لابد من أنه قد مرّت عليكم مقولة: “الأذن تعشق قبل العين أحياناً”، وأخرى تقول ” مين السبب في الحب.. القلب ولا العين”، وبيت الشعر الذي يقول صاحبه ” أحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري”، كل ذلك الحب هو من النوع الذي لامس بشكل أو بآخر الحواس التي نعرفها جميعنا، سواءً كانت تلك الحواس مادية كالبصر والسمع، أو معنوية كالوجدان، إنما قد يذبل ما تراه العين ويضعف السمع، وقد تُذبح الناقة فلا يبقى الحب كما كان، إلا ذلك النوع من الحب، الذي يسلب أصحابه مشاعرهم ويجعلهم مأسورين بالحبيب دون أن يرونه، أو حتى يسمعون صوته، وقد لا يملك لا ناقة ولا حتى بعير، ذلك الحب الذي دار في دهاليز العقل، وأصاب موقعاً فيه، فأمر باقي الحواس أن ترسم صورة ذهنية لشكل المحبوب ثم تصدّقها، ألا وهو.. حب الفكر. قد يعتقد البعض، أنه حب بسيط يجعل المصابين به يميلون ميلاً قليلاً إلى أصحاب الذائقة الفكرية لبرهة من الزمن ثم ينتهي، والحقيقة أنه أخطر أنواع الحب.. لأنه لا يحتكم لضوابط أو قوانين سوى مقدرة ذاك المفكر أو الأديب في اصطياد فريسته دون قصد منه في الغالب، ويتحول بعدها المُعجب إلى عاشق، والعاشق في حكم المجنون الذي فقد عقله، فلا تعلم ما الذي من الممكن أن يقدم عليه. شاهدتُ في بعض الأفلام العربية منها والأجنبية كيف يصل عاشق الفكر إلى حالة من الهستيرية، عندما يشعر بأنه قد وصل إلى حد الفقد لذلك العشيق، وقد يتحول إلى مجرم أو معتد تملّكه الاعتقاد أن من حقه المحافظة على محبوبه، وإبعاد كائناً من كان لو شعر بالتهديد فيما يملكه -أقصد المحبوب- أنا لا أرمي بحديثي هذا إلى مجرد التعريف بعشاق المفكرين على سبيل المعرفة، بل أشير إلى ضرورة الالتفات للأمر بجدية، فلا يعتقد أصحاب القلم أو الإبداع أن تواجد عدد كبير من أولئك العشاق هو ظاهرة صحية لوجوده في الساحة، فيغفل عن الأثر العميق الذي يتركه وراءه بسبب عدم التوازن في التعامل معهم، واعتقاده بأنه لا يملك الوسيلة في تعديل مسارهم دون المساس بمشاعرهم، بحجته المعتادة” ما ذنبي إن كنت محبوباً”. رفقاً بقلوب تشبثت بكلمة أو فكرة كانت تبحث عنها، فوجدتها عندك. للتواصل على تويتر وفيس بوك