حكمة اقتصادية قديمة لأهل التجارة تقول: "لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع".. هذا القول لازلنا نردده عندما نتأمل تنوع الأسواق والسلع، وأذواق ورغبات المستهلكين خلال تسوقهم، خاصة أن النظرة الأولى دائما من نصيب الأسعار التي قد ترفق بجيوبهم أو تستنزفها. هذا هو موضوعنا في التحقيق التالي بشأن اختلاف أسعار بعض السلع من محل لآخر خاصة الغذائية ، وهل هي طبيعة السوق الحرة وكل يغني على زبونه وحسبة الأرباح ؟ أم أن المبالغة في الفروقات تعد استغلالا للمستهلك ووجوب حمايته؟. في البداية يقول علي الغامدي ، إن أسعار بعض المواد الغذائية متفاوتة من محل إلى آخر وبشكل ملحوظ ، فمن اللافت أن المجمعات تطرح التخفيضات على المنتجات أيام العطلة الأسبوعية، والسؤال: لماذا لا يتم تثبيت هذه الأسعار طوال أيام الأسبوع؟"، والمزيد من الرقابة لحماية المستهلك وبشكل مستمرّة على الأسعار والمحلات المخالفة التي تتجاوز القوانين، وأن تكون هناك جولات تفتيشية مكثفة من قبل المفتشين وتوحيد الأسعار. فروقات كبيرة هنا سألته عن تجربته مع فروقات الأسعار ، فقال كثيرا مايصادفني ذلك ، وأعتقد أن كثيرا من المستهلكين باتوا يعرفون المحلات الجادة في العروض والتخفيضات ، وتلك التي تعطي تخفيضا بيمنها في عدة سلع ، وتعوضها بارتفاع أخرى ، ناهيك عن البقالات في الأحياء السكنية التي ترفع أسعارها لعدم وجود منافس قريب لها ، أو تبيع بالأجل خاصة لمحيطها السكني ، والمضطر من المستهلكين يركب الصعب ولا يسأل عن السعر بقدر مايهمه الحصول على احتياجاته لمنزله. وأضاف: " قبل أسبوعين اشتريت كيلوجراما ليمون من أحد المحال ب6 ريالات فقط، وذهبت لمحل آخر فوجدت سعره 10 ريالات، أي 40 % زيادة ، وهناك تفاوت في أسعار الخضروات والفاكهة وغيرها من سلع استهلاكية ، مما أصابني بالدهشة للفارق الكبير في أسعار نفس المنتجات. من جهته أشار منصور المطيري ، إلى أن التفاوت الكبير في الأسعار يشمل سلعا رئيسية مثل الأرز والسكر والزيوت وأنواع الجبن، وغيرها من السلع التي تستخدم بشكل متكرر، مؤكداً أن توحيد السعر يشمل سلعا بسيطة مثل زجاجات المياه الغازية والخبز والألبان ومنتجاتها، وأن التفاوت كان ينحصر في الماضي ما بين نصف ريال او ريال، أما الآن فهو يصل إلى 5 و7 ريالات ، مما يحتم ضرورة وضع حد للاستغلال الواضح في بعض الحالات، من أجل ضمان حقوق المستهلك في الحصول على السلع والمنتجات الغذائية أو الضرورية، بأسعار موحدة بغض النظر عن موقع المجمع التجاري ومكان تواجده. وأضاف أن بعض التجار وأصحاب المحال يتلاعبون في الأسعار، فالمنتج الواحد للسلعة تختلف أسعاره في الأسواق من مكان لآخر، وهذا يكشف استغلالهم. فتش عن الأسباب بعد آراء المستهلكين ، كيف يرى المهتمون بالشأن الاقتصادي هذا التفاوت في الأسعار عامة وأسعار السلعة الواحدة تحديدا بين منافذ البيع صغيرها وكبيرها؟ يرى عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عصام خليفة، أن تفاوت الأسعار بين المنتجات يعود إلى ثلاثة عوامل، أولها قوة المستثمر (البائع) سواء المحال أو المركز التجاري، وثانيا تكلفة السلعة وما تتحمله من نسبة في تكلفة الإيجارات والشحن والتشغيل، ثم العامل الثالث وهو حجم العروض والتخفيضات التي يقدمها منفذ البيع وغالبا تكون بالمتاجر الكبرى. وأضاف: إن السوق السعودي يتميز بالاتساع والتنوع، حيث يضم أكثر من 300 ألف محل ومركز تجاري في جميع مناطق ومدن المملكة، تعج بالبضائع والسلع من شتى بقاع العالم، مما يزيد من حجم التنافس الذي يصب في مصلحة المستهلك، مشدداً على أن السوق السعودي يعد من أفضل الأسواق المنافسة في المنطقة، وأسعار السلع منخفضة مقارنة بأسواق الدول المجاورة ، لكن الصورة تكتمل بمنع الجشعين المتلاعبين بالأسعار الذين تكشفهم فروقات أفضل لصالح المستهلك في منافذ أخرى. واشار إلى أن التفاوت في أسعار السلع بين المجمعات التجارية موجود، خاصةً في بعض المواد الغذائية وكذلك الملابس والأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي تحمل الماركات والمواصفات نفسها، ما يتطلب وضع ضوابط لتحديد أسعار كل السلع، والتأكد من مصداقية العروض الترويجية على بعض السلع التي تجذب نسبة كبيرة من المستهلكين. دور المستهلك من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة التفاوت في أسعار السلع والمواد الغذائية ظاهرة ايجابية تصب في صالح المستهلك، فالعروض والتخفيضات المستمرة التي تجريها المراكز التجارية الكبرى تساهم بشكل كبير في خفض الأسعار، والمستهلك الواعي يذهب لشراء السلع التي يريدها بالسعر الذي يناسبه، وبإمكانه أن يرفض شراء أية سلعة يجد تلاعب في سعرها سواء من بقالة أو متجر كبير، وهو بهذه الطريقة يوجه ضربة قوية للتاجر الجشع، حيث يساهم بتصرفه الإيجابي في انتهاء صلاحية السلعة قبل أن تجد من يشتريها". وأشاد د. باعجاجة بالجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التجارة والاستثمار، وحملات التفتيش التي لا تتوقف على المحال والمراكز التجارية والتي أثبتت فعاليتها ونجاحها، وشدد في الوقت نفسه على ضرورة رفع الوعي لدى المستهلك ليساهم مع المسؤول في وقف الغش التجاري ومنع التلاعب بالأسعار، وقال: "كل من يذهب للخارج وخصوصاً الدول المجاورة سيكتشف أن الأسعار لدينا في المملكة أفضل وأكثر استقرارا بكثير. أخيرا أكد المتحدثون على أن ارتفاع نسبة الوعي لدى الجمهور بسبب تأثير وسائل التواصل ، ونشاط حملات الجهات المعنية لتوعية المستهلكين وجولاتها بالأسواق يحد من الغش والتلاعب ، ومنع المغالاة وضمان حماية أفضل للمستهلك.