في ظل تطورات الأحداث المتسارعة، اتخذ المجلس العسكري الانتقالي بالسودان جملة إجراءات تهدف لإحكام سيطرته على المؤسسة العسكرية وإعادة ترتيب المشهد، لاسيما الأمني والعسكري في البلاد. فقد أصدر الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عددا من المراسيم والقرارات تم بموجبها ترفيع عدد من الضباط إلى رتبتي فريق أول وفريق، وأعاد تشكيل رئاسة الأركان المشتركة، ورقى سبعة من كبار الضباط برتبة فريق وفريق أول. وقال بيان صادر عن المجلس أنه تم تعيين الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين نائبا لرئيس الأركان المشتركة. كما عين الفريق أول بحري ركن عبد الله المطري الفرضي مفتشا عاما للقوات المسلحة، والفريق الركن آدم هارون إدريس رئيسا لهيئة العمليات المشتركة، والفريق الركن مجدي إبراهيم عثمان رئيسا لأركان القوات البرية، والفريق طيار ركن محمد علي محمد محمود رئيسا لأركان القوى الجوية. وتم تعيين الفريق بحري ركن مجدي سيد عمر مرزوق رئيسا لأركان القوات البحرية، واللواء الركن حذيفة عبدالملك أحمد الشيخ رئيسا لهيئة الاستخبارات العسكرية بالإنابة. كما قرر المجلس العسكري تعيين اللواء أحمد خليفة أحمد الشامي، الناطق الرسمي للقوات المسلحة. في غضون ذلك أعلن المجلس العسكري الانتقالي أن حزب المؤتمر الوطني الذي كان ينتمي إلى الرئيس المعزول عمر البشير، لن يشارك في الحكومة الانتقالية المقبلة. وطالب المجلس، القوى السياسية بتقديم رؤيتها للمرحلة الانتقالية خلال أسبوع، فيما غاب عن الاجتماع، ممثلو قوى إعلان الحرية والتغيير. وعقب اجتماع بين المجلس العسكري وأحزاب الحوار الوطني، أعلن المجلس أيضاً تأييده لتولي شخصية مستقلة رئاسة الحكومة. وسبق الاجتماع إعلان المجلس إلغاء القوانين المقيدة للحريات، والسماح للإعلام بمزاولة أعماله من دون قيود. وكان تجمع المهنيين، مهندس التظاهرات في السودان، طالب بتسليم السلطة فوراً لحكومة مدنية متوافق عليها، تدير الفترة الانتقالية، مع مجلس انتقالي مدني، تحت حماية القوات المسلحة. وفى سياق متصل دعت الولاياتالمتحدةوبريطانيا والنرويج في بيان مشترك، إلى "حوار شامل" في السودان لضمان "انتقال منظّم" للسلطة من المجلس العسكري الانتقالي الذي خلع قبل ثلاثة أيام الرئيس عمر البشير إلى حكومة مدنية. وقالت الدول الثلاث (الترويكا) في بيانها إن "السودان يحتاج إلى انتقال منظم إلى حكم مدني يقود إلى انتخابات في إطار زمني معقول". وأضافت أن "الوقت حان للمجلس العسكري الانتقالي وجميع الأطراف الأخرى للدخول في حوار شامل لإحداث هذا الانتقال، والذي يجب أن يتم بمصداقية وسرعة مع قادة المظاهرات والمعارضة السياسية ومنظّمات المجتمع المدني وجميع عناصر المجتمع ذات الصلة، بمن فيهم النساء اللواتي يرغبن في المشاركة". وإذ لفتت الترويكا إلى أن "التغيير المشروع الذي ينادي به الشعب السوداني لم يتحقّق حتى الآن"، شددت على أنّه "من الأهمية بمكان أن تستمع السلطات إلى نداءات الشعب السوداني، ومن الضروري ألَّا تواجه الاحتجاجات السلمية المستمرة بالعنف". ودعت الدول الثلاث "المجلس العسكري الانتقالي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لبناء الثقة مع الناس، مثل الالتزام بتعهده الإفراج عن جميع المحتجزين السياسيين من قبل النظام البائد". كما ناشدت الترويكا "المجلس العسكري الانتقالي تلبية احتياجات شعب السودان من خلال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد". ودَعته أيضاً إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لاستنفار الدعم المحلي والدولي للمساعدة في مخاطبة التحدّيات الملحّة في البلاد". وعلى صعيد متصل بحث نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان حميدتي، مع سفيري بريطانيا وهولندا تطورات الأوضاع في بلاده. واستقبل حميدتي، السفير البريطاني لدى الخرطوم، عرفان صديق، والسفيرة الهولندية كارين بوفين، وفق بيان للمجلس العسكري الانتقالي. وتناول اللقاءان تطورات الأوضاع في السودان، وأطلعهما على أسباب تشكيل المجلس لهذه المرحلة، وعلى دور المجلس والخطوات والتدابير التي اتخذها للمحافظة على سلامة وأمن السودان، دون تفاصيل. وأكد السفيران دعمهما للمجلس العسكري الانتقالي حتى يحقق الأمن والاستقرار للسودان وشعبه. وفى سياق الترحيب الدولي والإقليمي بتشكيل المجلس العسكري الانتقالي، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، عن تأييده للمجلس الانتقالي برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والخطوات التي اتخذها. وأعرب آبي أحمد، في بيان عن إعجابه بالمجلس العسكري الذي يشرف على عملية الانتقال السلمي في السودان، واستجابته لنداء الشعب السوداني. وأعرب رئيس الوزراء الإثيوبي عن تقديره لمرونة شعب السودان في القيادة والتغيير، والتزامه بالمشاركة السليمة في التغير والتعبير عن مطالبه بطريقة مسؤولة عكست تطلعاته لتعزيز الديمقراطية. وأشاد بقرار المجلس بإجراء مناقشات مع الأحزاب السياسية، موضحاً أن هذه المسألة أمر بالغ الأهمية، وأنه حان وقت العمل معاً من أجل سودان موحد دون أي مجال للانقسامات بين مختلف مكونات الشعب. ولفت إلى أن عملية توسيع ممارسة الحوار الشامل مع جميع أصحاب المصلحة الآخرين في البلاد سيسهل عملية التحول إلى سودان موحدة وديمقراطي، مضيفاً: "يجب أن تكون الاختلافات في الأفكار فقط وليس في الإدارة ومعالجة أي اختلافات في الأفكار التي تنشأ بسلام وصبر من أجل الوصول إلى التفاهم المتبادل". هذا فيما بدأت جلسة مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث الأوضاع في السودان على مستوى المندوبين الدائمين في المجلس، والتي يستمع خلالها إلى إحاطة حول التطورات التي شهدتها البلاد مؤخرا عقب عزل الرئيس عمر البشير. وقدمت الوزيرة المفوضة بالبعثة السودانية أميمة الشريف، بيان السودان للمجلس، لإطلاع الأعضاء بمجريات الأوضاع في البلاد.