عندما أتحدث عن التغيير،فإنني أقصد بذلك القول نفسي قبل أي شخص آخر، ولعلّني ألاحظ ذلك: حيناً بسعادة وحيناً بخوف ،عموماً كانت هذه مقدمة لما سأرويه لكم. من المعروف عني داخل دائرة الأهل والأصدقاء أنني صاحبة المركز الأول في التأخير وأتصدر قائمة أصحاب اللحظة الأخيرة، وأشمل في ذلك السفر، فإن حضوري إلى المطار في رحلاتي كان يحتمل أمريْن: إمّا الصعود للطائرة ركضاً ،أو حجز مقعد جديد على رحلة أخرى. تقول ست الحبايب:"من عاب ابتلى"، ربما كل ما حدث لي من تغيير هو ابتلاء لسخريتي. مثلاً من أصحاب الالتزام،أصبحت أكثر حرصاً على الحضور قبل الجميع وتحديداً في صالة المطار. ربما هذه نقطة إيجابية في العموم إنما حتى الإيجابي له نقاط تعكّر عليه إيجابيته، في إحدى الرحلات حضرت إلى المطار قبل الرحلة بساعتين، وهذا يعني أن أحضر معي ما يسليني حتى ينقضي الوقت، ولابد من التنويع في وسائل التسلية فالهاتف الجوال لا يكفي، عموماً أحضرت معي كتاباً للكاتب الرائع الدكتور غازي القصيبي بعنوان "استراحة الخميس"، وكنت في حماسة عالية أن أنهي جزءاً كبيراً منه خاصة وأنني قد وجدت استحساناً كبيراً ممن سبقوني في قراءته، للأسف ليس كل ما يخطط له يصبح قيد التنفيذ، في اللحظة التي عشت فيها مع الكتاب، بدأت تصدر صيحات وكثير من الحركة بالقرب مني، وصل الأمر إلى تحريك المقعد الذي أجلس عليه من قبل فتاتين صغيرتين كانتا مع والدتيهما والعاملة يجلسن بالقرب مني، نظرت في اتجاه المشهد وكانت ترتسم على وجهي ملامح الاعتراض وتنقلت نظرتي من الفتاتين إلى الأم ثم العاملة لتعود للفتاتين، مقدارالإزعاج الذي حدث جعل مجموعة من المسافرين يقومون بتغيير أماكن جلوسهم وكنت على وشك أن أفعل مثلهم إلا أنني لمحت نظرة يأس على محيا الأم جعلني أتراجع عن قراري لتدور مكانه في رأسي أمور أخرى مثل: لماذا لا تسيطر على بناتها.. لماذا لا تردعهم.. لماذا لا تغيير مكانها هي.. ماذا صنعت لتكون هذه نتيجة تصرف الفتاتين.. هل هي غير قادرةعلى توجيههن.. لماذا لم تستشر مختصين..ولماذا ولماذا.. ثم أدركت أن الأمور ليست دائماً تحت السيطرة وما نراه نحن خطأ قد يكون مفيداً للطفلتين وربما ما فعلناه نحن من قمع لأبنائنا في بعض الأحيان كان خطأ، في الأخير لكل شيخ طريقة . ومع نداء الصعود للطائرة ، كنت أدعو الله في نفسي ألا تكون تلك الأسرة معي على نفس الطائرة إلا أن حكمة الله اقتضت أن يكونوا على نفس الرحلة بل في المقعد الخلفي لمقعدي.