بعد أن لاحت في الأفق بوادر حل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، ظهرت عوائق جديدة وسط معلومات عن خلافات بين الحليفين، ميليشيات حزب الله، وحزب التيار الوطني الحر، المحسوب على رئيس البلاد، ميشال عون. وبعد أكثر من 7 أشهر منذ إجراء الانتخابات العامة، يحتاج لبنان، الذي يعاني وطأة الديون وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، بشدة لتشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات مطلوبة منذ فترة طويلة، بهدف وضع الدين العام على مسار مستدام. وفي حين نقلت وسائل إعلام لبنانية في اليومين الماضيين عن مصادر، أن الطرفين يتادلان الاتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، ذهبت مصادر أخرى إلى أبعد من ذلك، حين اعتبرت أن التحالف بين الطرفين، بات على وشك الانهيار. في غضون ذلك، نظم مئات اللبنانيين مظاهرة بالعاصمة بيروت، احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية في بلد، أفشل الفيتو الإيراني وخلافات الفرقاء جهود تشكيل حكومته الجديدة على مدار 7 أشهر. واحتشد المتظاهرون قرب مقر الحكومة، وكان بعضهم يرتدي سترات صفراء في محاكاة لاحتجاجات “السترات الصفراء”، التي شهدتها فرنسا في الأسابيع القليلة الماضية، والتي بدأت شرارتها 17 نوفمبر الماضي؛ اعتراضا على رفع الضرائب على المحروقات. وشملت مطالب المتظاهرين اللبنانيين توفير رعاية طبية مجانية، وخفض أسعار الغذاء، وتقليص الضرائب، فيما لم يبد المحتجون، اهتماما بمساعي تشكيل الحكومة الجديدة، التي تواجه تدخلا إيرانيا سافرا؛ من أجل عرقلتها. وخرج بعض المحتجين إلى شوارع بيروت، وأشعلوا النيران في صناديق قمامة على طريق رئيس؛ حيث وقع شجار بين المتظاهرين، وجنود حاولوا فتح الطريق، وفق الوكالة الوطنية للإعلام. ودعا بيان للجيش اللبناني إلى “التظاهر السلمي، وعدم التعدي على الأملاك العامة والخاصة”. وخلال الأيام الماضية، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر ضد الطبقة السياسية والفساد في مؤسسات الدولة، من دون أن يعرف مصدر الدعوة. وهتف المتظاهرون أمام مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت، مطالبين بإصلاح النظام ومحاربة الفساد ووقف هدر المال العام، وتوجهوا لاحقا إلى شارع الحمراء بوسط العاصمة، وأغلقوا الطريق الرئيسة، ووقعت صدامات محدودة مع قوى الأمن اللبنانية، التي منعتهم من مواصلة طريقهم. يشار إلى أن لبنان، الذي يعاني من نقص في تأمين الخدمات الرئيسة، وعلى رأسها الكهرباء والمياه، وتعاني بنيته التحتية من الترهل، شهد في 2015 مظاهرات حاشدة احتجاجاً على أزمة تكدس النفايات في شوارع بيروت وضواحيها. ومنذ 7 أشهر، لم تثمر جهود رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من خلال محاولاته تأليف حكومة جديدة، في خطوة يحتاج إليها لبنان للاستفادة من قروض ومنح تعهد المجتمع الدولي تقديمها دعما لاقتصاده ولتنفيذ مشاريع استثمارية كبرى ويرى مراقبون، أن معركة تشكيل الحكومة وعراقيل حلفاء مليشيا حزب الله الموالية لإيران، تطال بالدرجة الأولى سعد الحريري، من باب تطويق حليفيه الأساسيين سمير جعجع، ووليد جنبلاط، ومحاولة إخراجهما من الحكومة، في مسعى لإضعافه. وكان الحريري، قد قال الجمعة الماضي: إنه يأمل في الانتهاء من تشكيل الحكومة في وقت لاحق من ذلك اليوم. وفي المقابل، قال مسؤولون كبار السبت الماضي: إن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية، تعرضت لعقبات جديدة مما تسبب في تأجيل تشكيلها.