في أحضان مدينة العلا، موطن التراث العالمي بحضاراتها وكنوزها العريقة، وحاضرها المطرزة ببهاء مسيرة الخير السعودية، عقد المجلس الشنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" أعمال دروته ال116، والتي شهدت على مدى ثلاثة أيام ، مداولات الأعضاء الممثلين ل 21 دولة عربية، بشأن المرحلة الانتقالية المهمة للمنظمة من حيث توجهاتها الإستراتيجية وتعزيز التكامل العربي في ركائز (التربية والثقافة والعلوم) لأجل نهضة الأمة، واستلهام الأهداف المنشودة للأجيال بترسيخ هويتها وتفاعلها الحضاري. كما هي المملكة حاضنة التاريخ العريق ، هي دائما حاضنة لتطلعات أمتها وراعية لجسور التلاقي الفكري والإبداعي ، وتوفير الفضاء الرحب له، والحرص المتجدد على تعزيز الإسهام البنّاء للأمة، في ظل عولمة كونية تحتم التواصل الحضاري وتفرض تحديات تمس صميم الهويات. ولهذا يظل الدعم السعودي حاضرا ومتعاظما تجاه كل مايثري البناء التربوي والثقافي وعلوم العصر ، وتفعيل دور الأمة من خلال هذه المنظمة العريقة. وتقديرا لهذا الدعم ، رفع رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة "الألكسو" هاني بن مقبل المقبل شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز-حفظهما الله- على الموافقة والدعم الكامل لاستضافة المملكة لاجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة ، منوهاً بجهود سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ، لتعزيز "الألكسو" في مد الجسور الثقافية بين الشعوب العربية ودعم الابتكار والإبداع. نقش الحضارات في كلمات عميقة الدلالة لتلاقي الماضي والحاضر والمستقبل على أرض العلا ، حرص رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة "الألكسو" على تأكيد هذه الحقائق ، بقوله إن اجتماع الدورة الحالية يأتي في أحضان أقدم المدن في شبه الجزيرة العربية "العلا" التي تعد أعظم تحفة عرفها الزمن، وموطن الحجر، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، إذ يصل عمر الاستيطان البشري فيها إلى نحو 4 آلاف عام، مشيراً إلى أن العلا أرض عُرِفت بأهميتها التاريخية والجيولوجية والجغرافية، حيث استمدت أهميتها من وقوعها على مفترق الطرق الواقع في طريق الحرير وطريق البخور، والآن يعيد العالم اكتشاف تلك الأرض التي نقشت فيها الحضارات آثارها. وبيَّن أن "العلا " تميزت بكونها في صفحات التاريخ نقطة التقاء ثلاث قارات وبوابة شبه الجزيرة العربية إلى الشرق والغرب نتيجة تعاقب الحضارات والشعوب المتتالية، حتى أصبحت اليوم متحفاً مفتوحاً حياً يزخر بإرث بشري يعود إلى 200 ألف عام لم يُستكشَف معظمه بعد. عنوان هذه الحقائق أوجزه رئيس "الألكسو" بقوله "إذا كانت المملكة العربية السعودية تشكل ملتقى للحضارات القديمة، فإن العلا هي نبع تلك الحضارات". روح الحوار رئاسة المملكة للدورة الحالية للمنظمة منحتها زخما كبيرا رسم خارطة طريق لدور "الألكسو" قال عنها رئيسها هاني المقبل: "مضت أكثر من 6 أشهر على رئاسة المملكة للمجلس التنفيذي، ومنذ اليوم الأول للرئاسة سعت وبدعمكم أن تكون أول ثلاثة أشهر ورشة عمل مفتوحة، مع أعضاء المجلس ومع إدارة المنظمة، حيث عُقِدت اجتماعات ثنائية ، قُدِّمت خلالها العديد من الرؤى والمقترحات, فكانت مخرجاً للأحرف الأولى في رحلة المجلس التنفيذي نحو توجهه الحالي لإثراء دور المنظمة. وبيَّن رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة "الألكسو" أن ورشة العمل الكبرى التي عقدها المجلس التنفيذي ركزت على تطوير عمل المجلس وآلياته، وأكدت ضرورة وأهمية التخطيط الاستباقي في جميع الأعمال، وإعادة صياغة العمل الإستراتيجي للمجلس وفق مراحل محددة لحصد نتائج ملموسة، وقال: "خرجنا باتفاق بعد عدة اجتماعات وورش عمل لتأسيس مبادئ عمل توجيهية في المجلس تقوم على المسارات الإستراتيجية والتشغيلية، والتقنية، والتواصل، والشراكات؛ لرفع مستوى التواصل والمشاركة بين أعضاء المجلس، بهدف دعم المنظمة ورفع مستوى التأثير". استراتيجية طموحة وفي الفضاء الرحب لحضارة العلا قال المدير العام لمنظمة "الألكسو" الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر، أن هذا الاجتماع بين روائع وكنوز وآثار الممالك العربية القديمة, خاصةً دادان ولحيان والأنباط, وفي ظل الرعاية التي يوليها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز من خلال الهيئة الملكية لمحافظة العلا وما تحقق من إنجازات ذات شمولية بأبعادها التراثية والاقتصادية والاجتماعية ستضيف دعماً لجهود "الألكسو" وتعزيزاً للتعاون مع المنظمات والمؤسسات العربية والدولية ،الأمر الذي يشكل هدفاً إستراتيجياً لخدمة المنظمة وتعظيم منزلتها وتحقيق رسالتها. وتفصيلا لذلك ، أكد ولد أعمر، سعى المنظمة إلى تعزيز وتطوير التعاون مع اليونسكو، وتستعد لتوقيع برنامج تنفيذي خلال فبراير القادم، وتكثيف التعاون الثلاثي النموذجي بين "الألكسو" و"الإيسسكو" ومكتب التربية العربي لدول الخليج، إضافة إلى تعزيز العلاقات مع اللجان الوطنية الذي يعد أولوية من أولويات المنظمة من أجل بناء جسور مفتوحة للتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء.