أهم إستراتيجية للوقاية من السرطان ،هو اكتشاف فحوص إستقصائية تؤدى الى التشخيص المبكّر، للأسف هذه الفحوصات موجودة فقط لعدد قليل من أنواع السرطانات، ومنها سرطان عنق الرحم. منذ نصف قرن بدأ فحص عنق الرحم بأخذ مسحة في العيادة و تحليلها في المختبر، حيث يتم تحديد نوع الخلايا تحت الميكروسكوب، هناك خلايا طبيعية، وأخرى على درجات من الشبهة ، فإذا اقتصرت المسحة على النوع المطمئن من الخلايا، فإن هذا مؤشر مريح، ولكن وجود أي نوع من الخلايا الأخرى يشير الى احتمال وجود مراحل مبكّرة من السرطان أو مراحل قبل سرطانية تحتاج إلى علاج حتى لا تتحول إلى سرطان . و لذا فإن كثيراً من الدول تفرض هذا النوع من الفحص على كل أنثي بدأت في الممارسة الجنسية، تؤخذ أول عينة بعد عام من الزواج، وحسب نتيجة العينة يتحدّد موعد العينة التالية، أو نبدأ العلاج المناسب لتطّويق الخطر. وعادةً ما يتوقف هذا البرنامج عند سن الخامسة والستين، و حاليا تُجري دراسة واسعة لتحديد من هن بحاجة للإستمرار في الفحص الدوري بعد هذه السن . أدى تطبيق الإستراتيجية السابقة الى إنخفاض ملحوظ في نسبة حدوث سرطانات الرحم والإكتشاف المبكّر له ، وذلك يؤدي الى استعمال علاجات تستأصل المرض نهائيا قبل أن يهدّد الحياة. حدث في العقود الثلاثة تطور مهم في معلوماتنا عن سبب سرطان عنق الرحم، إذ تبين أن معظم حالات المصابات بسرطان عنق الرحم ،قد سبق لهن الإصابة ببعض سلالات الفيروس الحليمي البشري، و هذا فيروس ينتقل عن طريق الجنس. أدى هذا الإكتشاف الى تطوير أنواع من التطعيمات تُعطى للفتيات في بدايات مرحلة البلوغ ، تحفّز هذه التطعيمات قوى الجسم المناعية ضد الفيروس الحليمي و تؤدى الى منع الإصابة به في معظم الأحوال، ومن خلال دراسات موثوقة أُجريت على من تعاطين هذا النوع من التطعيم تأكد أنهن أقل عرضة لحدوث سرطان عنق الرحم ، في بريطانيا مثلا ، الإناث اللواتي ولدن بعد عام 1995م, و هن من تعاطين التطعيم مبكرا ،إنخفضت نسبة إصابتهن بسرطان عنق الرحم بنسبة ثمانين في المئة مقارنة بمواليد نفس الفترة اللواتى لم يتلقين التطعيم، وهذه النتائج تدفع الدول التى لم تفرض هذا التطعيم إلى المسارعة بجعله تطعيماً إجبارياً . لماذا تتريث بعض الدول في فرض هذا التطعيم ؟ إتضح مما سبق أن سرطان عنق الرحم ينتقل من خلال العلاقات الجنسية، ممارسة الجنس عندنا نحصره في العلاقة الزوجية، إي أن النساء في عالمنا يقصرن علاقاتهن الجنسية على رجل واحد هو الزوج ، مقابل ممارسة الجنس الترفيهى مع شركاء عديدين في العالم الغربي ، و لذا لا يُتوقع أن المرأة في عالمنا تتعرض لمخاطر سرطان عنق الرحم، لكن هناك من لا يسلّم بهذه النظرية ، لا يجادلون في أن نساء العالم الاسلامى ملتزمات بالعفّة، ولكن بعض الرجال يعطون العفّة إجازة أحيانا، و بالتالى فهؤلاء مسؤولون عن تعّريض نسائهن لهذه المخاطر، و الأمر بحاجة إلى مزيد من الدراسات . و لكن هناك أخوات يفضّلن عدم المخاطرة و يخترن تعاطى التطعيم عن طيب خاطر من باب الأخذ بالأحوط و لعلهن على صواب.