تلقت الليرة التركية ضربة جديدة، من المتوقع أن تؤثر على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وذلك قبل أيام من الانتخابات البلدية في آخر يوم من مارس الجاري. وتراجعت الليرة التركية بما يزيد عن 5 في المئة أمام الدولار الأميركي، مسجلة أكبر هبوط منذ أن استحكمت أزمة العملة في أغسطس الماضي، بحسب ما ذكرت رويترز. وأثار هذا التراجع مخاوف من أن الأتراك سيعمدون إلى زيادة مشترياتهم من النقد الأجنبي، وسط تدهور في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، الأمر الذي قد يدفع الناخبين الأتراك إلى التصويت ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم. وسجلت الليرة 5.7549 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر الماضي، منخفضة 5.3 بالمئة عن مستوى الإغلاق السابق البالغ 5.4650. وخسرت الليرة حوالي 30 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار العام الماضي، مع قلق المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على كبح التضخم، وسط دعوات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخفض تكاليف الاقتراض. ونقلت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية، عن محللين اقتصادين قولهم إن الضعف في الليرة يبدو أنه دفع البنك المركزي في البلاد إلى محاولة تشديد السياسة النقدية لوقف الانخفاض. وقال مسؤول بالبنك المركزي التركي لرويترز، إن الهبوط في احتياطيات البنك من العملة الأجنبية نتج عن مبيعات للنقد الأجنبي قيمتها 5.33 مليار دولار إلى شركات استيراد الطاقة وتسديد دين خارجي. لكن ما يقلق الحزب الحاكم وأردوغان أن تهاوي الليرة التركية يأتي في وقت حساس للغاية، إذ يستعد الحزب لخوض الانتخابات البلدية في 31 مارس الجاري وسط أزمات اقتصادية وسياسية لا تزال تعاني منها تركيا منذ سنوات. وأعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنه سيخوض الانتخابات البلدية بالتحالف مع حزب الحركة القومية، وهو التحالف ذاته الذي خاض به الحزبان الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو 2018. ومنذ أزمة الليرة في أغسطس الماضي، ارتفعت ودائع الأفراد الأتراك بالنقد الأجنبي، وسجلت مستوى قياسيا في 15 مارس الجاري، مما يشير إلى عزوف عن العملة المحلية. لكن هذا العزوف قد ينسحب أيضا على الانتخابات البلدية، إذ ينتاب الحزب الحاكم مخاوف من عزوف الناس عن الانتخابات، أو التصويت ضد حزب أردوغان الذي أدخل البلاد في أزمات اقتصادية وسياسية عدة. وأثار هبوط الليرة التركية، واحتمالات تداعيات ذلك على الانتخابات البلدية، حفيظة عدد من الجهات التركية، التي فتحت تحقيقا في شكاوى ضد بنوك أميركية تتهمها بالوقوف وراء انخفاض العملة التركية. وفي هذا، علق خبراء اقتصاديون وسياسيون عن الأزمة الاقتصادية التركية، حيث قال علي عبد الرؤوف الادريسي، الخبير الاقتصادي، إن شبح تباطؤ الاقتصاد التركى يطارد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الانتخابات المحلية هذا الشهر، إذ قد ينقلب الناخبون الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدلات البطالة ضد حزب بنى أمجاده في صناديق الاقتراع على ازدهار البلاد. وأضاف الادريسي في تصريحات ل”البلاد” أن البيانات الرسمية الأخيرة أظهرت ارتفاع معدل التضخم في تركيا خلال ديسمبر الماضي إلى 13.5% وهو أعلى مستوى للبطالة منذ فبراير 2010. وأوضح أن معدل البطالة قد أرتفع خلال ديسمبر الماضي بمقدار3.1 نقطة عن الشهر نفسه من العام الماضي بحسب بيانات مكتب الإحصاء التركي (توركستات)، الذي قال إن عدد العاطلين في تركيا وصل في الشهر الأخير من العام الماضي إلى 4.3 مليون عاطل بزيادة قدرها مليون عاطل عن العام السابق. ويأتي ذلك في الوقت الذي سجل فيه الاقتصاد التركي انكماشا بمعدل 3% سنويا خلال الربع الأخير من العام الماضي بحسب “توركستات” ليدخل مرحلة ركود رسمي قبل الانتخابات المحلية التركية يوم 31 مارس الحالي. وأشار أن حالة الاقتصاد التركي تعتبر موضوعا أساسيا بالنسبة للناخبين، في ظل استمرار ضعف الليرة التركية وبقاء معدل التضخم بالقرب من مستوى 20%.وأكد انه مما لاشك فيه ان ارتفاع معدلات البطالة سوف يوثر على انخفاض مستويات المعيشة فى تركيا كما يساهم فى انتشار الجرائم كالسرقة، والاعتداءات فنجد أن هناك علاقة ديناميكية بين كل من البطالة والجريمة فكلما انتشرت البطالة زادت الجرائم.بدوره قال المتخصص في الشأن التركي والدولي، محمد حامد، إن شعبية أردوغان انخفضت بشكل كبير نتيجة الأزمات الإقتصادية التي تواجهها البلاد من إنهيار اقتصادي وتضخم واضح إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة. وأضاف حامد في تصريحات ل”البلاد” أن الفترة المقبلة ستكون عصيبة بكل تأكيد على اردوغان، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات المحلية خلال الفترة المقبلة وتحديدًا نهاية الشهر الحالي. فيما اشار أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الى إن تركيا تعيش الأن في أزمة اقتصادية حقيقية تسبب بها اردوغان وادارته السيئة للبلاد. وأضاف الرقب في تصريحات ل”البلاد” أن اردوغان حاول الهروب من تلك الأزمة بدلًا من حلها عن طريق وإثارة الأزمات هنا وهناك في العالم. وأوضح ان سياسة اردوغان في إثارة الأزمات كانت بهدف عدم لفت نظر المجتمع التركي للأزمة الاقتصادية التي يتعرضون لها. الى ذلك قال عمرو الديب، المحاضر بمعهد العلاقات الدولية بجامعة نيجني نوفغورد الروسية إن وصول معدل البطالة في تركيا لمستوى 13.5 % يمثل عامل ضغط كبير على فرص الحزب الحاكم في تركيا في الإنتخابات المحلية القادمة التي ستعقد في نهايات هذا الشهر. وأضاف الديب في تصريحات ل “البلاد” أن رجب طيب أردوغان دائما ما كرر على مسامعنا نجاحاته فيما يخص الإقتصاد و الآن و قبل إنعقاد أول إختبار حقيقي إنتخابي يواجه أزمه لم تراها تركيا منذ حوالي 10 سنوات. وأوضح أن الاقتصاد التركي يواجه صعوبات كبيرة منذ ، منتصف 2018 ، ويبدو أن الإقتصاد التركي سيستمر في النزيف خصوصا على مستوى قيمة الليرة التركية مقابل الدولار ومستوى البطالة بسبب الحرب التجارية الحالية بين تركيا و الولاياتالمتحدةالأمريكية التتي تتمثل في زيادة نسبة الرسوم على الواردات للمنتجات الأمريكية.