دعا البطريرك بشارة بطرس الراعي إلى تدويل القضية اللبنانية لإيجاد حلول لأزماته المتجذرة ومن ضمنها ملء الفراغ السياسي الراهن، في مؤشر على وصول مبادرته للوساطة بين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة المكلف، لطريق مسدود. وقال الراعي، أمس (الأحد)، إن وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأممالمتحدة، يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة، التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حدا لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات. وأكد أن هذا الطرح يأتي حرصًا على اللبنانيين وحفاظًا على الشراكة الوطنية والعيش المشترك في ظل نظام ديمقراطي مدني، مضيفًا: "لقد شبعنا حروبًا وفتنًا واحتكامًا إلى السلاح، لقد شبعنا اغتيالات، وقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين اغتيال الناشط لقمان محسن سليم، فهو اغتيال للرأي الحر، ودافع جديد لوضع حد لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيًا على خيرة وجوه الوطن". وفي سياق تطورات التأليف، ووفقًا لمصادر مطلعة، يبحث رئيس الحكومة المكلف خلال زيارته الحالية إلى باريس مع الرئيس الفرنسي وعدد من المسؤولين، مستجدات جهود تشكيل الحكومة ومعالجة نقاط الخلاف بين المكونات السياسية اللبنانية. من جهتهم، عد مسؤولون وسياسيون لبنانيون ماجاء في بيان المجلس السياسي للتيار الوطني الحر مؤخرًا حول اتفاق "مار مخايل" مع حزب الله الذي وقع بين الطرفين عام 2006، والاعتراف بفشله في مشروع بناء الدولة هو لذر الرماد في العيون خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان في ظل انسداد الأفق أمام تشكيل حكومة إنقاذ، مؤكدين أن العلاقة بين التيار الوطني الحر، وحزب الله الإرهابي علاقة عضوية وأن الاتفاق استراتيجي الذي اتكأ عليه الحزب في السيطرة على القرار اللبناني، لايمكن فضه بسهولة. وقال السياسي اللبناني توفيق الهندي ل"البلاد"، إن الهدف من وراء ماجاء في بيان التيار الوطني الحر يريد تبييض صفحتهم تجاه قاعدتهم، مؤكدًا أن السلطة والقرار في لبنان بالكامل لحزب الله والباقي من معارضين وحلفاء جميعهم ملعوب بهم، والجميع يعمل تحت سطوته. وقال مستشار رئيس الحكومة السابق الدكتور عبد الرزاق قرحاني: "سبق أن حذرنا إبان التسوية الرئاسية من الفشل في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، لأن فاقد الشيء لا يعطيه"، مبينا أن مايثار من تلميحات وتصريحات عن إعادة النظر في هذا التفاهم تحمل في طياتها رسائل متعددة خارجية وداخلية فعلى المستوى الخارجي: تقديم أوراق اعتماد للتخفيف من الانتقادات والعقوبات التي يتعرض إليها رئيس التيار الوطني الحر، وعلى المستوى الداخلي: لتخفيف الضغط من قبل الشريك "حزب الله" على رئيس التيار فيما يخص تأليف الحكومة، ويرى أن فشل أو استمرار هذا التفاهم سيكون مرهون بالاستحقاق الرئاسي القادم. من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي زياد عيتاني، أن لدى التيار الوطني الحر شعور بأن "حزب الله" قد تخلى وتراخي عن دعم رئيس التيار جبران باسيل للوصول إلى رئاسة الجمهورية، الأمر الذي ولد عند التيار حالة من القلق والتوتر زادت بعد العقوبات الأمريكية على جبران باسيل. فيما قطع الدكتور القاضي خلدون عريمط رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام، بأن ماجاء في بيان المجلس السياسي للتيار الوطني الحر مؤخرا يؤكد أن التفاهم الذي عقد بين حزب الله والتيار منذ 15 عاما كان بداية الانهيار لقيام مشروع الدولة المستقلة.