فرضت السلطات الأمنية إجراءات مشددة تحسبا للتظاهرات التي تواصلت عقب استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إذ شهدت الخرطوم انتشارا أمنيا كثيفا وإغلاقا للجسور الرابطة بين مدن العاصمة، بينما فرضت القوات الأمنية طوقا على محيط القصر الرئاسي وقيادة الجيش بوسط الخرطوم، كما تم إفراغ المنطقة من المواطنين. ودعا تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة إلى الخروج في مظاهرات سلمية تتجه إلى القصر الرئاسي للمطالبة بالحكم المدني، فيما ظلت القوات الأمنية والعسكرية في حالة استعداد قصوى منذ ليل الإثنين، حيث بلغ التأهب وسط القوات النظامية نسبة 100 %. وتأتي تلك المعطيات الأمنية فيما يتوقع أن تتجدد التظاهرات في الخرطوم خلال الأيام المقبلة، رفضا لمشاركة المكون العسكري في الحكم الانتقالي، أو احتمال سعيه لتسمية رئيس بديل عن حمدوك لتشكيل الحكومة الجديدة. بالتزامن حثت كل من بريطانيا والولايات المتحدة، فضلا عن البعثة الأممية، القوات الأمنية إلى حماية المتظاهرين وصون الحق بالتجمع السلمي، داعية في الوقت عينه إلى الحفاظ على الحكم المدني. من جهته، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان في لقاء مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى الخرطوم براين شوكان، أمس، أن أبواب الحوار ستظل مفتوحة مع جميع القوى السياسية بغية التوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية. وقال بيان لمجلس السيادة، إن البرهان شدد خلال اللقاء على "ضرورة استمرار الحوار بين الأطراف كافة للخروج ببرنامج توافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية". وأضاف "أبواب الحوار ستظل مفتوحة مع جميع القوى السياسية وشباب الثورة من أجل التوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية والسير في طريق التحول الديمقراطي، وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة تأتي بحكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني"، مشيرا إلى أن القائم بأعمال السفارة الأميركية يدعو للإسراع في تشكيل الحكومة. وكان الدكتور عبدالله حمدوك أعلن في كلمة متلفزة، فجر الاثنين استقالته من منصب رئيس مجلس الوزراء، مبينا أن هناك صراعات عدمية بين مكونات الانتقال، مشدداً على أنه حاول تجنيب السودان خطر الانزلاق نحو الكارثة. ويشهد السودان منذ أكتوبر الماضي، انتقادات وتظاهرات رافضة للإجراءات الاستثنائية التي فرضتها القوات المسلحة في حينها وحلت بموجبها الحكومة والمجلس السيادي، وللاتفاق الموقع مع حمدوك أيضا في 21 نوفمبر، والذي ثبت الشراكة في حكم البلاد مع المكون العسكري، وأفقد في الوقت عينه رئيس الحكومة حاضنته السياسية، إذ يطالب المحتجون بتسليم الحكم في البلاد إلى حكومة مدنية صرف، ووقف مشاركة القوات الأمنية في إدارة البلاد.