جاء اعتراف علي خامنئي المرشد الايراني بالمصاعب الاقتصادية وهبوط العملة لتضع نظام الملالي في أصعب مواقفه منذ 40 عامًا. واقر خامنئي بان إيران تواجه مشكلات اقتصادية منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من اتفاق نووي متعدد الأطراف العام الماضي، ومعاودته فرض عقوبات على طهران، وأن المصاعب الاقتصادية وهبوط العملة المحلية لا تزال على رأس المشكلات التي تعاني منها البلاد، وأن على الحكومة مواجهتها بزيادة الإنتاج. كما كان لاعتراف الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها إيران ترجع لعوامل خارجية خاصة العقوبات الأمريكية، وهذه التصريحات تؤكد وضع البلاد الصعب. وفي هذا، قال محمد حامد، المتخصص في الشأن الدولي، إن هذا الاعتراف في غاية الأهمية، ويثبت أن العقوبات الأمريكية بقيادة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أتت أكلها. وأضاف حامد فى حديثه ل”البلاد” أن النظام الإيراني أصبح لا يقدر أن يقف على قدميه بعد أن كان قد تنفس الصعداء بعد رفع العقوبات في فترة الرئيس الأمريكي السابق، باراك اوباما. في الوقت الذي أكد فيه حامد أنه وفي حال مساندة الاتحاد الاوروبي إيران، فهذا لن يجدي نفعًا. وأوضح أنه في حال استمرار انهيار الاقتصاد الإيراني، فإن النظام سيفقد بريقه وسيكون قريبًا من السقوط، نتيجة ما سيلاقيه من حروب ضده على الصعيد الدولي، كما أشار إلى أن الولاياتالمتحدة سوف تستمر في زيادة الضغوطات على إيران حتى يرحل النظام الإيراني وخامنئي ومن معه نهائيًا. بدوره قال الباحث بالشأن الإيراني أحمد فاروق، إن اعتراف خامنئي بصعوبة الأوضاع الاقتصادية وتأكيده على أن العام الذي دخل في يومه الأول في 21 مارس 2019 هو اعتراف بفشل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة في المقام الأول، لكنه أكد في سياق آخر على تدابير اقتصادية حكومية سيستشعر المواطن بآثارها خلال الفترة المقبلة. وأضاف فاروق في تصريح ل”البلاد” أن الأوضاع في إيران متدهورة اقتصاديًا في ظل انخفاض القدرة الشرائية للشعب مع انهيار سعر صرف العملة، وهذا نتيجة للعقوبات الأمريكية. وأوضح أنه يمكن القول إن اعتراف خامنئي بالصعوبات الاقتصادية التي تواجه بلاده هي بداية النهاية لسقوط النظام. الاقتصاد في إيران يعاني منذ سنوات مختلفة، وهذا ليس بالجديد، لكن الجديد الاختلافات التي بدأت تظهر بين أفراد الحكومة وكان آخرها خلافات وزير الخارجية محمد جواد ظريف، مع مدير مكتب رئيس الجمهورية محمود واعظي. كما قال أحمد قبال، المتخصص في الشأن الإيراني، إن إعتراف نظام الملالي ليس الأول الذي يعترف فيه بالمشكلات الاقتصادية بل يمكن القول أن معظم خطابات المرشد تتطرق لهذه المسألة خاصة في الأعياد القومية والدينية، لكن المرشد تحدث بشكل مباشر مؤخرا عن الآثار التي لحقت بالاقتصاد الإيراني وعلى رأسها تراجع قيمة العملة والقدرة الشرائية للمواطنين وتراجع الإنتاج. والمرشد لا يتحدث فقط بوصفه المسئول عن تلك الحالة من التدهور، وإنما بوصفه المرشد والموجه لقطاعات ومؤسسات الحكم والإدارة في إيران، وبوصفه صمام الأمان والأكثر جسارة على مواجهة التحديات. وأضاف قبال في تصريح ل”البلاد” أن تطرق المرشد للملف الاقتصادي بعد تفعيل العقوبات الأمريكية يأتي أيضا في إطار حث الحكومة على تبني استراتيجية انتاجية وفق اقتصاد المقاومة، وهي سياسة ليست الجديدة بالنسبة للنظام الإيراني خاصة خلال فترات ممتدة من العقوبات الأمريكية والدولية والحرب الطويلة مع العراق في ثمانينات القرن الماضي. وقال قبال إن تلك التصريحات تعكس قدرا من فداحة موقف النظام أمام الضغوط الشعبية والاحتجاجات واسعة النطاق خلال الشهور الماضية إلا أنها أيضا تحمل في طياتها معطيات تفيد بأن النظام الإيراني لازال بجعبته الكثير من أدوات الضغط والتأثير على الشارع الإيراني، وأن بمقدوره اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتخفيف حدة الاحتقان، خاصة وأن الحرس الثوري التابع للمرشد بشكل مباشر أصبح يهيمن على مفاصل الاقتصاد الإيراني وله القدرة على تبني سياسات انتاجية، كما أن مؤسسات المرشد المتغلغلة داخل طبقات المجتمع الإيراني تلعب دورا مهما في تخطي آثار العقوبات.