من عمق التراث ومن منارة التعليم قدم للإذاعة استاذنا الشيخ عبيد الله ابوزاهرة قبل نحو أربعين عاما ليعمل مذيعا متعاونا مع الإذاعة وهو الاجدر ان يكون لنا معلما ، فكان النسخة المحدثة من شيخه ابي تراب الظاهري يرحمه الله الذي كنا نخشى ان نسأله حتى لا يكتشف جهلنا. كان التواضع سمة من سمات ابي زاهرة فاحترم من سبقه في العمل الإذاعي وتزامل مع من قدم بعده فأزال بذلك الكثير من الحواجز بينه وبيننا حتى احرجنا ذات يوم تلميذه الزميل ياسر بدر كريم عندما لقيه في احد ممرات الإذاعة فقبل يده ادبا وعرفانا بتلقيه العلم على يده ذات يوم في المرحلة الثانوية. وهب الله الأستاذ الشيخ عبيد الله أبو زاهرة صوتا عريضا مميزا صافيا تميزه الاذن وقد احترم صوته فقدم نشرات الاخبار والبرامج الدينية والثقافية حتى ابتعد ذات يوم عن الإذاعة ثم عاد ولما شابت الذوائب منه غاب دون انقطاع عن بعض من زاملهم في الإذاعة. تعرض أبو زاهرة بعد انقطاعه عن الإذاعة لعدد من الوعكات الصحية حتى اقعدته في داره قبل سنوات قليلة . . واليوم اسلم الروح لربه فكان خبر وفاته محزنا لكل من عرفه او استمع اليه عبر الإذاعة السعودية . تحتار عندما تريد ان تتحدث عن شخصية ابي زاهرة فلا تعرف هل تعده من البارزين في حقل التعليم حتى اصبحا مشرف للغة العربية، ام هو يحسب من الادياء والكتاب الذين كان مصححا لكتاباتهم في جريدة البلاد ؟ وهو شاعر تقليدي وعراب لفن الكسرة كما يصفه اهل الكسرات ام من حقنا ان ننسبه للاذاعيين ؟. كان من حسن حظي انه لم يبخل علي ببعض قصائده التي يقولها مدحا او هجاء كتقويم لبعض الزملاء في العمل الإذاعي بظرف الفه الزملاء في الإذاعة، وكان يكتب تلك القصائد تحت عنوان “على الهواء مباشرة” واقوم بنشرها في صفحتي “ديجيتال” اللتين كنت احررهما في جريدة البلاد. ورغم لطف الأستاذ الشيخ أبو زاهرة يرحمه الله لكنه كان عزيز النفس دمث الاخلاق يبتعد عن الجدل، ان جالس المشايخ فهو منهم وان اختلط بالمحدثين كان اخا لهم وهو تراثي تقليدي في ثقافته حتى انك تحسبه من زمن المتقدمين فاذا ما جمعه بالحداثين مجلس هش وبش واستمع ثم يقول ما ينصف المرحلتين دون ان تشعر بتذمر او غلظة في القول. رحم الله استاذنا وشيخنا وزميلنا عبيد الله أبو زاهرة واسكنه فسيح جناته.