جدة – عبدالهادي المالكي، غزة – مها العواودة ، القاهرة – أمنية رشاد دعا عدد من العلماء واهل الرأي الذين يشعرون ببوادر أعراض السعال والتوعك أيا كان نوعه بعدم ارتياد المساجد ، حتى لا يؤذوا الآخرين، مشيدين في الوقت نفسه بقرار المملكة القاضي بتعليق الدخول لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف موقتًا ومؤكدين أن هذا القرار الوقائي يأتي ضمن التدابير الاحترازية التي دأبت المملكة على اتخاذها للحد من انتشار وباء فيروس كورونا لافتين في الوقت نفسه إلى أن قرار المملكة يوافق الشرع لأن فيه من درء المفاسد ما لا يخفى على كل عاقل. " البلاد " التقت بعدد من مرتادي المساجد والذين أجمعوا أن فيروس كورونا عابر للقارات وأنه يجب على الشخص الذي يشعر بالتوعك أيا كان نوعه بعدم ارتياد المسجد درءا للمخاطر، وقال كل من فهمي غنيم وفوزي الزفزاف وعباس شومان وعبد الرحمن عبد الهادي ومصطفى الطيب ومصطفى عبد العزيز ورامي محمد ومعتز عبد الرحيم ونادر محمد وحسام أبو الرب وجمال أبو عرام وأكرم الخطيب، أن من يشعر بعارض صحي عليه عدم ارتياد المسجد وان يصلي في منزله حتى لا ينقل العدوي للآخرين، إنه ليس هناك ما يمنع صلاة عدد من الأشخاص في المنازل مطلقًا، خاصة إذا كانت هناك مخاوف من حالات معدية أو أمراض قد تكون متفشية يتقيها الإنسان خشية كثرة المخالطة والمزاحمة في الأماكن المزدحمة كالمساجد، كما استطلعت آراء العلماء وأهل الرأي لبيان رأي الشرع ، حول هذا الموضوع. في هذا الصدد قال الشيح أحمد بن قاسم الغامدي مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكةالمكرمة سابقًا، إنه إذا وجدت أسباب المرض التي يخشى المسلم من انتقاله بكثرة المزاحمة والمخالطة وغلب ذلك على ظنه، عندها يكون الزم واجبًا تحاشي مواطن المرض، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وقال "لايرد ممرض على مصح"، وقال "إذا سمعتم بالطاعون بارض قوم فلا تأتوها"، فكل الأدلة تدل على أنه على المسلم ان يتحاشى ويتقي ما قد يترتب عليه ضرر صحي مطلق في سفره أو تنقلاته أو ذهابه إلى الصلاة أو مواطن الجماعات إذا خشي أو غلب على ظنه حدوث عدوى. وعن تعمد بعض الأشخاص بالحضور للمسجد إما حرصا على الجماعة أو عدم المبالاة بالآخرين رغم ظهور علامات المرض عليه وصدور أسباب تفشيها من العطاس ونحوه، قال الشيخ الغامدي إن هذا خطأ، ويجب على المسلم ألا يؤذي المصلين إذا كان حالة مرضية تنفر الناس من الحضور لصلاة الجماعة، فعليه ان يعتزل المصلى حتى تزول مشكلته، وكذلك من يأتون المساجد بملابس العمل والتي فيها روائح وزيوت وأقذار فهذا ينفر الناس من المسجد، لذلك ينبغي ألا يحضر للمسجد من تكون ملابسه عليها أقذار، لأن فيها إيذاءً للناس وامتهانا لحرمة المسجد، فمع كثرة دخولهم للمسجد والتهاون معهم تتسخ المساجد وتصبح روائحها منفرة، فالواجب على المسلم ان يأتي الى المسجد نظيفا بلباس حسن استجابة للامر و"خذو زينتكم عند كل مسجد"، وألا يتهاون في هذا لأنه يكون عليه إثم، فالملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم كما صح عن النبي. ليس فيه حرج واستطرد الشيح أحمد الغامدي أن قرار إيقاف العمرة احتياطيًا يحقق مصلحة راجحة لمنع انتقال أو تفشي المرض، ريثما تتحسن الأحوال، فهذا ليس فيه حرج، فما يوقع الناس ويهلكهم جاءت الشريعة بمنعه وحفظ النفس من ضرورات الدين، وأداء العمرة من الأعمال الصالحة، ولكن وقته متسع والإيقاف لوقت محدد وعارض حتى تتأكد الجهات الرسمية من خلو الأماكن وتطهيرها وتعقيمها، وأيضًا حتى يتقلص المرض، بعد ذلك يمكن السماح، وهذا متفق مع الدين الإسلامي وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أراد أن يدخل بالمسلمين اثناء سيره في الجهاد فسمع بالطاعون في أرض قوم فاستشار الصحابة، فمنهم من قال نمضي في الجهاد ومنهم من أشار بالتراجع لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم بالطاعون في أرض قوم فلا تاتوها"، فهذا يدل على ان حماية النفوس من عدم الورود في مواطن الهلاك من الدين، والاحتياط لحفظ صحة من المخالطة والزحام الذي قد يوقع الناس في الهلاك أيضًا تأمر به الشريعة، ويجب أن لا يروج بعض من لا يفقهون بأن في ذلك مخالفة للدين، هذا من قلة العلم فحفظ النفوس أوجب وأمر به الدين. دفع المفاسد وفي نفس السياق قال الشيح الدكتور عبدالله بن علي بصفر الأستاذ المشارك بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز أن الشخص الذي يأتي للمسجد وهو مصاب بالزكام والسعال مخطئ ويجب أن ينبه إذا كان جاهلًا، واذا كان متعمدًا وجب زجره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الذي أكل الثوم والبصل، رغم أنها اذية رائحة فقط، فكيف بمن هو مصاب بمرض قد ينتقل الى جاره عن طريق السعال، فينبغي على الإنسان المصاب ان يتقي الله سبحانه وتعالى، واذا كان مريضا أن يصلي في بيته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ليس على المريض حرج، كما يجب في هذه الظروف الاكتفاء بالمصافحة أو إلقاء التحية بالإشارة باليد ونطق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهذا مما يعين على صرف الوباء. ونوه الدكتور عبدالله بن علي بصفر إلى أن من يأتي للمسجد بلباس النوم أو العمل وقد يكون في الغالب عليه رائحة غير مستحبة ومنظره غير لائق فهؤلاء يجب أن يعلموا ويرشدوا، وينبغي أن يعلم هؤلاء الناس ان يصلوا في أماكن عملهم جماعات، لكن ان يأتوا بملابس العمل ويؤذون المصلين فهذا مرفوض شرعًا. ووصف قرار إيقاف العمرة وزيارة مسجد الرسول مؤقتًا سواء للخارج أو الداخل بأنه بلا شك قرار حكيم ويتماشى مع الظروف الحالية، وهذا يدل على حرص ولاة الامر جزاهم الله خيرًا على صحة وسلامة المسلمين وتجنيبهم الأذى والأمراض والشرور، وهناك قاعدة شرعية تؤكد هذا الأمر تقول" دفع المفاسد مًقدم على جلب المصالح"، وهذا المرض مفسدة عظيمة وعندما نبذل كمسلمين جهودنا في إبعاده فلا شك أن هذا فيه خير كبير، طبعا ولاة الأمر جزاهم الله خيرا كما هو معلوم جهودهم كبيرة في رعاية المعتمرين والحجاج، فهم لا يتوانون أبدًا عن تقديم الرعاية الصحية لهم، وكلنا يلمس هذا في الحج والعمرة، وتتكفل الدولة بعلاج المرضى فمنهم من يأتي ومعه مرض القلب فتجرى له عمليات بمئات الآلاف، وبينهم من يأتي ويحتاج إلى غسيل الكلى فتتولى الدولة هذا الأمر، المعتمر والحاج الدولة تتشرف وتفخر بأنها ترعاه صحيًا وأمنيًا حتى يرجع إلى بلده سالمًا غانمًا، وهذا القرار يؤكد هذه المعاني العظيمة في ولاة أمرنا جزاهم الله خيرًا وتقبل الله منهم، ونسال الله أن يجنب المسلمين شر هذا المرض وان يحفظ الحرمين الشريفين ومساجد وبيوت المسلمين، وأن يقي البشرية كلها هذا المرض. مقصد شرعي وأكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق أن حفظ حياة الناس مقصد من مقاصد شريعتنا السمحة التي جاءت لتحميها وتحافظ عليها، لذا أقرت جملة من التدابير التي تكفل حماية هذا الحق، لافتا إلى ضرورة أن يلتزم من يشعر بالمرض منزله ولا يرتاد صلاة الجماعة حتى لا يؤذي غيره من المصلين، لافتا إلى أنه إذا انتشر وباء كان لازمًا تطبيق مايعرف بالحجر الصحي الذي عرفه المسلمون في الصدر الأول من إسلامنا عند انتشار الطاعون، حيث منع الناس من الخروج من موطن انتشاره حتى انتهت موجته، وعلى ذلك فإن ما اتخذته المملكة من إجراءات وقائية وتعليق العمرة هو إجراء صحيح من الناحية الشرعية. واجب ولي الأمر وقال عضو الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة الدكتور فهمي غنيم إن الدين الإسلامي وضع الحدود لحفظ النفس، كمنع القتل وشرب الخمر من اجل المحافظة على النفس، ومنع كل ما يؤدي لقطع او جرح أو ما شابه ذلك، والشريعة الإسلامية واضحة وصريحة ومنعت كل ما يؤدي لإزهاق او إرهاق النفس مثل منع تناول الشخص الثوم والبصل عند صلاة الجمعة، لأنه يؤذي المصلين برائحته، كما أن الشريعة الاسلامية أباحت الصلاة في المنازل دون المساجد حال نزول المطر من السماء وعدم قدرة المصلين على الذهاب للمساجد، لذا فإنه يجب على من يشعر بأعراض السعال عدم ارتياد المسجد حفاظا على صحة الآخرين . قرار صحيح وبحسب عضو مجمع البحوث الاسلامية في القاهرة الشيخ فوزي الزفزاف أن من يشعر بأعراض المرض عليه أن يمكث في منزله لأن ذلك من مصلحته وفي نفس الوقت فهو يحافظ على صحة المصلين، وتابع القول إن قرار المملكة بتعليق العمرة خشية تفشي الأمراض أو انتقال فيروس كورونا يتوافق تمامًا مع الشرع. ظروف الأمة من جهته أكد وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية حسام أبو الرب أن الصلاة جائزة في البيوت في حال انتشار الأمراض والأوبئة، حيث يجب على كل من يشعر بالتوعك والسعال عدم ارتياد المسجد، حفاظًا على النفس وعدم إلحاق الضرر بالمصلين، داعيًا المولى عز وجل أن يشفي المرضى ويعافي المسلمين، وأن يحفظ بلادنا العربية والإسلامية من الأوبئة والأمراض. لا ضرر ولا ضرار مدير أوقاف الخليل الشيخ جمال أبو عرام قال عن حكم من يظهر عليه أعراض تنفسية ممكن أن تلحق الأذى بالمصلين، أنه في مثل هذه الحالة وجب العمل بقول رسولنا الكريم " لاضر ولاضرار" والأجدر اتخاذ إجراءات السلامة الصحية لعدم إلحاق الضرر بالمصلين لذا وجب عليه أن يلزم منزله. وعن من يأتي بملابس العمل المتسخة أشار أنه الأفضل عدم دخول المسجد بملابس العمل التي تلقي الضرر على المصلين وعلى المكان نفسه، وأن الأصل في زيارة المساجد يكون لبس طاهر نظيف معطر. الحيطة والحذر مفتي مدينة الخليل الشيخ أكرم الخطيب أكد أن المصاب بالزكام والانفلونزا والحرارة العالية عليه المكوث في منزله حفاظًا على سلامة المصلين من العدوى، مشيرا إلى قول رسولنا الكريم " من أكل ثوما أو بصلا فلا يقربن مصلانا"، فما بالكم لو كان الأمر متعلقا بمرض أو وباء، فهنا وجبت صلاته في منزله بعيدًا عن الجماعة. وأشاد بقرار المملكة المؤقت لمنع رحلات المعتمرين، والتي تأتي انسجاما مع تعاليم الشريعة الإسلامية حفاظا على النفس، التي حث الإسلام العظيم على الحفاظ عليها وحمايتها من الأخطار والأمراض.