قد لا تكون كلمة فتق غريبة على مسامعنا، فلربما صادف أحدنا من يذكرها، أولربما سمعنا عن شخص أجريت له عملية من أجلها، والفتوق بالإضافة لإشكالياتها الطبية فإنها تحمل إشكاليات جمالية واجتماعية ونفسية، وبالطبع منها البسيط ومنها الخطير، وسنحاول أن نلقي الضوء على واحد من أهم الفتوق التي تحصل عند الأطفال ، ألا وهو الفتق الإربي، فما هو هذا الفتق؟، وماهي مشاكله؟، وهل من معالجة له؟، فلنسافر إلى بعض أسراره علنا نحظى ببعضها: ويقول د. عبدالمطلق السح إن الفتق حالة تنجم عن خروج جزء من أعضاء الجسم من مكانه الطبيعي و توجهه لمكان آخر داخل الجسم أو خارج حدوده، و غالباً ما يكون السبب هو عدم انغلاق ذلك المكان الذي يفترض به أن يشكل حاجزاً طبيعياً يمنع الإنفتاق، أو أن هذا الإنغلاق يكون غير كامل لسبب أو لآخر، أو قد يكون الأمر متعلقاً بضغط زائد في مكان ما يدفع بأحشاء ذلك المكان نحو مكان آخر أقل ضغطاً أو غير ذلك. إن الفتوق الإربية هي تلك الفتوق التي تحدث في المنطقة عند اتصال أعلى الفخذ مع أسفل البطن، و هي الحالة الأكثر احتياجاً للجراحة بعمر الطفولة، و تحدث بنسبة (10-20) من كل ألف ولادة حية، و تصيب الذكور أربعة أضعاف ما تصيب الإناث، و نصف حالاتها تظهر قبل عمر سنة من العمر، و معظمها ترى في الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع، و توجد هذه الفتوق في الجهة اليمنى في (60%) من الحالات، و في اليسرى في (30%) ، و تكون ثنائية الجانب في (10%)، أما الخدج أو المولودون قبل الأوان فحصتهم كبيرة قد تصل إلى (30%) منهم. ينجم معظم هذه الفتوق عن بقاء اتصال مابين جوف البطن إلى داخل القناة الإربية باتجاه كيس الصفن عند الذكور و الشفر عند الإناث، و فشل التحام هذا الرتج أو الإتصال بشكل كامل يؤدي لفتق كامل، أما انسداده في المنطقة البعيدة و بقاء جزئه القريب سالكاً فيؤدي لفتق يدعى باللامباشر و يمثل أكثر الحالات، أما انسداده من مكان قريب دون البعيد فيؤدي لما يدعى بالقيلة المائية في الخصية، و الإنسداد القريب و البعيد دون الوسط نتيجته قيلة في الحبل المنوي. أما بخصوص المعالجة فإنها الجراحة بأقرب وقت ممكن تجنباً للإختلاطات و من بينها اختناق الفتق و خصوصاً في السنة الأولى، و العملية بسيطة، و يمكن للمريض بعدها مباشرة المغادرة للمنزل، و يحتفظ بالإستشفاء للذين لديهم مخاطر إضافية من قلبية أو تنفسية أو غير ذلك، أما القيلات المائية في الخصية فغالباً ما تشفى من تلقاء نفسها خلال السنة الأولى، و لا جراحة لها اللهم إلا قيلة الحبل التي كثيراً ما يرافقها الفتق، و إذا استمرت القيلة لما بعد السنة فهي غالباً فتق يلزم علاجه. و عن اختلاطات هذه الفتوق نذكر انحشار المحتويات فيها و ما يتلو ذلك من انسداد بالأمعاء مع تقيؤ و إمساك و انتفاخ بالبطن، و قد ينحشر المبيض عند الإناث، كما قد ينحشر أي عضو آخر داخل البطن، و حالما يضطرب وصول الدم للعضو يحدث ما ندعوه بالإختناق الذي يستدعي الجراحة الإسعافية، و يحدث الإنحشار في (9-20%) من الحالات و خصوصاً بالسنة الأولى من العمر، و يكثر عند الإناث و الخدج، و يتظاهر على شكل كتلة ثابتة مؤلمة، و يتكدر مزاج الطفل و لا يحتمل الإرضاع و يبكي بشدة، و يمكن للجلد فوق الكتلة أن يتوذم أو يتبدل لونه قليلاً ، و لكنه لا يحمر و لا يؤلم كما يحدث بالفتق المختنق، و بهذه الحالات ينبغي رد الفتق بشكل محافظ، و ينجم ذلك في (95%) من الحالات، و من غير المعتاد أن تلزم الجراحة الإسعافية في هذه الحالات، و بعد الرد و خلال يوم أو يومين تجرى الجراحة بعد زوال الوذمة، أما بالإختناق فيتسرع القلب و تحدث الحمى و تحمر كتلة الفتق و يشتد ألمها، و لا مفر من جراحة فورية رغم ندرة ذلك.