أراني منهمكاً في قراءة ( remembering ) مذكرات المغنية الأيرلندية شنيد اوكنار Sinead O'connor والتي انتقلت الى رحمة الله في لندن قبل أقل من شهرين بعد إسلامها بخمس سنوات وهذا أحد أسباب حرصي على مذكراتها التي نشرتها قبل وفاتها بعامين حتى أني حاولت سماع بعض تسجيلاتها وقراءة الكلمات التي أجادت كتابتها لأغانيها ليس إعجاباً بأعمالها وطريقتها في الغناء ولكن رغبةً في التعرف على هذه السيدة التي عاشت حياة قاسية عجيبة في ظل أسرتها بسبب سلوك والدتها المريضة والتي ماتت تاركة شنيد تتقاذفها أمواج وعواصف كادت أن تفتك بها وهي في سن الرابعة عشرة وأقرب مفتاح لشخصية شنيد يمكن أن يكون ( الشجاعة ) دونما اعتبار للعواقب ودليل ذلك تمزيقها لصورة البابا أمام الجمهور في إحدى حفلاتها المزدحمة عام 1992 إحتجاجاً على الكنيسة على قضية التحرُّش بالأطفال في شجاعة أنكرها عليها البعض خوفاً على مسيرتها الفنية، وشهرتها التي بلغت أوجها ، وكذلك قصّها لشعرها إحتجاجاً على سلوك مخرج الفيلم الذي طلب منها الظهور أكثر أنوثة في الدور الذي أُختيرت له. من أسباب محاولتي التعرف على هذه الشخصية كان أولا موضوع إسلامها الذي قالت إنها اختارته بعد أن جربت كل شيء ووجدت في الإسلام ضالتها وطمأنينتها بعد حياة القلق والتمزق النفسي التي عانتها في طفولتها حتى انتحارإبنها، قائلةً : (إن تجربتي الطيبة الشخصية مع الأيرلنديين وخاصة العائلة التي عشت معها وتعاملت كأحد أفرادها وذكرياتي في دبلن التي درست فيها قبل أربعين عاماً وأسماء الشوارع التي وردت في صفحات هذه المذكرات والتي كنا نجوبها مشياً على الأقدام أو راكبين حافلات المواصلات العامة للمدرسة أو السوق أو المسرح وأجملها كانت رحلاتنا بالحافلة إلى شاطئ منطقة Bray حيث كنا نمضي عطلة نهاية الأسبوع أحياناً هناك ونعود مساءً ونقضي الطريق في مرح وضحك مع السائق أو الكمساري الذي حاول في إحدى المرات تقليد العرب في كلامهم ومستغرباً من مخارج الحروف العربية ،وأذكر حديثنا في الحافلة مع أحد العائدين من قوات حفظ السلام الدولية في لبنان). و أتذكر كذلك أن جاء رمضان وأخبرت سيدة البيت بعدم تجهيز الإفطار لي صباحاً فاستغربت وكان الإعلام في ذلك الوقت يتحدث عن إضراب سجناء الجيش للجمهوري الأيرلندي الشن فين ( IRA ) فقالت في هلع : هل جننتِ ؟ كأنها تظن أنني سأبدأ إضرابا تأثراً بما أراه كل مساء في التلفزيون أو تعاطفاً مع الشن فين( IRA ) . كان الأيرلنديون شعباً مفطوراً على طيبة القلب وكانت أياماً جميلة أعادتها إليّ شنيد اوكنار-يرحمها الله- في مذكراتها والتي أيقظت بعضاً من ذكرياتي.