على وقع الشلل السياسي في لبنان، وفشل المبادرات المتتالية لتشكيل حكومة الإنقاذ، التي يعرقلها تحالف "عون – حزب الله"، بوضع عقبات المحاصصة والأجندة الإيرانية في طريقها، تقترب البلاد أكثر من أي وقت مضى لسيناريو الانهيار، إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة تعود لأحد الأجهزة الأمنية اللبنانية، تحذر من الفوضى والتخريب واستخدام السلاح في الشارع الذي يشهد توترًا بسبب تدهور الأوضاع السياسية الاقتصادية. وتظهر الوثيقة المسربة تحذيرات جهاز الأمن العام اللبناني من تحضير لتصعيد كبير في الشارع من الممكن أن يتطور إلى عمليات ظهور مسلح ضد منازل السياسيين، وتؤكد أن الأمور ذاهبة نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع، وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات، بدوافع ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، وأيضًا تنفيذا لأجندات سياسية. ويواجه لبنان أزمة في تشكيل الحكومة منذ تكليف الحريري بالمهمة في أكتوبر الماضي، حيث تعهد بتشكيل حكومة اختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تتيح تلقي مساعدات خارجية، إلا أن تحالف "عون – حزب الله"، يواصل عرقلة التأليف، بإصرار الرئيس اللبناني على الثلث المعطل وحقيبة الداخلية، وانتظار الحزب للتطورات في ملف العلاقة الأمريكية – الإيرانية، حيث يضع لبنان ضمن أوراق مساومات طهران. وفي تأكيد على مصداقية الوثيقة المسربة بأن التخطيط مدبر بليل لخلق الفوضي في لبنان بحجة الغلاء المعيشي، واصل الدولار الأمريكي التحليق الجنوني مقابل الليرة في السوق السوداء، أمس (الثلاثاء)، حيث تجاوز ال15 الف ليرة لبنانية للدولار الواحد، بينما تتصاعد الاحتجاجات في المناطق اللبنانية، تعبيرًا عن السخط والرفض للواقع المعيشي الذي فرض على اللبنانيين. وأقدم محتجون لبنانيون على الاعتصام أمام مصرف لبنان في الحمرا، أمس، احتجاجًا على ارتفاع سعر الدولار و تردي الاوضاع المعيشية منددين بالسياسات المالية. وفي سياق التحركات السياسية نحو تأليف الحكومة، نقلت أوساط مقربة من دوائر رئاسة الجمهورية أجواءً تشاؤمية حيال إمكانية ولادة الحكومة في وقت قريب، على اعتبار أن كل ما كان يعول عليه من عوامل يمكن أن تساهم في تشكيل الحكومة أصبح في خبر كان، مشيرةً إلى أن الفرنسيين يضغطون في كل الاتجاهات ولم يسفر ضغطهم عن أي نتيجة حتى الساعة، وكذلك كل المبادرات والمساعي التي يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أو البطريرك بشارة الراعي، لم تكن نتيجتها إلا سرابًا. وشددت على أن المواقف لا تزال على حالها مع استمرار كل طرف بالتخندق في مربعه، ولفتت الأوساط نفسها إلى أنه بعد فشل كل المحاولات والمقاربات التي سعت خلال الفترة الماضية إلى تقريب وجهات النظر، لم يعد هناك من يستطيع أن يحدث أي خرق في جدار الأزمة، وإن كان ثمة من لا يزال يتحرك أو يحاول المبادرة فلن يكون بمقدوره تحقيق ما عجز عن تحقيقه غيره.