مع إطلالة كل صباح جديد تشهد فضاءات وكواليس وسائل التواصل الاجتماعي، اعلانات عشوائية " مفلوتة " حول وصفات شعبية وطبية يدعي أصحابها أنها تعالج حزمة من الأمراض ، بدءا من النمش وحتى علاج الأورام الخبيثة وليس هذا فحسب بل أن الدجل الإلكتروني دخل إلى مجال الأغذية والتخسيس، وكل ما يتعلق بشؤون المرأة ، والشيء الغريب أن " مسوقي " حملات ترويج الوصفات الغذائية والطبية لا يستندون على جدران صلبة ، ولا يمتلكون تصريحاً بترويج وبيع الوصفات من قبل الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة ، ما يجعل هذه الوصفات قاتلة وفي احيان أخرى تفاقم الأمراض لدى مستخدميها، فكم من سيدة انبهرت بوصفة تجميلية على سناب أو انستغرام، ولكن بعد الإستخدام تكتشف أن تلك الوصفة العشوائية عبارة عن دجل طبي ليس إلا ، ولأن الدجل في مواقع التواصل يعد من الأسواق الواعدة التي تدر ارباحا بالملايين فإن المختصين يحذرون من استخدام مثل هذه الوصفات، تحسبا للتداعيات السلبية الناتجة عنها والتي قد تصل إلى الوفاة أو تفاقم الحالة المرضية. حول هذا السيناريو الذي يجتاح العالم أوضحت الدكتورة رويده إدريس اخصائية التغذية أنها " شخصيا " تعاني من الإعلانات العشوائية وعمليات التسويق غير القانوني لمثل هذه المنتجات موضحة ان بعض الشركات استغلت اسمها في الترويج لمنتجات غير مرخصة. وأضافت أن الباحثين والباحثات عن الرشاقة يعدون فريسة سهلة لمثل هذه النوعيات من الوصفات سواء العشبية أو الدوائية غير المرخصة، وأنه رغم حملات التوعية التي تطلقها وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء لتوعية المجتمع الا أنه كما يقولون في الخطاب العامي "مراية الرشاقة عميه". وتابعت بقولها " ليس كل ما ينزل او يتداول على مواقع التوصل الاجتماعي حقيقي لذا يجب اخذ الحيطة والحذر في التعامل مع مثل هذه الوصفات طالما أنها لا تخضع للتقييم من قبل الجهات الطبية المختصة، وبالذات العقاقير الطبية، فضلا عن ما يخص علاجات التغذية والمفاصل وغيرها.
منتجات عشوائية وقالت اخصائية التغذية العلاجية الدكتورة فيفيان محمد وهبي للأسف أصبحت وصفات الدجل رائجة من قبل شركات المنتجات غير المرخصة، ومن الملاحظ استخدام اسماء لشخصيات معروفة وذات ثقة لترويج هذه المنتجات، للباحثين عن الرشاقة والجمال، لذا يجب على جميع الأشخاص الحرص والتأكد من مدى صحة هذه العقاقير والكريمات من هيئة الغذاء و الدواء . وأضافت بقولها " سبق وأن قامت شركة بوضع اسمي على منتجاتهم، غير المرخصة لذا فقد تواصلت مع هيئة الغذاء والدواء وفتحت بلاغ ضد تلك الشركة وتم إبلاغي أن هذه الشركة غير مرخصة فت رفع شكوى ضدها، ورغم ذلك تصلني يوميا العديد من الأسئلة عن هذه المنتجات ومدى فعاليتها لأن هذه الشركات تعمل بشكل رهيب على الإعلانات و التسويق بطرق الغش و انتحال الأسماء الموثوقة و المعروفة ". بيع الوهم من جهته أوضح الدكتور عمر الدقيل من منسوبي صحة جدة سابقا أن اسهل انواع الدجل، هو الدجل الطبي.. حيث بات كل من هب ودب يدخل هذا العالم الواسع ويوهم الآخرين بقدرته على العلاج من خلال بيع الوهم للمرضى . وباتت ظاهرة الوهم وعلاج كل الامراض شائعة في المجتمع من خلال تسويق خلطات دون أسس علمية والهدف منها هو حصد الشهرة والكسب المادي مستغلين حاجة البعض ممن يبحثون عن قشة يتعلقون بها. ولا شك ان ذلك يشكل مخاطر صحية عديدة لان هؤلاء يدعّون علاج كل الامراض وهم لايحملون مؤهلات او شهادات علمية وبالتالي لايمتلكون تراخيص طبية او تصاريح مزاولة مهنية وهدفهم فقط هو الربح المادي غير المشروع.
عقاقير ضارة وفي نفس السياق أوضح الصيدلي سراج عمر حلواني لاشك أن لوسائل التواصل الإجتماعي فوائد لاتعد ولا تحصى ومنها مايمكن ان يجعلها مثالية لتوعية المجتمع من قبل المختصين في كل المجالات ومنها التوعية الصحية والطرق السليمه للعلاج من الأمراض خاصة وأنه لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار الدجل والتدليس من غير المختصين في ادعاء طرق ومواد وعقاقير غالبا تكون ضارة لمن يستخدمها بل وبعضها يمثل خطورة علي حياة متعاطيها مستغلين في ذلك حاجة المرضى للبحث عن علاج للأمراض التي يعانون منها والأدهي من ذلك أن هؤلاء الدجالين يطلبون من المرضي التوقف عن الأدوية التي يتناولونها بوصفات نظامية من أطبائهم فتتدهور صحتهم بسبب تصديق ماينشره هؤلاء الدجالين. سيناريو التوعية وأضاف سراج لهذا لا بد من ايجاد عقوبات رادعة لمن ينشرون وصفات الدجل بين رواد وسائل التواصل الإجتماعي، كما أنه لا بد من نشر التحذيرات في تلك الوسائل من خطورة تعاطي الأدوية والوصفات وإستخدام الكريمات من غير روشتة طبية وأن على وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء تكثيف التوعية الصحية باستخدام الوسائل المسموعة والمرئية، ومع انه توجد تلك التوعية لكنها محدودة جدا وغالبا تكون بالرد على الاسئلة التي توجه اليهم ..ولا ننسى أن نساهم كصيادلة متخصصين في الدواء بالتوعيه في وسائل التواصل الاجتماعي ونكثف ذلك في المجموعات التي نشارك فيها . وتابع انه يجب على الجهات ذات العلاقة تكثيف الرقابة على مثل هذه المواقع للحد من انتشارها والتشهير بهم بكافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة للجميع. منصة العلاج وقال الصيدلي صبحي الحداد مستشار الاعلام الصحي أن وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصاً الواتساب أصبحت منصة للمعالجة والتطبيب الشعبي وغير الشعبي. وباتت ساحة لمن هب ودب في توزيع الاوهام والخزعبلات والادعاءات الطبية والعلاجية ، وصارت مكاناً لترويج الدجل والنصب، فذاك يدعّي ان تلك الشجرة تعالج السكري واُخرى تعالج الضغط وثالثة تزيل الصداع، وهنالك من يروٌج لمستحضر، وآخر يسوّق لتركيبة. وثالث يوهم الناس بنجاعة علاجْ لحالة مرضية ورابع يتحدث عن خلطة "سحرية " والمصيبة ان أغلب الناس يصدقون تلك الاوهام، والأدهى انهم يتبادلون تلك الادعاءات ويتداولونها ويعيدون إرسالها بأشكال مختلفة ومتكررة بين الفينة والأخرى، حتى باتت تملأ الفضاء الالكتروني. وأضاف أن معظم ما يتم تداوله لا يمكن للعقل تصديقه، ومن تلك الأمثلة ذاك الذي يطحن بعض انواع من البذور مدعياً انها علاج لداء السكري. وتلك التي تقول ان عصير ( الكرفس ).. هو ايضاً علاج للسكري، وتلك التي تدعيٌ علاج الحروق بالقماش المحروق والزيت. وآخر يعلق رواده من ارجلهم في السقف لعلاج الام الظهر، أو ذاك الذي يضرب أجناب زبائنه بالمطرقة لإزالة أوجاعهم، أو الذي يدوس عليهم بقدميه لتخفيف الآمهم، او ذاك الذي يفجر الدم من رأس زبائنه لعلاج صداعهم او ذاك الذي يتحدث عن مرهم صيني يعالج كل الامراض بدءًا من البواسير وانتهاءً بالالتهابات الجلدية والأمثلة كثيرة جداً وغريبة جداً ولا يتسع المجال هنا لذكرها جميعاً، إنما هذه أمثلة لما يتم تداوله. وصفة قاتلة قالت حصة 24 سنة أنها كانت تواصل برامج التخسيس مع إخصائية تغذية في مستشفى خمس نجوم، ولكنها استمعت لنصيحة احدى جاراته وركضت خلف وصفة طبية يدعي مسوقوها في وسائل التواصل الاجتماعي أنها وسيلة فعالة لعلاج السمنة، ولأن الدعاية عن المنتج كانت مبهرة فقد تركت برنامج اخصائية الغذاء وبدأت في استخدام المنتج الذي وجدته في مواقع التواصل الإجتماعي، وبعد خمس أشهر من الأستخدام، بدأت اشعر بالهبوط في كامل جسمي وراجعت الطبيب فكشفت التحاليل أن المنتج الذي استخدمته لمدة خمس أشهر فيه نسبة من السميات والتي أثرت على صحتى ومن يومها بدأت انتبه لمثل هذه الأعلانات التي تروج الدجل. ادعاءات طبية يذكر أن الهيئة العامة للغذاء والدواء بالتعاون مع الجهات الأمنية نفذت كمائن لمسوقي منتجات تحمل ادعاءات طبية مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونجحت في ضبط مسوقين موجودين داخل المملكة، وإغلاق حسابات تروج لتلك المنتجات. ويأتي هذا الإجراء لمنع الممارسات المضللة لتسويق منتجات تحمل ادعاءات طبية، ويتم تسويقها بشكل غير نظامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الهيئة وحرصاً على ضمان جودة وسلامة ومأمونية الغذاء والدواء وكفاءة الأجهزة الطبية وتمت مصادرة تلك المنتجات وإعداد محاضر الضبط والرفع بتلك المخالفات للجهات المختصة لمخالفتهم أنظمة العمل والإقامة. كما رصدت الهيئة العامة للغذاء والدواء" أكثر من 100 حساب في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي تسوّق أو تبيع أو تعلن عن منتجات غير مرخصة بادعاءات طبية مخالفة سواء كانت صيدلانية أو تجميلية أو منتجات غذائية. وأوصت الهيئة بشراء المنتجات من خلال منافذ البيع المرخصة بذلك، وعدم شراء المنتجات التي تسوّق من حسابات وهمية أو غير معروفة في مواقع التواصل الاجتماعي، والإبلاغ عن أي حسابات مشبوهة بمواقع التواصل الاجتماعي تسوّق أو تبيع منتجات غير مرخصة من الهيئة وذلك بالاتصال بمركز الاتصال الموحد: 19999 أو التبليغ عن طريق تطبيق : " بك نهتم " للأجهزة الذكية مشددةً على أهمية عدم الانسياق خلف الادعاءات الطبية المضللة التي يتم الاعتماد عليها لتسويق هذه المنتجات.