ظاهرة المحسوبية صارت معادلة ثابتة في التوظيف والوساطات مثل إدخال طالب أو طالبة لمدرسة أو جامعة، وتحول المسؤول أي كانت رتبته في عمل حكومي أو شركة أوبنوك ومؤسسات أخرى تصبح الأولوية لأبناء العائلة من أعمام وأخوال ، ثم أبناء "الحمولة" الطيبة والأصدقاء ، فالمدينة ، وعيال الحارة، وتتوسع إلى القبيلة والمنطقة، بمعنى أن قيمة المؤهل والتأهيل والكفاءة تسقط كدعوى غير منظور إليها أمام تلك الاشتراطات، وخطورة الموضوع أن ترسيخ هذا السلوك يهدد قيم المجتمع، ويجعل المسابقة بين الممتاز والمقبول تأتي لصالح الأخير لأن أدوات الترشيح مقررة سلفا كثوابت يقررها المسؤول والتي تحددها رغباته. يوسف الكويليت يقول نورمان فينست بييل: "المجتمع الوحيد الذي لاتوجد فيه مشاكل هي المقابر"، لذلك علينا أن نتحرك لمعالجة هذه المشكلة لأننا لسنا موتى، وبيوتنا ليست مقابر، وعلينا مراجعة أنظمة التعليم لدينا ، هل يعقل أن يدرس هؤلاء الشباب في مدراسنا، وجامعاتنا، ثم يخرجون بهذه البذاءة ، لا أدب، لا أخلاق ، لاعيب، لاحرام ، لاقيم ، لامبادئ، لافضيحة ، لامساءلة، لا مراجعة، لاتريث في المنكر، لا تلعثم في الباطل، لاتفكير عاقل، ولاستر، ولاحتى ورقة التوت، يجب ألا نقف سلبيين وعاجزين أمام مشاكلنا، وكما عالجنا الإرهاب الفكري بتجفيف المنابع، علينا تجفيف كل منابع الإرهاب الأخلاقي، ومعالجة القضية بالمحافظة على حقوق الإنسان الفكرية المعتدلة، والقول إن المجاهرة كان سببها طلب الشهرة، من شخص مريض، هي معالجة سطحية، وسلبية، لتبرير السكوت عن المنكر، ودليل مرضنا نحن وليس مرضهم هم، وموت ضمائرنا قبل ضمائرهم. د.مازن بليله قائد أمني سابق برتبة لواء كان يعمل مديراً لشرطة إحدى المناطق لديه ابنة طبيبة متفوقة في تخصص دقيق نادر هو "المخ والأعصاب" قررت جهة عملها إرسالها في بعثة تدريبة مدتها عام كامل إلى كندا، ولما أكلمت أوراق البعثة جاءت مسألة المرافقة - المحرم - ، وكان والدها اللواء المتقاعد قد أجرى عملية جراحية كبرى في اربع فقرات بظهره نصح على إثرها ان يلتزم الراحة لمدة أربعة أشهر على أقل تقدير، فتفاهم مع صهره خال ابنته ان يكون هو المرافق المحرم فقبل الخال القيام بالمهمة خدمة لابنة اخته الطبيبة المتفوقة، وكان الامر يحتاج الى وكالة شرعية من والدها بانه قد وكل خالها بالسفر معها محرماً بدلا عنه، فتقدم إلى كتابة عدل الثانية بمحافظة أبها طالباً من كاتب عدل فيها عمل الوكالة المطلوبة، بعد ان قدم المستندات التي تثبت شخصيته وأنه والد الطبيبة، ولم يكن اللواء غير معروف لدى كاتب عدل،ولكن الاخير طلب منه تقديم شاهدين يثبتان لدى المحكمة أن من سيوكله هو خال ابنته الدكتورة. محمد مختار الفال