أصبت بمرض الفصام في عام 2016 ، وشعرت أن دماغي مشوش وأن هناك من يطاردني فضلا عن سماع هلاوس، بهذه الكلمات بدأت إحدى المصابات بالانفصام ، لافتة إلى أنها كانت تشعر أن ثمة كاميرات تخترق جدران البيت وتراقبها واستمر الوضع لأشهر عديدة ، وكل هذه التداعيات جعلتني احاول الانتحار وتم إدخالي إلى وحدة العناية المركزة بأحد المستشفيات، ولكن تشخيص الطبيب كان إصابتي بالفصام ، كما انني لم أكن مقتنعة بالتشخيص وكنت على يقين من أنني كنت مراقبة من قبل عيون خفية . وتضيف بعد ذلك بوقت قصير ، بدأت في سماع أصوات تتحدث إلي ، وتوقعت أنني كنت الوحيدة في هذا العالم التي تسمع تلك الأصوات. كنت أتوقع منظمة سرية تستهدفني وحاولت الهروب من عائلتي ، تخرجت من الجامعة بمساعدة أخواتي ، لكن حالتي لم تكن مستقرة إطلاقاً حتى تم إدخالي إلى مستشفى الملك خالد لمدة شهرين ونصف ، وبعد ذلك تحسنت حالتي وأصبحت الأصوات اخف ، لافتة إلى أن التثقيف بمرض الفصام في المجتمع شبه معدوم وانا متأكدة بأن هناك كثيرين فكروا في الانتحار لانهم لا يعرفون ما يدور حولهم من "هلاوس"، فلو لم ابحث بنفسي على الإنترنت، لكانت نهايتي مأساوية. وثمة قصة أخرى حيث قالت نُهى العسيري عندما كنت في السابعة عشرة من عمري ، تعرضت لأول نوبة هلع فقدتّ فيها نفسي وفقدت أشياءً كثيرة وتخلِت عن طموحاتي كنت بين أهلي أحس أن نبضات قلبي تتسارع ،وحينها داهمني وسواس الموت لماذا ألبس وانا بموت ولماذا أطلع وانا بموت اي امر اربطه بالمُوت وبعدها بدا وسواس الامراض صرت لا أستطيع النهوض، وعندما اذهب إلى المستشفى يقولون: "ما فيك شيء" فقدت لذة الحياه، وعندما أرى عائلتي لا اعرفهم اقول هؤلاء مين ابتعدوا عني ، وأتوا بشيخ يقرأ علي: (اللي يقول عين سحر واللي يقول جني) وإلى الان انتكس ولكن احاول أرجع لطبيعتي. هذه سيناريوهات لحالات نجت من قبضة الإنفصام ، وكانت في طريقها للانتحار ومثل هذه الحالات تستدعي تشخيص اسباب انتشارها بين فئات معينة من افراد المجتمع والنظر في الحد منها بقدر الامكان في البداية عرّف الأخصائي النفسي والمرشد الأسري علي عبد الله تمار، مرض الفصام بقوله إنه مرض ذهاني مزمن يتميز بأعراض نفسية وعقلية تؤدي إلى اضطرابات في الشخصية والسلوك والتفكير والابتعاد عن المجتمع والحياة الواقعية مع اضطراب في الرؤية وأشار إلى الفصام أنه اضطراب عقلي شديد يفسر فيه المريض الواقع بطريقة غير طبيعية ،ويمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الهلوسة والأوهام واضطراب شديدة في التفكير والسلوك ، مما يضعف أداء المريض اليومي وقد يؤدي إلى إعاقة ، في حين أن اضطراب الشخصية المتعددة هو أحد الأمراض النفسية المرتبطة بالاضطرابات أو انهيار الذاكرة والوعي والإدراك والهوية ، هي الوظائف العقلية التي تعمل بسلاسة في الشخص السليم ، بينما عند تعطل واحد أو أكثر منها فإنها يمكن أن تنتج أعراض الفصام ، والتي قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة بحيث تتداخل مع الأداء العام للشخص ، سواء في الحياة الشخصية أو في العمل ، وقد يصاب المصاب باضطراب الشخصية الانفصامية بشخصية بديلة واحدة أو أكثر يعيشون فيها ، وقد يحدث هذا مع أو بدون وعي. أنواع الشيزوفيرنيا وأوضح تمار أن الفصام البسيط هو نوع نادر يحدث فيه تغير بطيء في السلوك مع ظهور الأعراض السلبية فقط ،والفصام التخشبي هو النوع الأقل خطورة بسبب استجابته السريعة للعلاج ويتميز باضطرابات في الحركة ، والفصام غير المنتظم هو اضطرابات في الكلام والسلوك ، والفصام الهذائي هو الأكثر شيوعاً تظهر فيه المعتقدات الخاطئة بشكل واضح ويصاحبه هلاوس مختلفة، ويعتبر أقل تدهوراً من غيره ، والفصام المتبقي هو مرحلة ما بعد العلاج ويتميز ببقاء بعض الأعراض السلبية، واعراض الانفصام تتمثل في فقدان ما يوجد عند الأشخاص الطبيعيين عدم الاهتمام بالنظافة، مشاكل في الأداء الوظيفي، المزاجية وانعدام التعبير عن المشاعر والأحاسيس، عدم القدرة على اتخاذ القرارات، الانعزال عن الآخرين. وأشار إلى أن التشخيص يجب أن يتم من قبل طبيب نفسي أو أخصائي صحة عقلية ، وفق عدد من المعايير ومقاييس وهي: الفحص البدني والاختبارات والتحاليل والتقييم النفسي ومعايير تشخيص " الشيزوفرينا "الفصام . أسباب وراثية من جهته أوضح الاخصائي النفسي سليمان الزايدي بقوله : يوجد غموض في أسباب وجود مرض الفصام يصيب الدماغ تحديدا في الناقلة العصبية هناك عوامل كثيرة في الأسباب ومنها الوراثية بنسبة عالية ، تغيرات كيميائية في الدماغ ، مسببات بيئية ، ومن الناحية الطبية بما انه يوجد مضادات تعمل استقرار للمريض وبالتالي يرون الجوانب الكيميائية لها دور كبير لكن الثابت الوراثة تعد عامل الأساسي في حدوث الانفصام. وذكر من مسببات مرض الفصام الإدمان استخدام المخدرات المنشطات، فضلا عن الاستعداد الوراثي ومع تعاطي المخدرات يعمل ثورانا للأعراض وتصبح واضحة وفي بعض الأحيان واذا كان الإدمان مصاحبا لمرض الفصام تكون العملية العلاجية صعبة. إعاقة اجتماعية واستطرد الزايدي أن الفصام يعمل إعاقة اجتماعية كبيرة فالشخص يفقد كثيرا من مهاراته الوظيفية ويصعب عليه ممارسة الحياة بشكل سوي، ويحتاج مريض الفصام إلى تعامل خاص، كما تقل انتاجيته، ووجود عمل أو أمر يشغل المريض فترات طويلة جدا تقلل من احساسه بالعزلة واحساسه بالاضطهاد واختفاء بعض الهلاوس، ومن التحديات التي تواجه أسر مرضى الفصام والمراكز هو النشاط الذي يقوم به المريض. ومن مظاهر مرض الفصام يصاب الشخص بعزلة بشكل كبير عزلة عن الواقع ، والضلالات، فضلا عن اصابته بالهلاوس والتخيلات السمعية والبصرية والشمية وبعض الأفكار الاضطهادية والأوهام ، وغالبا ما يصاحب مرضى الفصام اضطرابات أخرى تكون طبيعية مثل الاكتاب والقلق، كما أن اعراض الفصام لدى المصابين تكون مزعجه ومؤلمة ويرى أنه منفصل عن الواقع بعيد عن الحياة الطبيعية التي يعيشها أقرانه فالبتالي تكون حالات الانتحار لدى المصابين بالفصام أكثر من غيرهم. برامج علاجية ويضيف: الكثير من الاخصائيين النفسيين يرون أن الفصام لا يقدم برامج علاجية واضحة ولكن هذا غير صحيح حيث يمكن مساعدة المرضى وتقديم برامج علاجي نفسي ودعم وتعزيز ثقتهم وادراجهم في الاعمال التي تناسب رغباتهم لذلك على الاخصائيين النفسيين جزء كبير في مساعدة مرضى الفصام وادخالهم في برامج علاجية لتكون مساعدة بشكل كبير وجميع العلاجات المصاحبة لا تلغي أهمية وجود علاج دوائي لاستقرار الحالة والقدرة على التعامل معها. خسائر جسيمة تؤكد الاخصائية الاجتماعية تهاني عبدالهادي إن مرضى الفصام لا يتحملون نتائج ما يقومون به من أعمال – أياً كان طبيعتها – لأن مريض الفصام لا يعرف ما هي الخسائر الجسيمة المترتبة على ما يفعل، إذن هو مريض من نوع خاص، مريض يحتاج إلى رعاية خاصة، لأنه خطر على المجتمع، وعلى نفسه. ولفت إلى أنهم بحاجة دائماً إلى أن يكون هناك من يرعاهم، سواء كانت العائلة، أو أن تكون الرعاية من قبل الجهات المعنية في دولتنا الرشيدة، ورغم الجهد الذي تبذله تلك الجهات المعنية والجهد الفاعل في علاج مرضى الفصام الا أنه لا زال هناك عدم تقبل من أسر المريض نفسه له واعتقادهم بأن مستشفيات الصحة النفسية هي مؤسسات إيوائيةً بينما هي مؤسسات علاجية،وإذا تُرك الفصام دون علاج فقد يؤدي إلى مشاكل خطيرة تؤثر على كل مجال من مجالات الحياة. تتضمن المضاعفات التي قد يُسببها الفصام أو قد يرتبط بها حزمة من التداعيات مثل الانتحار، ،اضطرابات القلق واضطراب الوسواس القهري والسلوك العدواني، رغم عدم شيوعه. مرض معقد الاخصائية الاجتماعية دعاء زهران قالت: إن الفصام هو المرض الأصعب والأكثر تقييدا من بين جميع الأمراض النفسية. ويعاني المصابون به من مشاكل في مكان العمل، في المدرسة وفي علاقاتهم مع شركائهم . والفصام هو مرض مزمن، يلازم المصاب به طوال فترة حياته، لا يمكن معالجته، لكن يمكن السيطرة عليه بواسطة العلاجات الدوائية المناسبة وأشارت إلى الأفكار الشائعة عن الفصام بانه انفصام في الشخصية والحقيقة هو اضطراب نفسي "ذهان " حيث لا يستطيع الشخص المصاب التفريق بين الواقع والخيال. وقالت لكي نستطيع التكيف والتأقلم مع شخصية مصابة بالفصام ،التعامل معه بأنه شخص مريض ويجب أخذ الحذر من تقلباتهم المفاجئة لأنها جدا خطرة.وأوضحت لا ينشأ مرض الفصام من جراء فشل تربوي من جانب الأهل أو نتيجة لضعف شخصية الفرد. وهناك بعض العوامل التي لها دور في تكون مرض الفصام تتمثل في الوراثة ،عمليات كيميائية في الدماغ ، شذوذ في بنية الدماغ إضافة إلى العوامل البيئية. المرضى النفسيون الرئيس التنفيذي لدار وقف داركم للمرضى النفسيين وفاقدي المأوى ملاك محمد باعيسى قال إن المأوى هو دار متخصص لإيواء المرضى النفسيين المرفوضين من ذويهم وليس لهم مأوى وقد تم تأهليهم طبيا من خلال علاجهم في مستشفيات الصحة النفسية، لافتا إلى أن الوقف يقدم خدمة الايواء والإعاشة كاملة بالتعاقد مع شركة فندقية لتقديم خدمة راقية للمستفيدين , وكذلك هناك برامج التأهيل النفسي والاجتماعي من خلال التعاقد مع اخصائيين في هذا المجال. وأوضح هناك برامج تأهيل عملي من حرف يدوية لمن يستطيع منهم وكذلك يقدم لهم الخدمات العامة من حصولهم على المستندات الحكومية ومتابعة امورهم القضائية ان وجدت ، إلى جانب تقديم برامج دينية ممثلة بحلقة تحفيظ القران الكريم. وأشار إلى نسبة الفصاميين في الدار حوالي 95 % ، وبالنسبة لتعاون الأهل للأسف الشديد ضعيف جدا حيث ان معظم الأهالي غير متعاونين ولا يرغبون في استقبال ابنائهم بعد تأهيلهم والقليل منهم متعاون ويقوم بزيارة ابنائهم بالوقف واحيانا يستضيفونهم في منازلهم عددا من الأيام. وذكر بالنسبة لتكاليف الوقف الادارية والتشغيلية للأسف الشديد الأهالي غير متعاونين في المساهمة بدفع تكاليف مرضاهم التي تصل 8000 ريال شهريا للمريض الواحد . ولكن نحن نتعاون مع بعض الجمعيات والجهات الداعمة بدعم الوقف باحتياجاته. ولفت إلى الخطط المستقبلية للدار بأن تكون الطاقة الاستيعابية للوقف في جدة تصل الى 300 مريض نفسي مقيم بالوقف خلاف من يستضيفهم الوقف في النهار خدمة نهارية. وكذلك جاري العمل على تأسيس معهد اكاديمي ومكتبة عامة متخصصة في علم النفس والاجتماعي تخدم كل من له علاقة بهذا التخصص وكذلك جاري العمل على انشاء ادارة للبحوث والدراسات. أدوية الفصام المتحدث الرسمي لإدارة التواصل والعلاقات في وزارة الصحة عبد الرحمن الشمراني قال: توجد دار واحدة بالرياض لناقهي الامراض النفسية وليست خاصة بمرضى الفصام ، وجميع مجمعات ومستشفيات إرادة والصحة النفسية المنتشرة بجميع مناطق ومحافظات المملكة ويبلغ عددها (19) منشأة وقسم للصحة النفسية بمستشفى الملك عبد العزيز بالعاصمة المقدسة، بالإضافة إلى العيادات النفسية الملحقة بالمستشفيات العامة والتي تبلغ تسعة وتسعين عيادة، إضافة إلى العيادات النفسية التابعة للقطاع الخاص. وقال أدوية الفصام: هي نوع من أنواع الأدوية النفسية التي تُستخدم في الأساس للتحكم في هذا المرض (ويشمل ذلك الأوهام أو الهلاوس، بالإضافة إلى اضطراب التفكير)، وتعد أهم وسيلة لعلاج الفصام. وهذه الادوية بعضها من الجيل الأول مثل: هالوبيردول و كلوربومازين، وبعضها من الجيل الثاني مثل: كلونزابين و كيتوتابين ورسبيريدون، وهي متوفرة بالقطاعين الحكومي والخاص. وأشار إلى أن العلاج مجاني في القطاعات الصحية الحكومية، أما في القطاع الخاص فالبعض يتم تغطيته بالتأمين والبعض على حساب المريض.