الحرص على تحقيق الإنجاز مطلب فردي وإجتماعي ووطني بكل تأكيد. ولا شك أن الفرد هو الأساس في ذلك بإعتباره العامل المحرّك في المجتمع ولا شك أن الإنجازات الصغيرة المتوالية تتنامي وتكبر عادةً لتتحول في النهاية إلى منجزات وطنية كبيرة إذا أصبحت واحدة من سمات وخصائص المجتمع. ذلك أن الإنجاز يعتمد في الأصل على الدعم والمثابرة من قبل الأفراد والحرص على أداء الواجبات وإكمال المهمات والوصول إلى الأهداف وبلوغ الغايات بنجاح. لأن من طبيعة الأفراد المنتجين العمل الجاد للتغلب على التحدّيات وإزالة العوائق وتذليل المشكلات والسعي للتميّز، والإنتقال إلى مستوى أعلى وحياة أفضل، والوصول إلى مرتبة مرتبة متقدمة من الرقي والتطور. والمنتجون من عاداتهم إحترام الوقت والإلتزام بالنظام وإنجاز العمل في الزمن المحدّد مع وفرة الإنتاج. وهي مكتسبات تصقلها التنشئة السليمة -المنزلية والمدرسية والإجتماعية- وهي تقوم أساساً على الحوار والتفاهم وتستند إلى الإحترام والتقدير وتعتمد على التحّفيز والتشجيع، كما تهتم بالمعرفة وبناء الذات، الأمر الذي يساعد على تنمية الثقة بالنفس والشعور بالرضا و تمّكين الأفراد من إتخاذ قراراتهم بأنفسهم وتدفعهم لمزيد من الإنتاجية والتغلّب على الضغوطات العملية والحياتية. وإذا سادت تلك التنشئه الصحيحة تولّدت لدى الأفراد الطاقة والنشاط وجعلت منهم أفراداً منتجين يتجهون دوماً نحو الأهداف المطلوب بلوغها. وهنا يتشكّل المجتمع المنجز المنتج الذي يتمتع أفراده بدافعية عالية من أجل النجاح بل التفوق والمنافسة والإهتمام المستمر ممّا يحقق الإنتقال من حالة الجمود والتقوقع وغياب المشاركة في الحضارة العالمية إلى حالة الإنتاج والإبداع وبما يؤدي إلى زيادة النمو الإقتصادي في كافة القطاعات ولعل أهم أسس وركائز التطور الحقيقي تعّميق حب الوطن في النفوس لزيادة الولاء والإنتماء وزرع معاني الإخلاص و التفاني وترّسيخ قيّم المسؤولية الوطنية ومن المهم جداً إستثمار الطاقات البشرية من أصحاب الكفاءة ومنحهم الإمتيازات والمكانة التي يستحقونها واحترام العقول وتشّجيع أصحاب القدرات وتقدير الإنجازات وتطّوير المهارات والحرص على الإختيار الصحيح بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب والتركيز على التدريب المستمر ليتشكّل مجتمع الجدارة. وأحسب أننا نمضي في ذات الاتجاه مع "رؤية المملكة" عندما نشاهد تضاعف براءات الإختراع عاماً تلو عام ممّا يعطي مؤشراً بأن المستقبل أمامنا وسنكون في ركب الدول المتقدمة قريباً بحول الله.