شيع فجر امس الخميس جثمان الفقيد خالد محسن زارع - رحمه الله - بعد الصلاة عليه في مسجد الجفالي ووري جثمانه في مقبرة أمنا حواء بجدة وذلك عن عمر يناهز 68 عاما وكان زارع قد عانى خلال الاربع سنوات الأخيرة من المرض.وخدم في الاذاعة ما يقارب اربعين عاما بين ممثل هاوٍ ومقدم برامج وكان من اهم برامجه برنامج «ربوع بلادي» الذي تجول به في جميع انحاء المملكة وعرف ابناءها بالمدن السعودية عن قرب. وفي هذا السياق تحدث عدد من زملائه للبلاد جمعياً بكلمة واحدة انه كان رجلا عصاميا ومحبوبا بين زملائه ومستمعيه وكان لا يرفض لأحد طلبا او يتأخر في مساعدته - رحمه الله - وكان اول المتحدثين عنه الاستاذ الاعلامي المعروف عبيدالله ابو زاهرة قائلاً : كان خالد محسن زارع رجلا عصاميا عمل «بالمبرقات» والتي تعرف حاليا باسم «الاتصالات» جانب ذلك عمله بإذاعة المملكة العربية السعودية كممثل هاوٍ وتدرج بالأمر حتى اصبح مذيعا مرموقا وقد جمعتني به زمالة طويلة في العمل الاعلامي وكان بحكم انه من ابناء ينبع كثيرا ما يتحدث عن ذكرياته مع اهل بلده من كبار وصغار من بحارين ومزارعين ومن شعراء وفنانين وكان - رحمه الله - حافظا لكثير من الاشعار راويا لكثير من القصص والمواقف وهو الى جانب ذلك شاعر أغنية مرموق وله علاقة وطيدة بالفنانين السعوديين وغير السعوديين وله اغنيات معروفة لكبار الفنانين السعوديين وكان خالد زارع - رحمه الله - بحكم زمالته الوظيفية لصديقي وقريبي جميل مبارك - رحمه الله - وهو عازف كمان معروف كثيرا ما يزاوره في حينا حي الرويس ويحتفظ له بكثير من الذكريات والمواقف الطريفة ويرويها بإعجاب واعتذار مما يدل على الوفاء وحفظ الزمالة وطيبة قلب زارع رحمه الله الجميع رحمة واسعة. ومن المواقف الطريفة انه جاء لاستلام الفترة الاذاعية مني حيث كنت قبله في الفترة الصباحية ووجد أمامي علبة «مشروب غازي» وكان في تلك الفترة ممنوع ادخال المشروبات الغازية الى الاستديو حتى لا تستخدم كطفاية سجائر فصاح بي قائلا أنت:»ما تسمع التعليمات» فأخبرته انني اتيت مسرعا للفترة ومعي العلبة من البيت فاستغرب انني اشرب مشروباً غازياً في الصباح فأخبرته ان كان لدي ضيف على العشاء واشترط أن يكون العشاء «صياديه» فأثر ذلك على معدته وقال لي ما نوع السمك فأخبرته فقال إذا «سماح» وختاما اقول رحمه الله اخي أبا همام فكان رجلا فاضلا في الاخلاق والكرم. ومن جهته تحدث الكاتب الإعلامي الأستاذ محمد رجب قائلاً : عرفنا هذا الرجل الشهم والشجاع خالد زارع ككاتب لكلمات غنائية حيث كانت بدايته مع اغنية (مجروح وأن) التي لحنها وغناها الفنان الراحل طلال مداح وكان أول الملحنين الذين تعامل معهم زارع (رحمه الله) مع الراحل عمر كدرس حيث لحن كدرس معظم كلماته، أما اتجاهه الى الاذاعة فكان كممثل هاو وبالفعل نجح مع الزملاء آنذاك ومنهم أمين قطان وعبدالرحمن يغمور وناجي طنطاوي ويوسف شكولي وشريف العراضوي وعلي المدني وعدد آخر لا تحضرني حاليا اسماؤهم ومن اهم برامجه بعد برنامج (ربوع بلادي) جاء برنامج (كلمة عتاب) والذي استمر لأكثر من خمس سنوات.وكان رحمه الله من الشخصيات المعروفة في البلد واحتفلت به قبل ثلاث سنوات جمعية الثقافة والفنون في مقرها بجدة وقدم العديد من الجوائز والشهادات التقديرية بحضور عدد كبير من الإعلاميين. وكذلك تحدث الزميل الاعلامي المعروف فريد مخلص عن تجربته مع الفقيد خالد زارع (رحمه الله) قائلاً : الحقيقة كانت لي السعادة بمعرفتي بهذا الرجل الجميل والأنيق من خلال برنامج (ربوع بلادي) البرنامج التلفزيوني الرائع الذي عرفنا بالكثير عن مناطق المملكة تعرفت على الاستاذ خالد قبل عشرين عاما في أروقة الاذاعة بجدة وتعرفت عليه اكثر وعن قرب عندما كنت مديرا لادارة التنفيذ بالنيابة منذ خمسة عشر عاما ولم اشاهد في حياتي مذيعا منضبطا وملتزما بكل ما يوكل اليه من اعمال اذاعية مثل استاذنا الكبير خالد زارع وعندما كان يكلف بإذاعة النشرة الاخبارية كان يحضر قبل موعد الاذاعة بثلاث ساعات على الأقل ويذهب الى ادارة الاخبار قبل قراءة النشرة بساعات وأذكر في احدى المرات كنت منحرجا منه بمطالبته بتنفيذ احدى الفترات الاذاعية وذلك لنقص عدد المذيعين لتمتعهم بالاجازة الصيفية طلب من الفاضل خالد زارع ان يساعدنا في تنفيذ تلك الفترة وابتسم وقال بكل سرور ولكن بشرط من الصبح الى العصر فقط لا أذكر في يوم من الايام طلب خالد زارع تنفيذ فترة اذاعية ورفضها او اهملها بعكس مذيعي اليوم الذين يجدون انتقاصا في حقهم عندما تكلفهم بتنفيذ الفترات، وفي احدى المرات جمعتني به الصدفة في مكتب الاستاذ بكر باخيضر مدير الاذاعة السابق فوجدته مرتاح البال وعلى الفور استأذنت الاستاذ باخيضر لعمل لقاء موسع مع زارع وعلى الفور وافق مدير الاذاعة وأجريت الحوار وأثناء حديثي معه في برنامج (مشوار الحياة) علمت انه بعد هذا التاريخ المليء لهذا الرجل المتواضع انه لا يوجد في اذاعة جدة شريط وثائقي يحكي مشوار حياته وتميزه في ذلك اليوم حلقة برنامج (مشوار الحياة) لما أثرى به زارع من افكار وقصص جميلة للمستمع وتحدث من خلال البرنامج في اول مرة التقى بها مع الفنان طلال مداح واسرع اغنية سجلها طلال له في الاذاعة والتي حملت عنوان (مجروح وأن) رحم الله الاستاذ خالد زارع وأدخل فسيح جناته والهم أهله الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون). وتحدث الاعلامي الزميل سعود الذيابي قائلا ان الاستاذ خالد زارع رحمه الله رحمة واسعة قامة اذاعية وفنية شامخة ربطتني به صلة قوية من الزمالة بحكم العمل الاذاعي على مدى سنوات طوال ومما اذكره في بدء التحاقي بالعمل الاذاعي في التسعينات الهجرية مشاركتي معه في بعض المسلسلات الدرامية وخاصة التاريخية والدينية حينما كانت الدراما الاذاعية ترفل بثوبها الجميل الجذاب وفي عهدها الذهبي، حينها كان خالد زارع فارسا من فرسان العمل الدراسي التمثيلي ، هذا الى جانب تمتعه بموهبة الشعر الغنائي منن خلال العديد من الاغنيات التي صدح بها العديد من الغنائيين الكبار في بلادنا وعلى رأسهم الراحل طلال مداح، ومما كان يتمتع به خالد زارع قدرته كإذاعي في قراءة نشرات الاخبار واعداد وتقديم البرامج وخاصة التأليف الدرامي والسهرات الاذاعية . والسباعيات مع امين قطان والشريف العرضاوي محمد حمزة وعبد الستار صبيحي وغيرهم من الممثلين.ولايفوتني ان اشير الى التعامل الراقي الوثيق مع قسم التنفيذ « المذيعين» بحكم ادارتي لهذا القسم حيث كان خالد زارع على جانب من الخلق الرفيع في التزامه وحرصه على مصلحة العمل الاذاعي وتجاوبه وايثاره للآخرين على نفسه.ولابد من الاشارة ايضا الى ان خالد زارع كان من الرعيل الثاني من الاذاعيين المتميزين في الثمانينات والتسعينات الهجرية فقد ربطته بوالدي مطلق الذيابي رحمه الله علاقة حميمية في اجواء الاذاعة حين كانت الاذاعة تسودها روح المنافسة الشريفة على مستوى الكلمة الابداعية الراقية والطوية السليمة، حقا كان خالد زارع مبدعا بكل معنى الكلمة يتمتع بحس فني جميل وموهبة اذاعية مميزة وصدق عميق في حبه لفنه ، وقد فقدت الاذاعة برحيله واحدا ممن اثروا الاذاعة ثراء واسعا بأعماله الثرية والاصيلة . اسأله عز وجل ان يكلأه برحمته الواسعة وان يثيب اهله الصبر والسلوان. وكذلك تحدث الاعلامي الزميل محمد الراعي قائلا : الاستاذ خالد زارع رحمه الله كان مثالا للانسان النشط والمتفائل والمقبل على العمل والانتاج كان قبل تعرضه للعارض الصحي يقدم نشرات الاخبار وبعض البرامج ويكتب المسلسلات الاذاعية ويشارك في تمثيلها، شاركت معه في حفل كبير بمناسبة اليوم الوطني قبل سنوات، كان لا ينقصه الحماس ولا يبخل بالمشورة، قابلته مرة وهو خارج من ستديو الدراما في الاذاعة وقلت له يا استاذ خالد : برنامج ربوع بلادي مازالت اصداؤه تتردد في المجتمع .. الا تفكر في تقديمه الآن بأسلوب جديد ، تنهد طويلا وقال بلهجة محلية : هو انا تقاضيت حقوق القديم كاملة حتى اعمل جديد .. انا مستمر مع الاذاعة لانها عمرها ما ضيعت لي حقوق برغم قلتها». خالد زارع انسان وفي ويقدر زملاءه .. في احدى المرات استضفته في برنامج « الصيف والناس» واذعت له بعد اللقاء ومن كلماته اغنية « يا لوز يا اخضر» بصوت هيام يونس .. اتصل بي بعد البرنامج وقال : « ذكرتني بأحلى ايام حياتي.. الاغنية سجلت في لبنان ايام كنا خلية نحل سعودية في استديوهات لبنان». خالد زارع .. عاش بيننا مبدعا ومتألقاً ونشاطه لا ينقطع .. ولم يغيبه عنا الا المرض ثم انتقاله الى رحمة الله .. لاتنسوه من الدعاء ونحن كذلك.