للمملكة العربية السعودية مسيرة طويلة في نشر التسامح، بوصفه منهج حياة ،انطلاقا من القيم الإسلامية السمحة ، والنهج الأصيل الذي أكدت عليه رؤية المملكة 2030. ويؤدي مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني دورا رئيسيا في تعزيز هذه المفاهيم والقيم وترسيخها وجعلها جزءاً أصيلاً من ثقافة المجتمع، واستضافت المملكة هذا العام ملتقى "القيم المشتركة بين أتباع الأديان" لتعزيز قيم الوسطية والتعايش والسلام، ووضع أطر فكرية عقلانية للتحصين من مخاطر الفكر والسلوك المتطرف بغض النظر عن مصدره ،كما تدعم المملكة الجهود الأممية جسور الحوار العالمي ، وسجلت ريادة في ذلك عالميا من خلال مبادرات مهمة يقدرها لها العالم. رسخت المملكة العربية السعودية ثقافة التسامح وتعزيز قيمة ونبذ صور وملامح التطرف والكراهية والعنف؛ إيماناً منها بأن التسامح بين الناس أساس للتعايش، ومنهج حياة، ومن المبادئ الجامعة بين الأفراد، ولبناء الحضارات. وأنشأت المملكة، المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، الذي يعمل على تحجيم خطاب الكراهية ومحاصرة دعاته من خلال تجفيف منابع الكراهية في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وتشجيع الناس للإبلاغ عن جرائم الكراهية، وتعزيز دور التربية والتعليم تجاه مكافحة خطاب الكراهية ودعم ثقافة التعايش الإنساني، وإطلاق مبادرات أخلاقية تحفز على نبذ الكراهية ونشر قيم الاعتدال. ويقوم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ببذل الجهود الكبيرة نحو تعزيز ثقافة الحوار وترسيخ التعايش واحترام التنوع وقبول التعددية ودعم المواطنة المشتركة بين الدول. مظلة رحبة أكد الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور عبدالله الفوزان، عن دور الفلسفة في علم الاجتماع، وكيف يمكن أن يتعامل الإنسان مع البيئة التي يعيش ويؤثر ويتأثر فيها، وقيم التسامح بين البشرية جمعاء التي لايمكن لأي مجتمع أن يتعايش بدونها بسلام، مبيناً أن توحيد المملكة بُنِي على التسامح والعطاء وهو ما استخدمه الملك المؤسس -رحمه الله- مع من حوله من عداءات في لم شمل الدويلات والقبائل والأسر السعودية تحت مظلة واحدة قوية يستمد منها الفخر والفكر، كما كان النهج الذي سار عليه من بعده أبناؤه الملوك المبني على الأسس التسامحية والعطاء. جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية الثانية التي نظمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بعنوان «ملتقى التسامح 2022» ، بمناسبة اليوم العالمي للتسامح أمس ، وذلك بقاعة مؤتمرات وكالة الأنباء السعودية بمدينة الرياض. وسلط الفوزان، الضوء على التسامح في رؤية المملكة 2030 ودور سمو ولي العهد – حفظه الله -، وجهوده في الانفتاح للعالم والتعايش مع الآخرين من خلال برنامجي القدرات البشرية، وجودة الحياة، المهمين في تعزيز قيم التسامح لكافة أفراد المجتمع، وكأحد أهدافهما الإستراتيجية، إضافةً إلى جهود مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في ترسيخ القيم والمبادئ المستمدة من الدين الإسلامي، من خلال إقامته وتنظيمه للبرامج الإستراتيجية التي تتمثل في إدارة مؤشر التسامح والدراسات الاجتماعية، واللقاءات الحوارية، وبرنامج نسيج، واثنينية الحوار، والديوانيات الحوارية، ومعرض الحوار، والبرامج التدريبية التي نفذت 20 برنامجًا تدريبياً لتعزيز التسامح في 13 منطقة استفاد منها 1753 مستفيداً ومستفيدة من فئات المجتمع من القطاعات غير الربحية، والحكومية، والمؤسسات التعليمية. تكاتف اجتماعي من جانبها، أوضحت مدير عام الإدارة العامة للتطوع بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مشاعل بنت مبخوت آل مبارك، في ورقة بعنوان «القوى الناعمة ودورها في تعزيز التسامح»، إلى دور التسامح في العمل التطوعي، ودراسة منظمة ( IAVE ) عن أثر التطوع في الحس الإنساني وارتباط تأثيره في تطور الحس الإنساني لدى الشباب واكتساب المهارات، مستعرضةً أبرز المبادرات والمواقف الإنسانية بالعمل التطوعي، وكذلك منجزات العمل التطوعي وأثره الاجتماعي والاقتصادي حتى شهر أكتوبر 2022م. وأشارت آل مبارك إلى الدور الذي يلعبه العمل التطوعي في نشر وتعزيز ثقافة وقيمة التسامح، إذ يمثل التطوع رمزاً للتكاتف الاجتماعي بين فئات وشرائح المجتمع المختلفة، كما يعمل على تعزيز وعلو الحس الإنساني بين الشباب تحديداً، ليصبحوا مُبادرين نحو مساعدة الآخرين. ويشكل الاحتفال باليوم العالمي للتسامح، الذي يوافق 16 نوفمبر من كل عام، محطة مهمة للتأكيد على أهمية التعايش وقبول الآخر. ويؤكد الموضوع الرئيسي لليوم العالمي للتسامح 2022 ، على أن التسامح هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الغني لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير لدينا، ولطرق كوننا بشرًا ، واعتبرت المديرة العامة لليونسكو ،أودري أزولاي ، أن التسامح هو «حالة ذهنية ووعي، بل هو لزوم أيضاً؛ وقوامه أن يدرك المرء أن التنوع الثقافي يمثل عامل إثراء لا عامل انقسام؛ وأن يعي أن كل ثقافة، بما فيها من اختلافات ، تنطوي على سمة عالمية وكأنها تتحدث بلغة تنطق بها الإنسانية جمعاء».