منيت آمال جورجيا الانضمام الى عضوية حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بانتكاسة بسبب القتال الذي اندلع هذا الأسبوع ضد روسيا وهو ما يمكن أن يقلل من جاذبيتها للمستثمرين . يقول محللون ودبلوماسيون إن الصراع على منطقة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية جدد الخلافات بين الولاياتالمتحدة واوروبا عبر الاطلسي وايضا الخلافات بين الدول الأوروبية بشأن جورجيا وقوض الثقة في رئيسها غير العملي الذي تدعمه الولاياتالمتحدة . ومنذ أربعة اشهر فقط كان الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي يشيد بانفراجة في طموحاته بالانضمام للغرب حين أعلن زعماء حلف الأطلسي في قمة أن جورجيا وزميلتها الجمهورية السوفيتية السابقة اوكرانيا ستنضمان للحلف ذات يوم . غير أن عدة دول من غرب اوروبا بقيادة المانيا ساورتها شكوك بشأن توسعة التكتل العسكري الذي تقوده الولاياتالمتحدة ليمتد الى الحدود الجنوبية لروسيا وبشأن استقرار جورجيا نظرا للمشاكل التي تعانيها مع منطقتين انفصاليتين . وحالت هذه الدول دون ان يمنح الحلف للدولتين الساعيتين للانضمام اليه خطة عمل للعضوية وهي خارطة طريق للحصول على عضويته في نهاية المطاف . ومن المقرر أن يراجع وزراء خارجية الحلف هذه القضية في ديسمبر . قرار ساكاشفيلي إرسال قوات الى اوسيتيا الجنوبية وهي احدى المنطقتين المتمردتين مما أثار تدخلا عسكريا روسيا واشتباكات على أطراف المنطقة الانفصالية الأخرى ابخازيا لم يزد هذه المخاوف الا قوة . وقال فرانكو فراتيني وزير الخارجية الإيطالي في مقابلة مع احدى الصحف نشرت يوم الاثنين " إن هذه الحرب أبعدت جورجيا اكثر ليس عن اوروبا فحسب بل ايضا تعقد ( مسألة ) مجلس الحلف الذي يعقد في ديسمبر ." وأضاف قائلا لصحيفة لا ستامبا " ايطاليا تؤكد أننا لا نستطيع تشكيل تحالف مناهض لروسيا في اوروبا وفي هذه النقطة موقفنا مقارب لموقف ( رئيس الوزراء الروسي فلاديمير ) بوتين ." وحققت روسيا معدلات نمو اقتصادي مثيرة للاعجاب بحيث استقطبت رؤوس أموال أجنبية على الرغم من مقاطعة روسية على صعيدي الاقتصاد والنقل كما أوقفت موسكو إمدادات الغاز لها مع اتجاه إقبال المستثمرين على " اوروبا الصاعدة " شرقا ويرجع هذا جزئيا الى احتمال انضمام البلاد الى كيانات أمنية اوروبية أطلسية . وقال ديفيد لوبين الخبير الاقتصادي في الأسواق الصاعدة في سيتي جروب " لكن هذا يجعل احتمال توسعة حلف الأطلسي أقل . آخر ما تحتاجه الولاياتالمتحدة هو جبهة أخرى . وهذا تحديدا هو ما تستغله روسيا ." واتسم موقفا المانيا وفرنسا اللتين تربطهما علاقات وثيقة بموسكو بالحذر في التصريحات العلنية حيث طالبتا بوقف فوري لإطلاق النار واحترام وحدة الأراضي الجورجية لكنهما تجنبتا إلقاء اللوم في بدء القتال على أي من الجانبين . وصرح متحدث باسم الحكومة الألمانية بأن المستشارة انجيلا ميركل ستمضي قدما في تنفيذ خطتها بزيارة سوتشي المطلة على ساحل البحر الأسود في روسيا والقريبة من ابخازيا يوم الجمعة لإجراء محادثات مع الرئيس ديمتري ميدفيديف . وقام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي بزيارة لموسكو لوقف إطلاق النار . ويرى دبلوماسيون أنه في حالة أن موسكو لم تذهب بتقدمها العسكري الى مدى بعيد للغاية بما لا يهدد خط أنابيب رئيسيا ينقل النفط الى تركيا عبر جورجيا او لم تسع الى الإطاحة بساكاشفيلي فلا يوجد احتمال بصدور رد فعل غربي موحد وقوي . وبالنسبة لبعض الدبلوماسيين من حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي برر هذا الصراع مقاومتهم لجهود الولاياتالمتحدة لضم جورجيا لعضوية الاتحاد في إطار " اجندة الحرية " الخاصة بالرئيس جورج بوش . وقال مبعوث بارز من احدى الدول الأوروبية المتشككة طلب عدم نشر اسمه " حمدا لله أننا لم نضمهم ." ولو كانت جورجيا عضوا في حلف الأطلسي لاستدعى هذا اللجوء الى المادة الرابعة من بند الدفاع المشترك الذي يقضي بان تتقدم الدول لمساعدة حليف يتعرض لهجوم . وأضاف الدبلوماسي " لا أحد في حلف شمال الاطلسي يريد أن يجر الى حرب في القوقاز بسبب حسابات ساكاشفيلي الخاطئة " مضيفا أن الرئيس الجورجي تلقى " مشورة غير صائبة " بإرساله قوات الى اوسيتيا الجنوبية .