قال الدكتور المهندس علي الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أن مسيرة التحول الاقتصادي في المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الإصلاحات التي أُعلن عنها في رؤية المملكة 2030. وأكد ل"البلاد": إن السياسة الاقتصادية تسير بنهج مدروس ومتقن، وعزيمة على تنفيذ المبادرات والمشاريع التي تخدم تحقيق الرؤية والمستهدفات الوطنية، مشيراً إلى تسارع النمو العام القياسي للمملكة والأداء القوي للميزانية العامة. قال رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في بداية حديثه: "بالنظر إلى نتائج الموازنة العامة الفعلية والتقديرية للفترة 2019-2023م، فإنه يمكن ملاحظة ارتفاع الناتج المحلي الاسمي التقديري المتوقع للعام 2023م لما يقرب التريليون دولار – أي بأكثر من 30 % مقارنة بعام 2020م – وهو ما يبرز نجاح سياسات المملكة المالية والاقتصادية ، لافتاً النظر إلى أن النتائج المالية تبين تعافي الاقتصاد السعودي من تداعيات عام 2020م (عام كورونا)، وأن الأدوات المالية المستخدمة قد روضت معدلات التضخم، وأعادتها لمعدلاتها السابقة عند 2 % بالرغم من موجة التضخم العالمية التي باتت تشكل التهديد الأكبر للاقتصادات المتقدمة والنامية والناشئة، كما توضح النتائج المالية بمجالات الصرف بأن معدلات التنمية الاقتصادية تقارب ثلاثة أضعاف نسبة النمو السنوي مستفيدة من الفائض السنوي التجاري، وهو ما يعني أن وتيرة التنمية تجري بسرعة كبيرة عن المعتاد بالنسبة للدول، وهو ما يعكس درجة الحماس والتسابق مع الزمن في مسار تطوير القدرات الاقتصادية. نجاحات مالية وحول دلالة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية إلى بعض القراءات الإيجابية والهامة، قال من أبرز ما يمكن ملاحظته هو انخفاض عجز الموازنة واقترابه من الصفر في سابقة هامة لأول مرة منذ أكثر من سبع سنوات. أما على صعيد الإيرادات، فإنه من المتوقع ارتفاعها بأكثر من 20 % مقارنة بالعام 2018م مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، بينما ستشهد النفقات انخفاضاً بما يزيد عن 12 % عما قبل كورونا وهي الأعوام التي شهدت بدء إطلاق الرؤية. واضاف "ما يمكن قوله إجمالاً، بناءً على هذه القراءة السريعة والموجزة، بأن المملكة قد حصدت بوضوح وجلاء نجاحات مالية مذهلة كنتيجة لسياساتها النفطية المتزنة بدعم استقرار السوق العالمية، والاستثمار في صناعات المشتقات النفطية ذات الطلب المتزايد، وارتفاع الإيرادات غير النفطية تباعا للوصول إلى المعدلات المأمولة بالعام 2030م، والعمل على تنمية القوى البشرية الوطنية. وحول الملامح المستقبلية للعالم أوضح أن كافة الاستراتيجيات العربية – وخاصة بالدول المصدرة للنفط، تأسست على الاستدامة الاقتصادية وتقوية وتنويع روافدها مع استمرار استثمار العائدات النفطية في دعم خطط التنمية وتقوية احتياطياتها المالية، وهو ما تتبناه المملكة ضمن رؤيتها الطموحة في تخفيف الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل وخلق فرص هائلة للاستدامة وتعزيز القيمة المضافة للقطاعات الانتاجية والخدمية ودخول قطاعات جديدة واعدة ومشاريع ضخمة وجاذبية متنامية للاستثمار المحلي والأجنبي في اقتصاد المستقبل.
فرص هائلة وأكد الدكتور الخوري، أن المملكة تمتلك فرصاً اقتصادية هائلة بالمنطقة العربية وتستعد للمستقبل بشكل مدروس، وأن تتوقع المخاطر التي قد تواجهها وتضعها ضمن حساباتها وخططها. ويمكن أن نتلمس هذا المسار فعلياً من تكرار القمم العالمية التي باتت تنعقد على أرض المملكة، وتسابق زيارات زعماء دول الاقتصادات الكبرى مثل أمريكا والصين وروسيا، التي تعي بأهمية دور المملكة الإقليمي والعالمي. وأضاف: هنا تكمن أهمية آليات تنفيذ الرؤية التنموية في المملكة وارتكازها على عدد من المحاور الاستراتيجية لضمان فاعلية تحقيق المستهدفات الوطنية. ومن بين هذه المحاور: التأكيد على توطين المعرفة في المنظومة الوطنية، وهو ما يمكن ملامسته في الخطوات المتخذة لدعم إنشاء المراكز الإقليمية للشركات العالمية بالمملكة. وعلى الصعيد العربي يرى د. الخوري ضرورة تقوية التحالفات الإقليمية العربية والعمل الإقليمي لتحقيق الوحدة الاقتصادية العربية، وهي المسار الأكثر ضماناً في ظل التحديات والأزمات العالمية، مؤكدا أن السوق العربي يمثل قدرة شرائية يمكن أن تقود للاكتفاء الذاتي والحماية من التقلبات العالمية، وذلك في شقه الاستراتيجي يتطلب تبني سياسة إقليمية تعتمد على مبدأ المصالح المشتركة من جانب، والتوازن بالعلاقات الدولية والوقوف على مسافات متقاربة من الكتل الاقتصادية العالمية والتأكيد على الحياد الإيجابي بقدر المستطاع، وهنا تمتلك المملكة مقومات كبيرة كقوة اقتصادية وجيوسياسية عظيمة ومركز ثقل مؤثر بوجهها الحضاري الحديث.