يتفاقم الصراع الليبي يوما بعد آخر، بينما قالت مسؤولة الشؤون السياسية بالأممالمتحدة لمجلس الأمن، إن أزمة النزاع على السيطرة على السلطة التنفيذية في ليبيا قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد وتشكيل حكومات موازية، مؤكدة أن ليبيا توجه مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي، مما يهدد بتقسيم مؤسساتها مرة أخرى وتبديد المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين. وتصاعدت حدة الأزمة السياسية في ليبيا منذ انهيار الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021 في إطار عملية سلام تهدف لإعادة توحيد البلاد بعد سنوات من الفوضى والحرب في أعقاب انتفاضة عام 2011. وأعلن البرلمان انتهاء ولاية حكومة الوحدة المؤقتة، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي كان من المفترض أن تشرف على الانتخابات، وعُين فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء هذا الشهر. لكن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة رفض تسليم السلطة، مما تسبب في تعبئة الفصائل المسلحة الداعمة لكل جانب لقواتها داخل العاصمة طرابلس وحولها. وتسعى الأممالمتحدة لحل الأزمة بالضغط من أجل إجراء انتخابات جديدة قريباً، وطلبت من المؤسسات السياسية الانضمام إلى لجنة لحل الخلافات الدستورية والقانونية التي تسببت في انهيار الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر، فيما دعا السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند، أمس (السبت) الأطراف الليبية إلى دعم مبادرة الأممالمتحدة، التي تقضي بتأسيس قاعدة دستورية توافقية، واستعادة الزخم للانتخابات البرلمانية والرئاسية. جاء ذلك في لقاءين منفصلين عقدهما نورلاند، مع كل من رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح وقيادات من المجلس الأعلى للدولة، تمحورت حول سبل إيجاد حل للأزمة السياسية الحالية في البلاد وكيفية دعم الانتخابات. وكشف نورلاند أن عماد السايح أكد له استعداد المفوضية لإجراء الانتخابات بمجرد التوصل إلى اتفاق سياسي، مضيفا أن اللجنة المشتركة للبرلمان والمجلس الأعلى للدولة، التي اقترحتها المستشارة الأممية حول ليبيا ستيفاني وليامز، هي "الخطوة العملية التالية نحو هدف الانتخابات"، داعياً جميع الأطراف الليبية إلى دعمها. يأتي ذلك بعد أن انقضت الآجال التي حددتها وليامز، الثلاثاء الماضي، لتقديم تركيبة اللجنة المشتركة (6+6) التي تضم 6 أعضاء من البرلمان ومثلها من المجلس الأعلى للدولة، دون أن يقدم مجلس النواب موقفه النهائي من هذه المبادرة. فيما أعلن عشرات النواب رفضهم لها وتمسكهم بالقرارات الصادرة عن البرلمان، بينما صوّت مجلس الدولة على دعمه للمبادرة وقام باختيار أعضاء لجنته. ويسلّط هذا التباين في المواقف بشأن المبادرة الأممية على حجم الخلافات والاختلافات العميقة السائدة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، وعلى انسداد آفاق الحل السياسي في ليبيا، لا سيما مع وجود حكومتين تتنافسان على السلطة وتتنازعان على الشرعية. وتعميقا للخلاف، باشر علي القطراني، النائب الأول لرئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، عمله من مقر ديوان الحكومة بمدينة بنغازي، دون أن تجرى عملية التسلم والتسليم مع حسين القطراني، نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية. وكلّف البرلمان الشهر الماضي، فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، لكن رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة، طعن في شرعية هذه الحكومة ورفض التخلي عن منصبه وتسليم السلطة، كما تعهد بالبقاء إلى حين إجراء انتخابات بالبلاد، وهو القرار الذي يلتزم به نائب الدبيبة عن المنطقة الشرقية حسين القطراني ويرفض التخلي عن مهامه لصالح نائب باشاغا علي القطراني، وهو ابن شقيقته.