يشكّل الطعام محوراً حيويا في ثقافات الشعوب وتاريخها، ويعد قطاع المطاعم واستثماراته أحد أكبر القطاعات تنوعا ونموا في جميع أنحاء المملكة التي تشهد تنوعا ومستويات عديدة للمطاعم. ومن منطلق هذا التنوع حرصت هيئة فنون الطهي على ترسيخ مكانة المطبخ السعودي وإرث موائدنا العامرة، وتسعى بخطى ثابتة لنشرها محلياً وعالمياً لتصبح المملكة مثالاً لأصالة فن الطهي وموطناً لتجاربه المذهلة، وبوابة تنطلق منها طاقات العمل والإبداع ، ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية 2030. في السنوات الأخيرة حقق المطبخ السعودي حضوراً في المعارض العالمية باعتباره من أكثر المطابخ تنوعاً في دول الشرق الأوسط ، إذ لكل منطقة في المملكة أطباقها وأكلاتها المميزة مع تنوع العادات والتقاليد ، إلى جانب توافد ملايين المعتمرين والحجاج طوال العام وانتعاش قطاع السياحة ، وارتفاع مستوى المعيشة الذي حفز الاستثمارات والماركات العالمية، ومطابخ الفنادق على كافة مستوياتها. ولأهمية هذا الجانب انطلقت "هيئة فنون الطهي" للنهوض بهذا القطاع والدفع بمستقبل الطهاة السعوديين والسعوديات عالمياً وذلك ضمن 11 هيئة جديدة تتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري وترتبط تنظيمياً بوزير الثقافة لضمان أعلى مستويات الجودة والفعالية. قبل أيام صدرت موافقة وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي المهندس أحمد بن سليمان الراجحي على تأسيس أول جمعية مهنية للطهي،وتشكّل مجلس إدارتها برئاسة علي اليوسف، ومؤيد الجماز نائباً للرئيس، وضحى العطيشان مشرفة مالية، وريان الثقفي، ومحمد حكيم. وتندرج الجمعية تحت مبادرة "تأسيس الجمعيات المهنية الثقافية"، إحدى مبادرات برنامج جودة الحياة، وهي من مخرجات استراتيجية وزارة الثقافة للقطاع غير الربحي التي اعتمدها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان مؤخراً، وتشمل تكوين 16 جمعية مهنية في ثلاثة عشر قطاع ثقافي.يأتي ذلك تزامنا مع إدراج منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، مدينة بريدة ، ضمن شبكة اليونسكو للمدن المبدعة، في مجال فن الطهي. استراتيجية نشطة منذ تأسيسها أطلقت الهيئة العديد من المبادرات التي تعنى بتشجيع وتحفيز ودعم المجتمع السعودي من طهاة مبتدئين ومحترفين لحفظ وتوثيق الوصفات السعودية، كما أطلقت موقعها الإلكتروني الرسمي باللغتين العربية والإنجليزية ، في إطار استراتيجية الهيئة للتواصل مع المنتمين للقطاع والمهتمين فيه وشركائها محلياً ودولياً. وتهدف هيئة فنون الطهي التي ترأسها تنفيذياً مياده بدر إلى تحديد عناصر وتاريخ فنون الطهي الوطنية والمحافظة عليها والترويج لها عبر محتوى فريد وقصص مُعدّة محلياً، وتقديم تجربة الأكل بطراز عالمي للمواطنين والسيّاح، وتطوير مهن فنون الطهي السعودية وتعزيزها، إضافةً إلى التطوّر والابتكار في الإنتاج والخدمات ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية المملكة 2030. كما يشهد سوق التوصيل في أنحاء المملكة نمواً استثنائياً ، واتجاها لتطبيق حوسبة المطابخ، والتي تقدم نماذج عمل قادرة على خلق قيمة اقتصادية عالية وتجربة توصيل أفضل. مبادرات وجوائز وتعمل هيئة فنون الطهي على إبراز الطهاة الماهرين من مختلف مناطق المملكة الذين حققوا جوائز عالمية ونجاحات متميزة لتدوين إرث المطبخ السعودي ووصفات أطباقه ونشرها محليا ودوليا، وأيضاً يعيد إلى الأذهان أمهات الكتب في هذا المجال، إلى جانب تشجيع عمل الأبحاث والدراسات والتطوير في مجال فنون الطهي، وتصنيف المطاعم والأطباق والطهاة، ووضع الآليات والضوابط والاشتراطات المتعلقة بفنون الطهي، كما تدعم رواد الأعمال في هذا المجال من خلال توفير مطابخ مشتركة وتشجيع التمويل والاستثمار في القطاع مما يعني زيادة فرص التوظيف للعاملين من طهاة ومساعدين وباحثين وصناع المحتوى في مجال الطهي. حول ذلك أكدت ميادة بدر ، الرئيس التنفيذي لهيئة فنون الطهي ، سعي الهيئة لعمل تكاملي مع مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص بهدف الحصول على مخرجات تحقق أهدافها ورؤيتها في تطوير القطاع، من خلال عملها مع الجامعات وأعرق المعاهد وعدة جهات متخصصة بإعداد حزمة من البرامج التدريبية وبرنامج منح الابتعاث ، وبرنامج "فنون الطهي" لتخريج جيل من الطهاة السعوديين والسعوديات المؤهلين، كذلك مبادرة "مهرجان الطهي الوطني" ، ومبادرة "إرث مطبخنا" لتوثيق وصفات الطهي السعودي عبر منتجات رقمية أو مطبوعة، تسهم في تكوين قاعدة بيانات لوصفات طهي سعودية، وإثراء المحتوى الثقافي للمطبخ المحلي واكتشاف مواهب الطهاة. وفي مؤشر قوي على أهمية اقتصادات قطاع المطاعم والمشروبات، تسجيله زيادة خلال الربع الأول من العام الحالي 2021 ، بلغت 35 % على أساس سنوي، بإجمالي 17.38 مليار ريال، مقابل 12.87 مليار ريال في الربع المماثل من العام الماضي. وتعزيزا لهذه الجهود ، أصدرت وزارة التجارة خلال العام الجاري 5302 سجل تجاري في نشاط المطاعم ، في وقت تشهد فيه السوق السعودية انتعاشا كبيرا في استثمارات القطاع بالتزامن مع إطلاق مواسم المملكة ، كما بدأ تطبيق قرار زيادة نسب التوطين في منافذ أنشطة المطاعم.