لقد غيرت الهند بشكل جوهري مسار نموها على مدى عقد من الزمن مع تحقيق إنجازات ملحوظة وفق تقرير مورغان ستانلي الأخير بعنوان " إستراتيجية إقتصاد الهند العادلة " كيف تحولت الهند في أقل من عقد حدثت فيها أكبر التغيرات والتي أصبحت ممكنة غالباً بسبب الخيارات السياسية تبنتها الهند والدراسات التي اجريت من منظور التحديات الإقتصادية وسوقها كما ذكر التقرير أن الهند قد تحولت خلال عقد من الزمن ووضعها الآن مختلف تماماً في عام 2023 عما كانت عليه سابقاً وهي حققت مكانة مرموقة خلال هذه الفترة. يذكر أنه خلال العقد الماضي، شهدت الهند هبوط و إرتفاع وهما أصلاً شرطي المسبقين الأساسيين نتيجة للتغيرات الكبيرة والمبادرات التنموية التي جعلت الهند اليوم " الإقتصاد الأسرع نمواً" وهي اليوم على المسار الصحيح لتكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم في أقل من عقد من الزمن . انه فضلاً من رؤية رئيس الوزراء ناريندار مودي وهي مشروع " آتمانيربهر بهارت" يعني به الهند المعتمدة على نفسها حيث يمكن لأحد أن يجد فيها بعض الأسرار التي تكمن في هذا المفهوم وكل قرار يقرب الهند خطوة واحدة لإظهارها على الخريطة مع وجودها على طاولة التنمية بحسب التقرير . كما تعكس البرامج المختلفة التي نفذتها الهند خلال العقد الماضي تركيزاً على جوانب متنوعة من التنمية بما في ذلك النظافة والتصنيع وتمكين الرقمي والمساواة بين الجنسين والإدماج المالي والرعاية الصحية وتطوير المهارات حيث أشار تقرير مورغان ستانلي إلى أن إصلاحات بشأن قناة الإمدادات وتشكيل الإقتصاد ورقمنة التحويل الإجتماعي وتركيز الإستثمار الأجنبي المباشر ( FDI) ضمن 10 تغيرات رئيسية التي اتخذتها الهند في الإعتبار بالإضافة إلى ذلك أن استجابة الهند لمواجهة جائحة كورونا (كوفيد-19) من خلال مبادرات مثل " الهند الرقمية Digital India " و الهند بدون أوراق نقدية أي Cashless India- ساهمت بشكل كبير في تحقيق تحول البلاد من اقتصاد قائم على المعاملة النقدية إلى اقتصاد بدون نقد تسهيلاً للخدمات المالية. ويتوقع تقرير مورغان أيضاً نمواً غير مسبوق في الخدمات المالية في الهند حتى عام 2032م. علماً أنه تم اطلاق واجهة الدفع الموحدة ( UPI) رسمياً في عام 2016م والتي غيرت تماماً طريقة تنفيذ المعاملات وفي عام 2020م ، سجلت الهند 25.5 مليار من عمليات الدفع رقمياً في الوقت الحقيقي ويعتبر ذلك أعلى قيمة من المبالغ التي تم تسجيلها على مستوى العالمي بينما في شهر يناير من عام 2023م، تم تنفيذ حوالي 8 مليارات معاملة مالية بقيمة قدرها حوالي 200 مليار دولار أمريكي من خلال نظام الدفع الموحد (UPI ). ووفقاً لمنشور ( PwC ) في مايو 2023م الذي تم نشره تحت عنوان " كتيب المدفوعات الهندي 2022-2027 والذي يشير إلى أن الهند كيف أصبحت نموذجاً لإعتماد المدفوعات الرقمية للبلدان في جميع أنحاء العالم. كما تجدر الإشارة إلى أن نظام الدفع المحلي في الهند يتيح للمستخدمين إجراء معاملات فورية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع مباشرة من حساباتهم المصرفية دون الحاجة إلى النقد الفعلي أو التحويلات المصرفية بالإضافة إلى ذلك تشمل الإصلاحات تحسين سهولة ممارسة الأعمال وسهولة على تسجيل الشركات وتقليل التعقيدات البيروقراطية ثم إدخال منصات عبر الإنترنت من أجل تعزيز بيئة أكثر ملائمة لممارسة الأعمال وفي الوقت نفسه تطبيق آليات على تطوير المهارات للتوظيف وتشكيل القوى العاملة بشكل رسمي. من أجل استفادة من الركيزة السكانية في الهند حيث تهدف مبادرات المهارات المختلفة في إطار " مهمة الهند للمهارات" لتزويد الأفراد بالمهارات المطلوبة والمتوافقة مع احتياجات الصناعة وتوفير شهادات وتيسير وضعهم في الوظائف ويقول تقرير مورغان أنه متفائل بشأن قطاع الطاقة في البلاد مشيراً إلى أن التحول التدريجي البطئ يمكن أن يدعم انتعاشاً اقتصادياً في حين أن تخصيص مبلغ بقيمة 350 مليار روبية يعكس التزام الدولة بإنتقال إلى الطاقة الخضراء ومكافحة تغير المناخ وتحقيق إزالة الكربون. ومن جانب آخر أن مهمة الهيدروجين الأخضر الوطنية وهي تعتبر خطوة هامة تاريخية لجعل الهند مركزاً عالمياً لإنتاج واستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته والتي ستساهم في تسهيل الإنتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون وصديق للبيئة بالإضافة إلى ذلك تجري مشاريع تخزين الطاقة المتجددة وبرامج الإئتمان الأخضر ومبادرات أخرى لتعزيز انتقال الطاقة في الهند ومن بينها بعض المبادرات التي بدأ يظهر أثرها بالفعل. وهناك مبادرات أخرى مثل حملة " بيتي باشاو بيتي برهاو" يعني "شجعوا تعليم بناتكم " من اجل تحسين نسبة الجنس للأطفال وتعزيز التعليم للفتيات وحملة " سواتش بهارات آبيهان" يعني "مشروع الهند النظيفة " وبرنامج التأمين الصحي الأكبر في العالم يسمى " آيوشمان بهارات" الذي يهدف إلى توفير تغطية صحية للفئات الضعيفة وهذه بعض الأمثلة من المشاريع العديدة تبنتها الحكومة الهندية لمواجهة التحديات المستمرة في البلاد. وفضلاً من سياساتها الحكيمة ومشاركتها الجماعية ، ترسم الهند بثقة مساراً أن تكون دولة أكثر ازدهاراً وشمولية واستدامة بينما تستمر التحديات والإختلافات قائمة مع ذلك أن الإلتزام الهندي بالتقدم الشامل مما يحث على مواصلة المساعي إلى صياغة مستقبل مشرق لجميع مواطني الهنود .