يقولون لنا إن صحة الطفل هامة جداً وعلينا مسؤولية رعايته عقلياً وجسدياً حتى يكبر ويصبح إنساناً فعالاً في المجتمع ونافعاً للبشرية ، ونقول: حسناً هذا حق وواجب ، فنقوم بدورنا ونقدم له كل ما يحتاجه للشعور بالعطف والحنان ، وكل ما يتطلبه من تغذية سليمة ولياقة بدنية وتوعية فكرية ، ولكن هل يكفي هذا الاهتمام بطفلنا كي ينمو وينهض وتعزز شخصيته من غير أن يكون هناك هيئات تربوية ومؤسسات تعليمية وإجراءات قانونية تدعم الطفل وتصون ما نشأ عليه من أفكار قيمّة وسلوك قويم؟ كيف نستطيع أن نضبط عادات طفلنا اليوم ، وهو يواجه مغريات الطعام الجاهز والحلويات المصنّعة في الشارع والمدرسة ؟ كيف لنا أن نحدّ من رغباته في شراء الأكلات الطيبة ( شيبس ، بسكويت ، سكاكر ملونة ، وعصائر محلاة ، ومعجّنات) ، ونستبدلها بتفاحة طازجة وسندويتشه زيت وزعتر وجبن بلدي؟ كيف لنا أن ننزع من يده ألواح الآيباد وغيرها من الأجهزة الصماء ونستبدلها بقصة ورقية تريح أعصابه وتمتع ناظريه ؟ كيف لنا أن نستدرجه إلى أحضاننا بدل الانزواء في الزوايا المظلمة ؟ كيف لنا أن نشجعه على اللعب في الحدائق العامة واستنشاق الهواء النظيف بدل الأماكن المغلفة والألعاب الكهربائية التي قد تشكِّل خطراً عليه حين الاخلال بقوانين سلامتها ؟ كيف لنا أن نعلِّم طفلنا آداب الحوار والإصغاء وهو محاط بمن يرفعون الصوت ويشتمون الآخر ؟ كيف لنا أن نجنِّب طفلنا مضار الدخان والنرجيلة التي تؤثر سلباً على استيعابه وتفكيره وبعض من أهله لا يحلو لهم التدخين إلا في حضرته ؟ كيف لنا أن نطلب من طفلنا التركيز في الدراسة وقد ورطناه بهاتف ذكي يرن في يده على مدار الثانية ثم أغرقناه بمؤثرات صوتية وأخرى مرئية لا تهدئ ولا تتوقف ؟ لقد أصبح التشوّه البصري والتلوّث السمعي، محاطاً بطفلنا حيث خرج وأنىّ عاد ، وما علينا كآباء ومربين إلا انتشاله من مستنقع الفشل وكآبة المنظر ، راجين من القائمين على التربية والطفولة أن يوجهوا بإعادة النظر في مسألة التغذية غير الصحية للطفل، وأن يضعوها في سلم الأولويات ، فيمنعوا بيع أو تناول أو التهادي بكل ما تم ذكره في الروضات والمدارس ، لما لها من آثار على تسوس الأسنان والتهاب اللثة وتراكم الدهون وفرط الحركة ، وأن يكثفوا من الحملات التوعوية الضرورية التي تسهم في تألق الطفل ولا تعيق تقدمه. ويا بلادي واصلي بأطفالك جيل المستقبل وبناة الوطن والله يحميك إله العالمين.