نعلم جميعاً أن السكن هو أحد الحاجات الأساسية للإنسان ومن أجله نبذل الكثير من أجل الحصول عليه ، وقيمته تعتمد على جودته وموقعه من الخدمات ، وهناك ميزة كبيرة تعني لنا في المجتمع السعودي أهمية كبيرة وهي الجيران ، فالجار في ديننا الإسلامي له منزلة وقيمة كبيرة ففي الحديث الصحيح الذي روته عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه". إنتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سكن العمالة وسط الأحياء السكنية ، هذه الظاهرة التي تجاوزت المدن الكبرى ووصلت للمحافظات ، وأصبحت مصدر قلق وإزعاج للسكان وكان لها الكثير من الإنعكاسات السلبية على السكان ، التي من أبرزها إنعدام الخصوصية لجيران المبنى المؤجر على العمالة ، فلكم أن تتخيلوا وضع أسرة لديها فناء وسطح تخرج إليه لتقضي أوقات جميلة ويجاورهم عمارة سكنية يسكن بها 100 عامل مختلفي الديانات و البيئات والثقافات لا يغضّون البصر ولا يعني لهم الجار شيئاً ، والإزعاج في الأصوات وكثرة السيارات والتحرّشات المختلفة ، هذه قطرة من بحر المعاناة اليومية التي يعيشها السكان ، بالإضافة إلى ذلك أن هذه الظاهرة خلقت أزمة سكانية بسبب المردود المادي الكبير الذي تغري به الشركات أصحاب المباني . وتؤكد الدراسات الاجتماعية والأمنية أن تنامي ظاهرة مساكن العمالة داخل الأحياء يؤدي للعديد من الآثار الأمنية والاجتماعية التي تضر بالفرد والمجتمع ، حيث تشير تلك الدراسات إلى أن وجود سكن للعمالة في وسط الأحياء السكنية ، يفقد تلك الأحياء الطمأنينة التي تمكن ساكنيها من التواصل دون محاذير وتوجس ، ويغيّب الخصوصية التي تتمتع بها الأحياء السكنية من مظاهر الهدوء والتواصل بين السكان إجتماعياً بشكل مستمر من خلال اللقاءات والزيارات ولعب الأطفال في الساحات والحدائق ، إلاّ أن وجود سكن للعمال في وسط الحي يقيد من حركة التواصل الإجتماعي بين ساكنيه، ويفرض قيوداً ومحاذير عليهم تحدّ من تواصلهم، وتضطر بعض الأسر إلى منع أطفالهم من اللعب في الساحات القريبة التي يلتقي فيها أبناء الحارة، وتقلّل من إنتاجية رب الأسرة في العمل أو المرأة العاملة الذين يخشون على أطفالهم ومنازلهم خلال بقائهم خارجها للعمل أو السفر . حسب علمي أن سكن العمالة وسط الأحياء السكنية ممنوع وأن سكن العمالة يُقر من لجنة مكونة من عدة جهات وعلى هذه الجهات أن تطرح هذه الظاهرة على طاولة النقاش وتخرج لنا بحلول تريحنا من هذه المعاناة اليومية ، وأقترح أن تخصص مناطق لإسكان العمالة وبهذا نجد حلاً لمشكلة سكن العمالة وسط الأحياء السكنية، وكلنا في خدمة الوطن .