أعلن صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة أنه يجري العمل على تسجيل محمية جزر فرسان في اليونسكو في قائمة برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (ماب MAB)، وفي الحقيقة فإن جزر فرسان تستحق كل الرعاية والاهتمام فهي تتمتع بتنوع بيئي كبير حيث الشواطئ الصخرية، والرمال البيضاء، والشعب المرجانية، كما تتميز بارتفاعها القليل عن مستوى سطح البحر، والذي لا يتجاوز 40 مترًا في أعلى منطقة، وتنتشر فيها الأخاديد البحرية بتشكيلات صخرية تحمي الحياة الفطرية. وتضم جزر فرسان أكثر من 84 جزيرة، أكبرها جزر فرسان الكبرى، وقماح، وفرسان الصغرى (السقيد) وهي الجزر الآهلة بالسكان؛ حيث يسكنها أكثر من 18 ألف نسمة تعمل غالبيتهم في صيد الأسماك وزراعة الدخن والذرة، ويتميزون بأسلوب حياة بحري فريد، لا يشبه طريقة الحياة في المدن العادية، حيث يعيش معظم السكان في هذه الجزر المتنوعة بعناصر جذب مختلفة عن بعضها، بينما يتحرك بعضهم في السفن ويسافر البعض الآخر في الزوارق الشراعية المجاورة للمخلوقات البحرية. وتقع محمية جزر فرسان الطبيعية في القسم الجنوبي الشرقي للبحر الأحمر، وتبعد نحو 40 كيلومترًا عن ساحل مدينة جازان، وتبلغ مساحتها نحو 5400 كيلومتر مربع، وهي واحدة من أشهر المحميات الطبيعية في الجزيرة العربية، ومن أهم ما يميزها وجود غزال فرسان الذي يسمى «الإدمي الفرساني» ويميل لونه للبني الفاتح، وتعيش العديد من الطيور في تلك المحمية وسط بيئتها الطبيعية سواء البحرية أو البرية، كما تتواجد السلاحف والدلافين التي يمكن مشاهدتها في خليج الغدير، وهناك عدد من الأودية القصيرة التي تنتهي إلى البحر، أما سواحل جزر فرسان فمغطاة برمال كلسية بيضاء، نتجت من تحطم الشعاب المرجانية والأصداف البحرية. إن جزر فرسان ما تزال جزرًا عذراء بكل معنى الكلمة فهي تمتلك شواطئ غير ملوَّثة، ومياها زرقاء هادئة غنية بالحيوانات البحرية، كما تتمتع بتراث عمراني فريد يتميز بمبانٍ حجرية فائقة الروعة والجمال تتربع على قمم شاهقة؛ إذ ترتفع لأكثر من عشرة أدوار ضمن حصون تضم العديد من المباني المربعة والأبراج المدورة بدقة معمارية كبيرة، وتصاميم هندسية مدهشة تستحق بكل جدارة أن تكون على لائحة التراث العالمي؛ لحماية الكنوز الأثرية فيها مثل النقوش والمخطوطات، والمسكوكات، والحلي والملبوسات، والأسلحة والأدوات والأبنية الأثرية التي تشهد على عراقة المنطقة وتجذّر حضارتها عبر التاريخ، وهناك العديد من القصور التاريخية والمواقع التراثية التي كانت يومًا ما محطات للتوقف والاسترخاء لسفن الرحلات البحرية والسفن التجارية والحربية. وتعتمد طريقة الحياة والأنشطة السكانية في جزر فرسان بشكل أساسي على الحياة البحرية حيث الشواطئ البكر والمياه الصافية التي تُعد من أفضل مواقع الغوص في البحر الأحمر، حيث يمكن للغواصين الاستمتاع بالشعاب المرجانية والتكوينات الصخرية في قاع البحر، جنبًا إلى جنب مع مجموعات متنوعة من الأسماك والحيتان والدلافين والسلاحف الحرية. ختامًا إن مبادرة وزارة الثقافة لتسجيل جزر فرسان في اليونسكو تستحق كل الثناء والشكر لوضع المواقع السعودية المتميزة في بؤرة الاهتمام العالمي لتطويرها والحفاظ عليها وعلى ثقافتها، وحماية ما تتمتع به من بيئة خلابة وشواطئ فاتنة.