فاجأ الرئيس التونسي الأوساط السياسية، بإعلانه تعيين المهندسة نجلاء بودن رمضان رئيسة للوزراء، لتصبح أول امرأة عربية وتونسية تشغل هذا المنصب، طالباً منها أن تكون أولوية حكومتها مكافحة الفساد وإعادة الأمل للتونسيين، وذلك بعد بعد شهرين من عزل الرئيس للحكومة السابقة وتجميد أنشطة البرلمان الذي كان يسيطر عليه الإخوان عبر تنظيم النهضة. واعتبر قيس سعيد، لدى استقباله رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن، أن تعيينها في هذا المنصب يعد تكريما للمرأة التونسية، مؤكداً أن تونس تعيش تدابير استثنائية، بعد أعوام عاشتها، خصوصا في الفترة الأخيرة، في ظل أوضاع سياسية، واقتصادية، واجتماعية وغيرها. وقال: "سنعمل معا في المستقبل، بإرادة وعزيمة ثابتة للقضاء على الفساد والفوضى التي عمت الدولة.. نتحمل اليوم مسؤولية تاريخية بالفعل"، مشدداً على أن تعيين أول رئيسة حكومة في تاريخ البلاد شرف لتونس وتكريم للمرأة التونسية، معتبرا أن المرأة قادرة على القيادة بنفس القدر من النجاح والرؤية الواضحة كالرجل تماماً. وطالب سعيد رئيسة الحكومة الجديدة، باقتراح أعضاء الحكومة بشكل عاجل في الساعات أو الأيام القادمة. وأضاف: "أضعنا من الوقت الكثير، ولا بد من العمل بسرعة، وتشكيل فريق متجانس، يقاوم الفساد، كمقدمة لكل عمل، إضافة إلى الاستجابة لمطالب التونسيين، لحقوقهم الطبيعية في العمل والصحة والنقل، والحياة الكريمة بوجه عام"، مضيفاً: "أرجو أن يتم تشكيل الحكومة بسرعة، حتى نبدأ العمل ونختصر المسافة في التاريخ، بعد أن أضاعت الحكومة السابقة الوقت في الشجار وتحولت المؤسسات إلى حلبات تسيل فيها الدماء". نجلاء بودن رمضان (63 عاما) هي أستاذة تعليم عال في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، مختصّة في علوم الجيولوجيا، تشغل حاليا منصب مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وجرى تعيينها مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي سنة 2011، كما تقلدت مهام رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن في عام 2015. ويرى الخبير والكاتب السياسي التونسي محمد بوعود، وفقا ل"العين الإخبارية"، أن تعيين أول امرأة على رأس الحكومة يقطع النظرة الدونية للمرأة التي رسخها الفكر الإخواني في تونس، مبينا أن نواب التنظيم بالبرلمان كشفوا في أكثر من مناسبة عداءهم للمرأة وعدم إيمانهم بالحريات العامة، موضحا أن نجلاء تنتمي لفئة التكنوقراط، ومن المتوقع أن تشرف على الملف الاقتصادي في تونس لوقف نزيف الأزمة التي تسببت فيها حكومات حركة النهضة الإخوانية طيلة سنوات. وبودن كما يراها مراقبون امرأة عابرة للتصنيف السياسي، قادمة من عالم تكنوقراط لا يعترف بمعادلة الاستقطاب مكلفة بمهمة جسيمة تحققت أولى أهدافها بصفعة لإخوان تونس، ولاقى تعيينها كأول امرأة لرئاسة الحكومة التونسية ردود فعل إيجابية، لكونها من خارج الطيف السياسي ولم يعرف لها انتماء حزبي في السابق.