تشهد بوصلة ريادة الأعمال في المملكة، تحولا متسارعا نحو المشروعات الرقمية والاستثمار التجاري في التقنيات الجديدة، ويحظى هذه القطاع الواعد بمحفزات كبيرة لأفكارهم الابتكارية ورعاية متكاملة لتمكين مشاريعهم، ودعم نموه وتطوره، حتى تصبح فرصا تجارية مستدامة، تسهم في تنمية الاقتصاد الرقمي. قبل أيام بحث وفد المملكة برئاسة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحه، مع مؤسس شركة "كورسيرا" ورئيسها التنفيذي في ولاية كاليفورنيا، تطوير القدرات والمهارات الرقمية لأبناء وبنات الوطن وتمكينها بما يتوافق مع مهارات القرن الواحد والعشرين، كما اطلع الوفد على الرؤية المستقبلية للشركة وفكرة رأس المال الاستثماري الجريء للشركة لاستكشاف منظومة الشركات الناشئة، ومناقشة بناء القدرات والمهارات الرقمية وتطوير كوادرها في المملكة. هذه الجهود تأتي في إطار منظومة متكاملة للوزارات والأجهزة المعنية؛ لتحفيز بيئة الإبداع والابتكار للشركات الرقمية الناشئة بما يعزز توطين التقنيات وخلق المزيد من الفرص الوظيفية، بالإضافة إلى إثراء المجتمع الرقمي بالأفكار والمشاريع الريادية ، وتنمية الكوادر بإتاحة برامج تدريبية مكثفة متخصصة، والعمل على تطوير منصة تربط المواهب التقنية العالمية والمحلية برواد الأعمال، وتمكين المشاريع الرقمية من الوصول إلى البيانات والتنظيمات ذات الصلة وطرح الحلول المدعومة. أيضا إنشاء بيئة حاضنة لمنظومة ريادة الأعمال الرقمية وذلك بهدف تأسيس الشركات الناشئة وسهولة الوصول لتطبيقات التقنيات الحديثة واستعراضها وتوفير الدعم المطلوب من خلال المعامل ومرافق النمذجة وخدمات المسرعات والحاضنات الرقمية. ومن المقومات الداعمة، تمكين مسارات الأبحاث والتطوير في الاتصالات و تقنية المعلومات، وتفعيل الشراكات مع الجهات ذات العلاقة لزيادة الأبحاث التي يتم العمل عليها في مجال التقنيات الناشئة والاستفادة من نتائجها في توطينها. رعاية الاستدامة حرصت المملكة في سياسة ريادة الأعمال الرقمية على وضع الآليات المناسبة لاستدامة المشاريع الرقمية، وربط أصحابها بالقطاعات المعنية لتصبح حلولا رقمية تجارية ناجحة في الأسواق المحلية، وقابلة للتوسع خارجيا، وهنا تبدو أهمية تسهيل الوصول للخيارات التمويلية، وفي ذلك، حققت المملكة نموذجا مثاليا في توفير حزمة من الحلول والخيارات المختلفة للمشاريع الرقمية الناشئة بالتنسيق مع جميع المصادر التمويلية المتاحة من القطاع الحكومي أو الخاص أو الشركاء الدوليين. كما تحرص المنظومة السعودية على تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في مجالات التقنيات الحديثة والمستهدفة والمساهمة في توطينها، وزيادة نسبة المحتوى المحلي التقني. ولهذا تعد سياسة ريادة الأعمال الرقمية حلقة تحول هامة في سلسلة المبادرات والبرامج التي تطلقها الجهات الحكومية أو الخاصة لتمكين هذه الشركات، وتسهيل إجراءاتها الحكومية والحصول على الرخص المطلوبة بهدف فتح المجال لها للابتكار وخفض التكاليف التشغيلية، وتطوير التشريعات التجارية والتقنية لتتناسب مع نماذج أعمال الشركات الناشئة وتساعدها في النمو. جودة حياة أهمية ريادة الأعمال كبيرة في تنمية الاقتصاد الرقمي، ومن ثم الاقتصاد المجتمعي المتطور، حيث تستهدف رؤية 2030 رفع نسبة مشاركة الشركات الرقمية الناشئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وخلق المزيد من فرص العمل، وفتح الأسواق لمخرجات الأبحاث والتطوير الرقمية المبتكرة وذلك من خلال المشاركة في المسابقات والفعاليات المرتبطة بالقطاعات الحكومية والخاصة، ومن خلال ذلك تتحقق مشاركة المجتمع من خلال رواد الأعمال في تطوير حلول أعمال رقمية تساهم في تحسين ورفع التنافسية والتطوير الرقمية لرفع جودة الحياة المجتمعية، وتعزيز الوعي في مجالات ريادة الأعمال الرقمية، وتشجيع المزيد من المواهب على بدء مشاريع ريادية وجاذبية العوائد المرجوة منها. ولأجل هذه الأهداف يقوم مركز ريادة الأعمال على تعزيز ثقافة ريادة الأعمال الرقمية من خلال احتضان المشاريع ، وتطوير نماذج الأعمال الجديدة وتأسيس الشركات الريادية من خلال برامج المسرعات والحاضنات الرقمية والفعاليات الريادية بالإضافة إلى توفير خدمة الوصول للخبراء التقنيين وتطوير الأعمال، حيث يساهم المركز في ربط الخدمات المقدمة مع شبكة معامل الابتكار الرقمية. وعلى ضوء هذه الخطوات العملية التي تشهدها ريادة الأعمال في المملكة، يبدو صعود ثقافة الابتكار والمشاريع الرقمية، برفع مستوى تمكين تطبيقات التقنيات الناشئة المنتجة للخدمات في ظل الإقبال المجتمعي المتزايد عليها. التجمعات التقنية تتخذ المملكة خطوات مميزة ومتكاملة نحو بناء مناطق حرة؛ لتسهيل استقطاب الشركات الناشئة المحلية والدولية الرقمية، ويمكن من خلالها بناء شركات تقنية، وفتح المجال لرواد الأعمال لبناء شركات مبتكرة، وتسهيل تصدير المنتج أو الخدمة للأسواق الدولية؛ لتكون المملكة عاصمة إقليمية واعدة للشركات الناشئة للتقنية المتقدمة والمبتكرة، عن طريق تسهيل الرخص التشغيلية للشركات ورفع النظم القانونية المترتبة على الشركات خارج المنطقة الحرة ، وتوفير كافة احتياجات رواد الأعمال والتقنيين من معامل ابتكار ومكاتب مشتركة لتحفيزهم للبدء بمشاريع مبتكرة قادرة على تجاوز التحديات. خلاصة هذه الخطوات ومعطياتها في الواقع، تؤكد سعي المملكة لتكون ضمن الدول المتقدمة في مجال التقنية الناشئة، وتسهل دخول الشركات العالمية للسوق السعودي، والعمل على إيجاد نموذج حوكمة للمناطق والتجمعات التقنية وتشجيع دورها في الاقتصاد الوطني؛ لتعزيز إسهامها في تحقيق استدامة التنوع الاقتصادي والازدهار المستدام.