأصدقاء وجيران وإطعام الطعام، كانت تفرح بالضيف وتفريج الكربات والوقوف مع المحتاج حاثّة لنا على وحدة الصف والكلمة والعفو عن التجاوزات والإساءات وصلة الأرحام وأن نكون ثمار خير ننفع حينما نكون إنعكاساً لها فهي كالغيث أينما وقع نفع، فالغيث إذا أقبل استبشر الناس به، وإذا حطّ نفعهم ،وإذا رحل ظل أثره وإذا غاب اشتاقوا إليه . أمي في كل تفاصيلها جميلة ،وهي تحب الجميل من كل شيء ، في مرضها ضاقت بي الأرض بما رحبت، وصغرت في نظري عظائم الأمور، وتلاشت كل ملذات الحياة وأصبحت أرى الحياة من خلالها، قبل وفاتها -رحمها الله- بأيام ،قلت لها إن شاء الله سوف ترجعين إلى بيتك ،قالت: بيتي أين ؟قلت: في أملج، قالت: يا "وليدي" بيتي في الجنة. رحمك الله يا أمي، أسأل الله أن يغفر لها ويرحمها ويسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم آنس وحدتها، وآنسها في وحشتها ، اللهم أنزلها منزلًا مباركًا، وأنت خير المنزلين، إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا أمي لمحزونون .