لم يعد الآمدي أوالصولي يتحكمان ببلاغة البحتري أوأبي تمام،بل تخطت بلاغة الفضائيات العربية كل حواجز الطباق والظهار وغيرهما من بلاغة العرب التي يتناولها كتاب د.محمد مندور(النقد المنهجي عندالعرب)، فالمذيع يظهرعلى شاشة التلفزيون فيقرأ مقدمة الموضوع الذي يريد تناوله مع ظهور صورتين أوثلاث صور للضيوف الذين سيتكلمون ويعطي للواحد منهم دقائق للحديث في الموًتمر الصحفي الذي يستضيفهم به. ثم يختم بملخص لكل ضيف ويدلي هو بدلوه ملخصاً الموضوع كله في لمحة قصيرة هي الإيجاز البلاغي الذي لايملّه المشاهد كل يوم، وهذه البلاغة العربية الجديدة. فليعيد المتخصصون النظر باللغة العربية ليجدوا الإخلال بقواعد اللغة العربية الجميلة. ولعلّ من المناسب ،الإستشهاد ببعض ماورد في ورقة عمل د.علاء إسماعيل الحمزاوي في :"اللغة والإنسان" التي نظمها نادي جدة الأدبي قبل عدة سنوات، وتحدث المحاضر عن الفصحى العصرية الميسورة كتابة وشفاهة في الصحافة والتلفزيون والإذاعة والتقارير والخطاب السياسي الرسمي والخطاب الديني المعاصر ، فلا يتقعّرالخطباء بكلمات غير مفهومة للعامة في خطب الجمعة-مثلا- ولعلّ هذا كله ماجعل المفكرين يصفون اللغة العربية في القرن الماضي "بأنها لم تعش عصراً مزدهراً كما تعيشه من تلك المرحلة من التاريخ ، بسبب الإنتشار الواسع وغيرالمعهود من خلال التدفق في وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والمنطوقة، ما شجع على إنشاء مدارس وجامعات في بلدان غير عربية، وكان الشاعرحافظ إبراهيم -رحمه الله- قد أنشدنا قوله: أنا البحرٌ في أحشائه الدر كامنٌ فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي. ويستطردالحمزاوي فيشير إلى أن اللغة العربية-على الرغم من أنها لغة أمة بالغة-، فقد انضمت إلى لغات مجلس الأمن مع سبق عدة لغات لها وذلك لإهتزاز اللغة المنطوقة بين قُطر وآخر بعيداً عن الفصحى، ومن هنا تأتي أهمية التعريب للعلوم التجريبية كالطب والصيدلة مع استثناء المخترعات والمبتكرات الحديثة، فبقاؤها كما هي ، يدل على استيعاب اللغة العربية لها،وهذا رأيي لا رأي الحمزاوي،فأسماء السيارات مثلاً والعطور وأدوات التجميل والأدوية ،كلها استوعبتها اللغة العربية. وعلى الرغم من حالات الضعف التي تعيشها اللغة العربية ،فإن الفعل (ضرب)يمكن اشتقاق صيغ كثيرة منه مثل:رضب وبرض إلى آخره. وممّا يثلج الصدر، أن عدد المتكلمين باللغة العربية ، بلغ أكثر من مئتي مليون نسمة منتشرين في أنحاءالعالم. ويأتي إنشاء مجمع الملك سلمان للغة العربية واللغات العالمية ،تتويجاً ومواكبة لذلك.