رغم كل محاولات التعتيم التي تفرضها السلطات التركية، حول تنامي ظاهرة الانتحار بالسجون، هربا من التعذيب أو جراء الإضراب عن الطعام، إلا أن التقارير المسربة من حين لآخر تفضح المستور. فثمة انتهاكات تستهدف، بشكل ممنهج، المعتقلين من المعارضين لسياسات السلطة ممن تتقلص أمامهم حظوظ النجاة من قبضة السلطات، فيضربون عن الطعام ويصل البعض منهم إلى حافة الموت، فيما يلقى البعض الآخر حتفه. وأفادت صحيفة “زمان” التركية المعارضة، بان ناشطة كردية تدعى ميديا تشينار، وضعت حدا لحياتها، بسجن تركي، احتجاجا على شروط اعتقال عبدالله أوجلان، الزعيم التاريخي للأكراد. ولا يعد انتحار تشينار حادثة منفصلة، وإنما تعتبر واحدة من بين حالات مماثلة، زادت منذ أن بدأت النائبة الكردية ليلى جوفين، إضرابا عن الطعام في نوفمبر الماضي. آخر تلك الحلات كانت المعتقلة الكردية زهراء صاغلام، والتي أنهت حياتها مطلع هذا الأسبوع في سجنها بولاية أرضروم بعد إضرابها عن الطعام منذ فترة؛ لرفع العزلة عن أوجلان. وليس ببعيد عن ذلك فقد حملت الصحف اليومية السبت الماضي بناء انتحار المعتقلة آيتين باتشَت شنقا داخل سجن “جبزه” النسوي بولاية كوجالي، الذي كانت تقبع فيه منذ 6 سنوات، وجاء انتحارها هي الأخرى، وهي مضربة عن الطعام من أجل أوجلان. وفى السابع عشر من شهر مارس الجاري انتحر المعتقل الكردي زولقوف جزان داخل معتقله بولاية تكيرداغ رفضا لقمع السلطات التركية، حيث كان قد حكم عليه بالسجن لمدة 100 عام، على خلفية اتهامه ب”الانتماء لتنظيم محظور في تركيا”. وبحسب وسائل إعلام تركية مختلفة، فإن المنتحرين اعتقلوا بعد اتهامهم بالانضمام لكيانات دون سند، وتعرضوا للتعذيب والإهانات داخل سجون السلطة، ما دفعهم للإضراب عن الطعام؛ كي تصل أصواتهم للحكومة التي سدت آذانها عن صرخاتهم. ونقلا عن مصادر من حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد، انضم أكثر من 170 شخصا إلى جوفين في إضرابها عن الطعام، للمطالبة بتخفيف شروط اعتقال أوجلان. وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن جمعية حقوق الإنسان في تركيا، زجت السلطات التركية منذ 15 نوفمبر 2017، بأكثر من 228 ألفا و993 شخصا موزعين في سجونه ال320 تقريبا بمختلف أنحاء البلاد. واستنادا إلى أقوال مسجونين بالسجن المركزي، ذكر التقرير أن نحو 20 ألفا من هؤلاء المسجونين يضطرون للاستلقاء على الأرض، بسبب الفجوة الواسعة بين عدد السجناء وطاقة الاستيعاب. قال التقرير: إن أعداد المساجين الذين أضربوا عن الطعام داخل السجون التركية منذ الأول من مارس وحتى تاريخه، يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف، بينهم الآلاف من الشباب، فيما يوشك الكثير منهم على الهلاك. وأوائل 1999، اعتقل الأمن التركي أوجلان في كينيا، وتم نقله جوا إلى تركيا، حيث أصدرت المحكمة بحقه حكماً بالسجن مدى الحياة، ويقضي عقوبته في سجن جزيرة إيمرالي القريبة من مدينة إسطنبول. وكانت الشرطة التركية قد اعتقلت امس الأول المحامي حمدالله دمير، وهو مرشح حزب العدالة والتنمية في بلدية “إيدل” التابعة لمدينة شرناق جنوب شرق البلاد، بتهمة الانتماء لمنظمة “غولن” المحظورة محليا، ضمن عملية أمنية موسعة شملت 37 مدينة في أنحاء تركيا. ووفق إعلام محلي معارض، اعتقلت الشرطة خلال العملية نفسها 108 محامين آخرين بالتهمة ذاتها، قبل نقلهم إلى إسطنبول للتحقيق معهم. وتشن السلطات التركية بشكل منتظم شبه يومي حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة غولن. وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو قد كشف في وقت سابق عن توقيف 511 ألف شخص، اعتقل منهم 30 ألفا و821، في إطار العمليات التي استهدفت جماعة رجل الدين فتح الله غولن، وحزب العمال الكردستاني، منذ المحاولة الانقلابية المزعومة.