مع إجازة مطولة وقصيرة وترفيه وسياحة وهدوء وسفر وترحال وذهاب بعودة وبلا عودة، تأملت ذلك وفكرت وأنا أحتسي قهوتي السعودية ب" بُنها وهيلها" ومكوناتها اللذيذة التي تأتي على الكيف وحلو المزاح، مع كل هذا الضجيج في حركة المدن والناس والسيارات ومايحدث من أحداث وأخبار حوادث قتل وفساد ومايحدث في وسائل الاتصال والقنوات الإعلامية والممكن واللا ممكن، والقال والقيل والصح والغلط والصدق والكذب والإشاعة والهمزة واللمزة والنميمة والغيبة، فكل ذلك يكاد يذهب بحلاوة أعمارنا ويسرق فرحة سنينه ونحن بين الانتظار والترقب والوقت يسرقنا بسرعته والعمر لايتوقف ولو للحظة، لكننا بين هذا والبعد عن ذلك نحتاج للهدوء والتفكير بعيدا عن كل هذا الضجيج المزعج المؤثر على صحتنا وتفكيرنا وتعاملنا، فقد تحملنا لحظات سكون إلى البحث عن المزيد من الهدوء، الذي قد نجده في تأملات الحياة أو قراءة كتاب أو رشفة فنجان قهوة أو في آيات من كتاب الله نتلوها في سجدة خاشعة، نصل بها إلى راحة مسروقة في هذا الزمن العصي على الهدأة، فكم هو صعب أن تصنع هدوءاً في جوانحك الملئ بضجيج أفكار متزاحمة أو مشاعر مؤججة ورسائل موجهة إلى دواخلنا بالسلبية والهلع في هذا العقد من الألفية الثانية، بمزيد من الحروب والإرهاب والأمراض والأفكار الهدامة التي لا تهدأ إلا بالحزم، وهاهي الأيام وأقدارها تتخطف الناس من حولنا، فلا محالة أن نعيش في هذا الصخب المزدحمة به جميع وسائل التواصل المتنوعة بمادتها السلبية والإيجابية الموجهة إلى أفكارنا وعيوننا، فمرة تسعدنا وأخرى تزعجنا بضجيجها وأفكارها الإعلامية المثيرة بشهرة الأنا بالأضواء الكاشفة على مسرح الحياة وضجيجها المثير والمزعج بما فيه ولا مفر من ذلك إلا بالهروب إلى استراحتي الخاصة، بعيدا عن كل هذا الضجيج باحثا عن السكينة هناك؛ لأكون أحوج إليها في صناعة الهدوء في نفسي أولا بمد الأسباب مع الله، وهو الحبل المتين والركن، إن خانتك أركان. ثم بثها في بيوتنا ثانيا، بأن نحافظ عليها من تغير الأحوال وتقلب الأهواء مع حرصنا على من فيها من الآثار السلبية للضجيج في وسائل التواصل، التي قفزت فوق كل الحواجز ودخلت مع كل الأبواب المغلقة والمفتوحة؛ من أجل ذلك، فلا بد من أخذ الحذر وصناعة الهدوء من أجل حياة سعيدة وممتدة، ولنتعلم كيف نتقن صناعة الهدوء والتحصين والإقناع والقدوة لنحقق إنتاجا فعّالا وبناء ممتدا، فالعربة الفارغة هي الأكثر ضجيجا فلنملأ عربات أعمالنا بالكثير من الخطط المدروسة والأفكار الراقية لرفع الإنتاجية بلا ضجيج، ولنختم يومنا دائما إذا الليل أسدل لباسه علينا بنفوسنا المطمئنة الهادئة البعيدة عن صخب الحقد وضجيج الغل والغيرة والحسد؛ لننام نوما هادئا لنبدأ بعده يوما جديدا، نصنع به هدوءا بعيدا عن رياح وعواصف ومتغيرات الحياة السلبية، ولتكن حياتنا جلها إيجابية باحثين عن البشرى التي هي فأل المسلم، فبشروا ولاتنفروا واسعدوا ولاتحزنوا، وأنتم المتفائلون بكرم الله ولطفه ورزقه.