الباحة قراءة وتحليل على آل صمدة عرضت ورشة الطائف المسرحية على مسرح كلية الهندسة بجامعةالباحة ضمن الأيام الثقافية التي تستضيفه منطقة الباحة هذه الأيام ممثلة في جمعية الثقافة والفنون قسم المسرح فرع الباحة مسرحية " عندما يأتي المساء " تأليف فهد ردة الحارثي إخراج المبدع أحمد الأحمري تمثيل المتألق مساعد الزهراني وهي من مدرسة المونودراما البطل الواحد وسط حضور كثيف ضجت بها قاعةالمسرح أهمهم الصديق الدكتور الشاعر : جمعان عبد الكريم المشرف الثقافي بتعليم المخواة الاستاذ ناصر العمري والزميل القاص على السعلي والمخرج الباحوي القادم بقوة الاستاذ محمد سعيد مقعي وعضو مجلس أدبي الباحة القاص جمعان على الكرت والمسرحية تعد م ن أهم المسرحيات التي شرفت بها المسرح السعودي مؤخرا ضمن ورشتها المسرحية من مدينة الورد والتي شارفت على الخمسة عشرة سنة من عمر هذه الورشة الفنية والتي أمدت المسرح السعودي بعدد من مسرحياتها والتي تمثل من ابتداء تاريخ مسرح المونودراما بالمملكة ولكي نقف على القراءة النقدية لهذه المسرحية نحتاج الى مناقشةعدد من النقاط : 1 " المؤلف وخيال الصورة وكثيفها " الحقيقة عن المؤلف المبدع فهد ردة الحارثي عضو جمعية المسرحيين السعوديين نحتاج الى عدة وعتاد لخلخلة الوصول بحرفنة ذهن وذكاء هذا الرجل المسرحي المضمخ من مشاش رأسه الى أخمس قدميه لكن سوف نتطرق الى قضية مهمة يمارسها مبدعو ورشة الطائف المسرحية بجمعية الثقافة والفنون وهي " التأليف الجماعي " وهذه نقطةتحسب لهذه الورشة الفتية من عمر المسرح السعودي أخذ الآراء مناقشة الفكرة إمكانية تنفيذها والمهم وفق المدارس المسرحية العالميةالمطروحة والتي يمتلك ناصيتها هؤلاء علما وثقافة ودراية وأكثر دربة وهذا هو المهم بل الحصان الاسودالرابح في هذه القضية مسرحية " عندما يأتي المساء " هي التي حفزت مبدعنا الحارثي علي خلق الفكرة وأخذ الآراء ثم صياغتها مسرحية الفكرة الرئيسية التي يطرحها الحارثي تدور حول ثلاثية الاحتضار وهي " الهم ،الحزن الكآبة " بمعنى الدخول الى حيثيات السرقة المبطنة بالخوف والقلق وهي من أهم القضايا التي تطرح الان الحارثي بحسه المسرحي العالي طرح قضية مصادرة الآراء عن طريق تكميم الأفواه وسلب وسرقة ذالك الصوت الذي ان لم يخرج من هذا المبدع المثقف ..يبقى سجينا رهن الاحداث من خلال بعض المواقف التي كان ينوي بطل المسرحية رفع صوته فيها لكن للأسف مع ضغوط الحياة اليومية المملة والكتب الذي يمارس ضده عن عناه المؤلف بل حتى وصل بالحارثي الى أدخالنا عالم الكشف عن المجهول والذي عبر عنها الممثل " بطل المسرحية " في اللحاق بدق المسار الأخير في نعش ذلك الصوت ولكن هيات بات الصوت مسجي على هراس الحقيقة الغائبة في زمن الجحود والنكران وارتال الواسطة والتي بثها الحارثي بحرفنة كاتب وأنامل مسرحي معتق رمى شباكه في القراء من ثم المشاهدين ليصلوا الى حقيقة موت الصوت الحقيقي الصادق ...ولعب الزمن في هذه المسرحية تلازمية الاضداد ب " عندما يأتي المساء " عنوان محفز لمعرفة جواب مستقبل ما سيكون عندما يأتي ؟ ! . 2 " المخرج وفضاءات المسرح " لقد أشبع حبيبنا المتألق الدكتور أحمد الاحمري في الثناء والذي يستحقه عن جدارة واستحقاق ان الفكرة التي طرحها الحارثي من خلال هذه المسرحية تحتاج الى فكر مخرج عبقري ينقل ما يختلج في ذهن المؤلف وترجمتها على فضاء المسرح بطريقة الاحمري وهذه ما وفق فيه كثيرا بل إن الأحمري أدخل عدة مدارس في هذه المسرحية وإن لم أكن مجانبا للصواب أدخل تقنية قد مورست في مسرح جمعية الطائف قبل ذلك لكن في هذه المسرحية بالذات كانت أكثر عمقا وتكثيفا توظيفا وهي " ستاند تراجيديا " دراما الحزن وقوفا وهذا المصطلح بحكم معرفتي ب " ستاند كوميديا " إن الحمري قد لعب مسرحيا على مخاطبة الذات وإيقاظ العملاق الخفي عبر أدلجة طبقات الصوت والمهم صداه والعجيب والغريب في آن واحد هو من بداية المسرحية حتى نهايتها لم يصل بن المخرج من خلال تثبيت في ذهن مشاهدي المسرحية أن هذا البطل الأوحد مجنونا مثلا !!لالالالا تعاطف الجمهور معه وشخصيا سبكت دمعتين عندما حمل هذه المثقف ..كفن صوته في حنان قلما تجده وتتقنه ريشة رسام أوقافية شاعر أو إبداع كاتب ووضعه على سريره تمنيت أن أصرخ فيه في أثناء العرض أوقول له " رويدك أتتدن صوتك ..ألحق ما تبقى فيه من روح يارجل؟ " لكن خفت أن يقال لي إنك مجنون؟ !!!ونقطة التقاء وتمز هذا الأحمري الدكتور من خلال ما يلي : أ ديكور بسيط من السهل الممتنع سريري حديدي خفيف جدا مقسم الى نصفين كرسي بلا ستيكي ملابسه الملونة والتي استخدمها الاحمري بإتقان من الأحمر ثم الأسود عنصرا الخير والشر وتقنية اختيار قماش الحرير الأخضر معلقة في خلفية المسرح معطف ثقيل لقيه برد الخوف في زمني الحار لقد مارس الاحمري فلسفة أخرى وتأليف اخر ننزع القبعة احتراما له هذا الديكور البسيط عمق الفكرة وسهل في إثارة المتلقى بل حتى الاطفال الحاضرون كانوا في صمت تأمل ومعرفة الآتي وهذه لعمري ميزة فنية وعبقرية لايجيدها مسرحيا سوى الدكتور أحمد الأحمري . ب لقد كان المايكروفون وتخاطب الممثل معه لمعرفة استكناه ذلك الصوت الخفي بداخله ، المسرحية كلها تدور حول شحوب واحتضار ذلك الصوت من خلال صداه وقد أبدع فيها الأحمري أيما ابداع " أعرف أن هناك نوعا مايسمى بستاند كوميدي الاحمري في هذه المسرحية خلق نوعا آخر بفلسفته بث لواعج النفس المكبوتة والثلاثية الهم والحزن الكآبة ووصل فكرة " إن بين الابداع والجنون شعرة " وقد حافظعليها عبر رتم المسرحية وإيقاعها وتفوق ! ج استهام أصوات الفنانتين منها نجاة الصغيرة وأظنه صوت فيروز كان السؤال لماذا هما بالذات؟ أقول العودة إلى الأصالة من بوابة التراث فمن أجمل الأصوات سابقا ولاحقا وقد يقصدالاحمري ديمومة فكرة ثقافة وسعة أفق بطل المسرحية وكان التوظيف جميلا ربما أرد كسر الرتابة والملل الذي قد يصاحب البعض ! والغناء بأصواتهما نوع من التطهير النفسي وهناك رسالة مبطنة أرادها الأحمري وهي الحالة العاطفية التي يمر بها بل المسرحية . 3 " أداء الممثل حرفنة وإتقان مع إبداع " مساعد الزهراني هذا المبدع والذي يعد مع زملائه في ورشة الطائف المسرحية خصوصا المبدع سامي الزهراني من أوائل مسرحي المملكة في التمثيل بل هما مدرستان يتعلم منهما الأجيال القادمة وهذه كلمة حق في جبين هؤلاء لقد ظهر أثر الورشة على تكنيك الأداء حتى إن عندما بدأت المسرحية رأيناه في أوضاع مختلفة مرة على سريره مرات بالقرب منه حتى حمله للسرير والتحليق به يمنة ويسرة حتى في الخلفية استخدام مسرح العرائس وخيال الظل ساهما في خلق فضاء آخر ومساحة حرة لعب فيها مساعد الزهراني كثيرا وأبدع وأمتع فيها حاضري المسرحية هناك حركة مسرحية أعجبتني كثيرا وهي قلب السرير ومواجهته الجمهور مع تقاسيمه السرير أعطى سابق معرفة بالجسن وراء القضبان لا أدري إن هذه المسرحية جعلت المتلقي بحالة أخرى عما كان في أولها وبدت فينا التساؤل لماذا وكيف أين الخلاص ؟ ! ووصل بهذه لممثل من دقة الاحتراف تجميع نشر غسيله المطبق مع تغيير الحركات ثم وضعهما كفنا بين يديه ياه لله درك يا مساعد كم أحزنتنا هذه المسرحية ! لتأتي خاتمة الأداء والإبداع عندما أوهمنا حقيقة بالتحدث مع الدكتور ورئيس نادي أدبي والرياضي وحركات يديه وكثرة حديثه عندما يختفي رويدا رويداكانت سيمفونية عزفها مثلت الإبداع " المؤلف والمخرج والممثل " . نقطة أخيرة ومهمة : عندما انتهت المسرحية جلس بعض الحاضرين في أماكنهم قليلا متأثرين متأميلين وبات السؤال ملحا على الشفاة ثم ماذا بعد خلاص انتهت المسرحية دفن الصوت دون الصلاة عليه ودفنه هكذا بصمت دون صراخ وعويل؟ ! كنتُ تمنيت أن ألتقى بثلاثية الابداع المؤلف فهد رده الحارثي والمخرج أحمد الأحمري والممثل المتألق مساعد الزهراني لكن هناك من تدخل بصوته من خارج ورشة الطائف المسرحية وأفسد علينا متعة المشاهدة ولقاء هؤلاء الأحبة المبدعين لكن لا بأس ربما بعد أن يستمتعوا ب " قراءتي النقدية لهذه المسرحية " يعرفون أن الإعلام يقف معهم جنبا بجنب لكل إبداع وتألق وفكرة وثقافة وأدب سعودي وعربي كبير .