أكدت مصادر دبلوماسية أوروبية، أن فرنسا هددت السلطات اللبنانية بأن الدول الكبرى وسائر المجتمع الدولي على اتفاق تام، بأنه لن يصل إلى لبنان دولار واحد، إن لم تُشكل حكومة إصلاحات تعمل على إنقاذ البلاد من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. يأتي هذا في وقت تواصل السلطة اللبنانية سياسة الاستهتار والمحاصصة على حساب الشعب اللبناني، مع نسف المبادرة الفرنسية وتعطيل محركات تأليف الحكومة، بينما تتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية واقتراب الانفجار الاجتماعي الكبير، مع قرب رفع الدعم على ضوء تقلص حجم احتياطيات النقد الأجنبي، التي باتت تكفي شهور قليلة. وكشفت المصادر، وفقا لراديو صوت بيروت، عن آليات بديلة لمساعدة الشعب اللبناني مباشرة في حال استمر التعثر بتشكيل الحكومة العتيدة، إلا أنها اعتبرت أن مثل هذه الآليات لن تؤدي إلى حل المشاكل التي تتراكم يومًا بعد آخر، بل قد تخفف جزئيًا عن معاناة الشرائح الأكثر حاجة وفقرًا، ولكن في النهاية لا بد من تشكيل حكومة جديدة، تتولى إدارة السلطة والمباشرة بحل المشاكل التي يواجهها لبنان، وخصوصا الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية. وأبلغت باريس السلطة في بيروت، أن الدول الخمس الكبرى مع سائر المجتمع الدولي، على اتفاق تام بأن لبنان يفتقد إلى القيادة الحكيمة في أخطر مراحل الأزمة التي يعيشها، وأن هذه الدول لم تتلق أي إشارة ايجابية وجدية من القادة السياسيين، بل على العكس، لم تلمس منهم سوى إشارات تؤكد ثباتهم على المنحى الذي فاقم أزمة لبنان، بما يجعلهم مشاركون في "تخريب لبنان"، عبر تجاهلهم لكل التحذيرات والنصائح بتجنيب كارثة اقتصادية ومالية تتجه إليها بيروت، وكذلك عبر إفشالهم كل المبادرات لإعادة ضبط الواقع اللبناني وتشكيل حكومة فاعلة، مما سيبقي باب المساعدات للبنان مقفلًا بالكامل؛ إذ إن كل الدول الكبرى وسائر المجتمع الدولي على اتفاق تام بأنه لن يصل إلى لبنان دولار واحد إن لم تُشكّل حكومة إصلاحات، وإن لم يحصل التدقيق المحاسبي الجنائي. إلى ذلك، تناقلت الأوساط السياسية اللبنانية، رسالة تردد أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وجهها للرئيس الفرنسي ماكرون، يحاول عبرها التهرب من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في لبنان وإلقائها على كاهل البرلمان. وجاء في الرسالة المتداولة أن البرلمان عطل مشروع قانون التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي اللبناني وضبط التحويلات المالية الى الخارج، كما تأخر حتى تاريخه في إقرار قوانين استقلالية القضاء، رغم أن تيار باسيل وحلفاءه (حزب الله، وحركة أمل) يحوزون الأغلبية في المجلس النيابي، مؤكدا إلغاء عقد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان مع شركة دولية متخصصة، وعزا ذلك إلى أن المنظومة السياسية المالية المتحكمة بالبلاد لا ترى فيه مصلحةً لها، متناسيًا أن زعيم تياره، عون، هو رئيس الدولة، وأن حكومة دياب من اختيار تحالفه مع "الثنائي". يأتي هذا فيما حذر مصرف لبنان، أمس، من أن المصرف يدرس خفض مستوى احتياطي النقد الأجنبي الإلزامي من أجل مواصلة دعم واردات أساسية العام المقبل مع تضاؤل الاحتياطيات المنخفضة بالفعل.