اهتز العالم على وقع الجريمة الإرهابية البشعة التي راح ضحيتها العديد من المصلين في مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بجنوب نيوزيلندا في حين أدانت المملكة بأشد العبارات الحادث مؤكدة أن الإرهاب لا دين ولا وطن له مشددة على ضرورة احترام الأديان. وكانت سفارة المملكة العربية السعودية في نيوزيلندا قد أعلنت إصابة اثنين من السعوديين بجروح لتنعي في وقت لاحق المواطن محسن محمد الحربي الذي وافته المنية متأثراً باصابته إثر الاعتداء الوحشي. (البلاد) التقت الدكتور فراس محسن الحربي المشرف التربوي بتعليم منطقة المدينةالمنورة، ابن شهيد الوطن رجل الأعمال محسن محمد المزيني الحربي،المقيم في نيوزيلندا بحكم ارتباطاته العملية، الذي طالته يد الإرهاب غدراً مع أكثر من خمسين من المصلين في المسجدين، ودار الحوار مع الدكتور فراس في أجواء مشحونة بالحزن والأسى، نتيجة حادث الاغتيال الذي تعرض له والده، الشهيد بإذن الله، وهو ساجد لأداء ركعتي السنة وتحية المسجد ، قبل خطبة صلاة الجمعة، بحسب ما ذكره الشهود بعد الحادث مباشرة، حيث تعرض لخمس طلقات قاتلة من الخلف في مسجد النور بنيوزيلندا، وتمَّ نقله على الفور للمستشفى، حيث أعلنت إدارة المستشفى وفاته بعد أربع ساعات من وصوله. وقال الدكتور فراس:" الحمد لله على كل حال سائلاً الله أن يتقبله مع الشهداء، وعن سبب إقامة والده خارج المملكة ذكر بأن والده عاش في عدة دول كرجل أعمال، منها اليونان والأردن واستراليا وأخيرا نيوزيلندا، حيث كان يمتلك شركة لتحلية المياه، وصفَّى أعماله قبل خمس سنوات. وعن سؤالي لابن الشهيد عن التوجه الديني لوالده؟ وهل من مضايقات واجهها قبل عملية الاغتيال الدنيئة التي تعرض لها؟ ذكر بأن الفقيد كان على منهج أهل السنة والجماعة ومنهجه الوسطية والاعتدال، وأن والده والجالية الإسلامية في نيوزيلندا، لم يتلقوا أي تهديد وفقاً لما أخبره به والده قبل استشهاده، وهي من البلدان الآمنة والعيش فيها مشجِّع للسلام والتسامح الديني، وتعتبر أنموذجاً للتعايش لمختلف الأديان. وأضاف أنه عرف باستشهاد والده عن طريق والدته في نيوزيلندا، التي اتصلت بزوجته لتبلغه بدورها بالنبأ الفاجع الحزين، حيث كانت الصدمة مؤلمة وغير متوقعة والعائلة بأكملها في حالة ذهول. وعن الجهات الرسمية السعودية التي بادرت بالتواصل معه قال :" شرفني صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينةالمنورة، باتصال شخصي من سموه الكريم لتقديم واجب العزاء، كما تم التواصل من قبل سعادة السفير السعودي والذي تولى متابعة حادث الاغتيال بشكل مباشر، وتوالت الاتصالات لتقديم العزاء من سعادة مدير التعليم بمنطقة المدينةالمنورة، وكذلك الاتصالات التي غمرني بها، عدد من المستشارين والمسؤولين في حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، حفظهما الله. واستطرد د.الحربي:" تم استلام الجثمان وتبقى ترتيب إجراءات الطيران لنقله إلى المدينةالمنورة، كما تواصل معي السفير النيوزيلندي في الرياض وقدم تعازي حكومته. وعن التنسيق بين ابن الفقيد ووزارة الخارجية بالمملكة والسفارة السعودية ، للحصول على كافة الحقوق المتعلقة بالفقيد قال : الإجراءات تسير في إطارها السليم وبعد الانتهاء من وصول الجثمان ودفنه نستكمل بقية الإجراءات مع الجهات المختصة." ورداً على سؤال إن كان هناك مطالبة من قبله لحضور جلسات المحكمة ، أو تكليف محامٍ لتحديد العقوبة اللازمة التي سينالها المجرم المعتدي؟ أجاب بأنه يؤمن بالعدالة الإلهية وأنه وكلَّ أمره لله، ولن يطالب بأي شيء ضد القاتل لأن المجرم حكم على نفسه بهذه الجريمة النكراء التي اهتزَّ لها العالم، وكل شيء بقضاء الله وقدره. وذكر الحربي أن آخر ما تفوه به والده الشهيد قبل توجهه لصلاة الجمعة بمسجد النور بنيوزيلندا، قوله لزوجته "أسأل الله حُسن الختام". واختتم د. الحربي حديثه ل (البلاد) مُعبراً عن سعادته البالغة قائلاً:" أعتز بالوقفة المشرفة من قبل حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ، ومن سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وسمو أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز ،حفظ الله الجميع، كما أتوجه بالشكر للشعب السعودي النبيل ، الذي جسّد معنى التلاحم في معناه الصحيح في هذه المحنة الصعبة، واختتم الحوار بكلمة قال فيها: أدعو العالم الإسلامي ككل بضبط النفس، والبعد عن العنف والإرهاب الذي لا دين له، كما عبَّر عن شكره وامتنانه لكل من واساهم في فقيدهم شهيد الوطن، ومذكراً برسالة لكل متطرف وإرهابي جنَّد نفسه لقتل الأبرياء بقوله الله جل وعلا (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).