تغادر بريطانيا اليوم السبت المنظومة الأوروبية رسمياً، وبذلك يحقق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الوعد الذي قطعه على نفسه في حملة الدعاية الانتخابية، وهو إنجاز “البريكست”.. خروج بلاده من التكتل الأوروبي. ويعدّ توقيع ممثلي الدول الأوروبية السبع والعشرين على اتفاق الخروج اللمسة الأخيرة منذ مصادقة البرلمان الأوروبي، حيث شارك النواب البريطانيون في آخر جلسة لهم في البرلمان وغلبت على بعضهم مشاعر التأثر في مقابل إصرار أنصار بريكست ، وسيصبح الأول من فبراير علامة لبداية مرحلة جديدة من المفاوضات بين لندنوبروكسل للاتفاق على شكل العلاقة بين الطرفين مستقبلاً ، حيث سيظل الطرفان محكومين بالبقاء ضمن علاقة مصيرية، اقتصادياً وسياسياً، وسيكون أمامهما مهلة حتى نهاية 2020 للتوصل إلى اتفاق على التجارة وقضايا أخرى بما في ذلك الأمن والطاقة والمواصلات وحقوق صيد الأسماك وتدفق البيانات، ويقول جونسون إن 11 شهراً فترة كافية لإبرام اتفاق تجاري يقوم على أساس إلغاء الرسوم الجمركية والحصص ، وقد تعهد بعدم تمديد الفترة الانتقالية رغم أن هذا الخيار يظل متاحاً ، وفي العادة يستغرق إتمام اتفاقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي سنوات، ولا يعتقد أحد تقريباً في بروكسل أن الفترة الانتقالية ستكفي لإبرام ما يتجاوز مجرد الخطوط الأساسية لاتفاق تجاري. وتخشى بريطانيا أن يجعل استمرار الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقات تجارية مع دول أخرى، لاسيما الولاياتالمتحدة أكثر صعوبة ، فيما يقول الاتحاد الأوروبي: إنه لن يبرم اتفاقا تجاريا مع قوة اقتصادية كبرى في الجوار دون بنود قوية تضمن التنافس النزيه. وستتركز مطالبه على قضايا التعامل على قدم المساواة بما فيها المعايير البيئية والعمالية وكذلك قواعد الدعم المقدم من الحكومات، وذلك لضمان ألا تتمكن بريطانيا من طرح منتجات في السوق الأوروبية الموحدة بأسعار منخفضة بشكل غير عادل. ونظرا لتداخل سلاسل الإمدادات الصناعية عبر الحدود في الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي لمنتجات مثل السيارات والأدوية، سيكون الاتفاق على قواعد تحديد منشأ المنتجات ومن ثم ما يسري عليها من قواعد تنظيمية وضرائب مهمة معقدة ، لكن أحد أكبر المخاطر التي تقف في سبيل التوصل لاتفاق سيتمثل في حقوق صيد الأسماك والتي بدأ الشد والجذب بالفعل فيما يتعلق بها ، فقد كان استعادة السيطرة على المياه البريطانية الغنية بالأسماك قضية لا حياد عنها عند كثيرين من دعاة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. غير أن بروكسل ربطت إتاحة الفرصة لمراكب الصيد بالدول الأعضاء بفتح أسواق الاتحاد الأوروبي أمام القطاع المالي العملاق في بريطانيا. وستحدث مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي فجوة مالية هائلة تبلغ 12 مليار يورو، انطلاقا من 2021، ليزداد تعقيد المفاوضات بين الدول ال27 المتبقية حول الميزانية طويلة الأمد المقبلة للاتحاد الأوروبي.