لا يخفى علينا أن الهند هي ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم وهي تبحث الآن طرق جديدة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة اثر الصراع الممتد بين روسيا و أوكرانيا ومن أجل ذلك تهدف إلى تسخير الطاقة المتجددة خلال السنوات الخمس المقبلة لتحقيق أكثر من 50% من قدرتها على توليد الطاقة من الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2030م . وقال بيان أصدرته السلطات الهندية أنه من خلال تعديل مشروع قانون الحفاظ على الطاقة لعام 2022م حيث تسعى الهند إلى تعزيز الطاقة المتجددة وتطوير سوق كربون محلي لمكافحة تغير المناخ وكذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة بما يتوافق مع اتفاقية باريس " وسيقدم مشروع قانون الطاقة المستقبلي تجارة الكربون وبموجبه يوصى في استخدام المصادر غير الأحفورية لضمان إزالة الكربون بشكل عاجل من الإقتصاد الهندي. كما أضاف البيان أن الهند تركز الآن على ترويج مفهوم الطاقة المتجددة بدلاً من الحفاظ على الطاقة حيث قال وزير الطاقة المتجددة آر. كيه سينغ ، في اعقاب تعديل قانون مشروع الطاقة " أن مشروع قانون الطاقة هو ابتكار من نواحي كثيرة في حين نحن نعمل على توسيع مفهوم المباني الخضراء حتى نجعلها أكثر مستداماً وفي السياق ذاته قال رئيس البنك الأمريكي فرع الهند ميريل لينش كاكو ناكاتي (Merrill Lynch India head Kaku Nakhate) موضحاً أن الهند كونها محطة ضوء يمكن لها أن تجذب 10 مليارات دولار أمريكي من خلال استثمار الطاقة المتجددة في عام 2023م . كما صرح ناكاتي أن الهند مع تقاليدها الديمقراطية وسوقها المحلي القوي وهي مناسبة تماماً لجذب رأس المال الأخضر والتي تعمل على ترويج الطاقة غير التقليدية استجاباً للعمل المتعلق بتغير المناخ، ونظراً لالتزام الهند بإعتبارها صوتاً للدول النامية لدى مجموعة العشرين وهي تحث البلاد على تعزيز دور الجنوب العالمي تجاه مبادرات الطاقة النظيفة . وفي عام 2021م بمناسبة عقد مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ ( UNFCCC COP-26 )، اعلنت الهند عن مهمة LiFE لجعل السلوكيات الفردية من النقطة الأساسية لاتخاذ التدابير اللازمة تجاه المناخ العالمي حيث أنها تخطط استبدال فكرة اقتصاد الاستخدام والتخلص السائد الذي يحكمه الاستهلاك الطائش والمدمر باقتصاد دائري، والذي يحدد الاستخدام المدروس والمتعمد كما تخطط LiFE للاستفادة من قوة الشبكات الاجتماعية للتأثير على الأعراف الاجتماعية المحيطة بالمناخ. كما تهدف الهند إلى أن تكون رائدة في مجال الهيدروجين الأخضر وهي تتوقع انشاء طاقة انتاجية تبلغ 25 مليون طن من طاقة الهيدروجين الأخضر في المستقبل القريب والهند ملتزمة بالإنتقال إلى الطاقة الخضراء، وهي تريد أن تستفيد من رئاستها في مجموعة العشرين لتشكيل تحالف عالمي للوقود الحيوي تماشياً مع التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA ) علماً أن المنظمة ISA هي المبادرة الحكومة الهندية التي تم اطلاقها مشتركاً بين الهند وفرنسا في اجتماع باريس COP21 عام 2015م . وبجانب التعاون في اطار ISA ، وفي اجتماع غلاسكو Glasgow COP26 لإنشاء شبكة نقل عالمية للطاقة الخضراء ، قامت الهند والمملكة المتحدة بتوسيع الفلسفة من خلال إطلاق مشترك تحت عنوان "شمس واحدة و شبكة واحدة وعالم واحد" (One Sun, One World ) . وفي سياق متصل ، وقد اشار المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة ( IEA ) فاتح بيرول موضحاً أن أزمة الطاقة الحالية يمكن أن تكون نقطة تحول تاريخية نحو نظام طاقة عالمي أكثر نظيفة وأماناً في المستقبل على حد قوله ، كما اضاف أنه من المتوقع أن يضيف العالم قدراً كبيراً من الطاقة المتجددة في السنوات الخمس المقبلة كما كان يفعل في العشرين عاماً الماضية . كما صرح رئيس وكالة الطاقة الدولية ( IEA ) أن هذا التوسع الإستثنائي ستقوده الدول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين والإتحاد الأوروبي والهند .وعلى الرغم من الأزمة أن الهند تسعى للحفاظ على أساسيتها وهي تستعد لأن تكون رائدة بين الأسواق الناشئة وكذلك في الجنوب العالمي في مبادرات الطاقة النظيفة وفي هذا السياق أن فلسفة عائلة واحدة ( Vasudeva Kutumbakam ) التي تبنتها الهند لشعارها لمجموعة العشرين تريد أن تضمن توصيل جميع فوائد برامج الطاقة النظيفة إلى الدول المشاركة. كما اشار رئيس وكالة الطاقة الدولية إلى أن الهند يمكنها إثبات أن أي دولة نامية يمكنها إدارة انتقالها للطاقة النظيفة ولكن سيكون هناك حاجة إلى دعم مالي وتقنية من الدول المتقدمة للتحرك بشكل أسرع، وهذا يعكس قدرة الهند كجسر موثوق به بين مختلف اطراف الإنقسام بما في ذلك مجموعة السبع وروسيا والصين والدول النامية وكذلك الإقتصادات المتقدمة لإفادة المجتمع العالمي .