لا يهدأ لتنظيم الحمدين بال إلا ونيران تآمره تأكل في الخريطة العربية، وكلما حاول الاعتماد على الذاكرة الهشة للبعض فيما يرتبط بمؤامراته، خرج إلى النور تسريب جديد يفضح تورطه في أعمال إرهابية. ومنذ مطلع الألفية الجديدة، بدأ الدور القطري المتآمر ضد الدول العربية يتزايد، قبل أن تفضحه مكالمات مسربة لعناصر من المحيط إلى الخليج. اذ كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بالأدلة الدور الإرهابي والتخريبي لقطر في الصومال والوقوف وراء تدبير تفجيرات بمقديشو. وبحسب تقرير تحليلي للصحيفة، أكدت أن رجل أمن مقربا من أمير قطر قال: "إن العنف في الصومال كان بهدف تحويل عقود عمل لصالح الدوحة". وأكدت الصحيفة أنه على مدار العامين الماضيين برز الصومال الذي مزقته الحرب كساحة قتال رئيسية، حيث توفر قطر أسلحة وتدريبا عسكريا للفصائل الإرهابية. وفي تسجيل صوتي مسرب لرجل الأمن خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم بن حمد، فإن الدوحة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الإرهابيين وتدعم المتطرفين الذين يشنون عمليات إرهابية في هذا البلد الأفريقي الممزق بهدف تحويل عقود عمل لصالح قطر. ووفقاً للتسجيل قال المهندي لسفير الدوحة في مقديشو حسن بن حمزة بن هاشم بعد أسبوع من تفجير بوصاصو في 18 من مايو الماضي:"التفجيرات والقتل نعرف من يقف وراءها"، وأضاف رجل الأمن القطري للسفير:"لقد كان أصدقاؤنا وراء التفجيرات الأخيرة". وردا على سؤال الصحيفة عن سبب وصفه للمهاجمين في بوصاصو بأنهم "أصدقاء"، قال المهندي، "جميع الصوماليين أصدقائي". وأشارت الصحيفة إلى أنه لدى سؤاله عن محادثة الهاتف الخلوي لم يشكك المهندي ولا حكومة قطر في صحة التسجيل، لكنه قال إنه كان يتحدث بصفته مواطنا عاديا وليس مسؤولا حكوميا. وقالت الصحيفة الأمريكية أن التسجيل الصوتي يكشف إقرار المهندي، المقرب من أمير قطر، خلال حديث مع سفير الدوحة في مقديشو، أن المتطرفين قاموا بتفجير بوصاصو لتعزيز مصالح قطر. كما نوهت "نيويورك تايمز" الى أن السفير القطري لم يظهر أي رفض أو استنكار حول أن القطريين لعبوا دورا في التفجيرات بالصومال، وقال المسؤول القطري في المكالمة: "إن هذه الهجمات تتم حتى يجبروا دولة تناهضها قطر على ترك الصومال". وأوضحت أنه من المعروف أن المهندي مقرب من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وهناك صور تجمعهما معا، وفقا لتقارير إخبارية ورسائل نصية. ونشط الدور القطري التخريبي في الصومال خلال مراحل عدة، أبرزها التفجيرات الإرهابية والتغلغل من خلال رجالها في المناصب الأمنية لتسهيل تنفيذ الأجندة التخريبية. ودأب تنظيم الحمدين عبر عملائه في مقديشو على تنفيذ مخططاته التخريبية والقضاء على حكام الأقاليم المعارضين لهيمنته، ومن ثم تفتيت النظام الفيدرالي من أجل تقوية نفوذ الدوحة في البلد الواقع شرق قارة أفريقيا. وتخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد حركة "الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا تنظيم "القاعدة" وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات. وكانت تقارير أمنية أميركية قد أكدت في قت سابق أن قطر ضالعة في تمويل الحركة الإرهابية وبحسب التقارير لعب ممولون معروفون للإرهاب يعيشون في قطر بحرية دورا محوريا في تمويل الحركة، المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، بشكل مباشر وغير مباشر. وعلى رأس هؤلاء القطري عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي تربطه حسب تقرير لوزارة الخزانة الأميركية علاقة وثيقة بزعيم حركة الشباب حسن عويس. وحول النعيمي حسب التقرير نحو 250 ألف دولار في عام 2012 إلى قياديين في الحركة، مصنفين على قوائم الإرهاب الدولية. من جهة أخرى أشارت وثائق مسربة نشرت على موقع ويكيليكس إن السفيرة الأميركية السابقة في الأممالمتحدة سوزان رايس كانت قد طلبت في 2009 من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل حركة الشباب. وقد قالت رايس حسب الوثيقة إن التمويل كان يتم عبر تحويل الأموال إلى الصومال عن طريق إريتريا. ونفس الاتهام كرره رئيس الحكومة الانتقالية آنذاك شريف شيخ أحمد، الذي قال خلال اجتماع مع دبلوماسيين أميركيين في ليبيا إن الدوحة تقدم الدعم المالي إلى تلك الحركة المتطرفة. وكان الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو قد عين في أغسطس الماضي عميل قطر فهد الياسين مديرا للقصر الرئاسي ونائبا لرئيس جهاز المخابرات. والياسين الذي يشغل أعلى المناصب في الصومال بدأ حياته عضوا نشطا في جماعة "الاعتصام" السلفية الجهادية ثم التحق بتنظيم الإخوان الإرهابي. كما أقام علاقات قوية مع مفتي الإرهاب الهارب بقطر يوسف القرضاوي؛ ليكون بعد ذلك وسيط التمويلات بين نظام الدوحة والجماعات الإرهابية في الصومال قبل أن يصبح رئيسا لديوان الرئاسة في مقديشو مايو 2017. وفي 2013 أصبح رئيسا لمكتب مركز "الجزيرة" للدراسات في شرق أفريقيا إلى جانب إدارته القصر الرئاسي؛ ما جعل المراقبين يصفونه بأنه الشخص الأكثر تأثيرا في الساحة السياسية الصومالية في الوقت الحالي، ومنفذ سياسات نظام الدوحة بالبلاد.