أكد مساعد وزير المالية للشؤون المالية الدولية والسياسات المالية عبدالعزيز بن متعب الرشيد ، أن لدى حكومة المملكة فهم عميق للحالة المثلى التي تسعى إليها في إعداد الميزانية وللوضع الاقتصادي الكلي، ونحن في مرحلة انتقالية مدروسة لتطبيق الإصلاحات وتخفيف أثرها السلبي على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى إلى الموازنة على أن يتصف النمو بالاستقرار، ولن يتحقق هذا إلا بوجود إيرادات مستدامة. جاء ذلك خلال الجلسة الأولى للقاء السنوي ال 20 لجمعية الاقتصاد السعودية التي حملت عنوان ” التخطيط المالي ومستهدفاته”، وعقدت أمس في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الإنتركونتنتال بمدينة الرياض. وأوضح الرشيد أن التخطيط المالي لاقتصاد المملكة يعتمد بدرجة كبيرة على الإنفاق الحكومي وهو أحد أهم مكونات الطلب الكلي بالاقتصاد؛ وبالتالي أي خلل في تخطيط الإنفاق الحكومي سيؤدي إلى خلل في الاقتصاد الوطني، وهذا يدعو أن يكون التخطيط المالي له الأولوية في الاقتصاد. وبين الرشيد أن برنامج تحقيق التوازن المالي أول البرامج التي أطلقت كأحد برامج المملكة 2030 نظرًا لأهمية هذا القطاع في الاقتصاد الوطني، وضرورة ضبطه لتحقيق أي مستهدفات أخرى في الاقتصاد، موضحًا أن أي ضريبة تضاف لها أثر سلبي، ولكن وتيرة هذا التطبيق والتعامل معه بشفافية تجعل الحكومة تتابع الأداء الاقتصادي وتتكيف معه، مؤكدًا أن القطاع الخاص مرشح إلى قيادة النمو الاقتصادي متى ما تبنى نموذج تشغيلي أعلى كفاءة في الإنتاجية ضمن رؤية المملكة 2030. وفي ذات السياق، أكد مدير عام السياسات المالية والكلية بوزارة المالية الدكتور سعد بن علي الشهراني، أن السياسة المالية تهدف إلى تحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030، حيث تعمل على استخدام الإجراءات والأدوات المالية المتاحة لتحقيق مستهدفات التنويع والنمو الاقتصادي الشامل المستدام، والحفاظ على الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي، وتطوير المساندة والحماية الاجتماعية الفعّالة. وبين أن اقتصاد المملكة يشهد في الوقت الراهن إصلاحات على جميع الأصعدة سواءً على جانب المالية العامة أو على صعيد الاقتصاد الكلي في مختلف القطاعات والأنشطة التي من شأنها إحداث طفرة كبيرة نحو تنويع القاعدة الاقتصادية، وفي نفس الوقت زيادة درجة الارتباط بين الإيرادات التي تحصلها الدولة والأنشطة الاقتصادية غير النفطية، وتضع السياسة المالية في أولوياتها دعم تنمية القطاع الخاص وزيادة الإنفاق الرأسمالي المحفز للنشاط الاقتصادي، وتطوير الخدمات العامة للمواطنين والبنية التحتية، وآليات استهداف الدعم والمساندة الاجتماعية للمواطنين. وأوضح الدكتور الشهراني أن برنامج تحقيق التوازن المالي يمثل الركيزة الرئيسة للسياسة المالية، حيث يمثل إستراتيجية السياسة المالية على المدى المتوسط، ويقوم على عدة برامج ومبادرات، منها تنمية الإيرادات غير النفطية وتنويع مصادر الدخل، وكفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز إدارة المالية العامة، وتخطيط المالية العامة بشفافية، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد، والتوظيف واستقرار الأسعار التي تتأثر بالطلب والعرض. وأشار الشهراني إلى أن الوزارة قامت بتغير منهجية التخطيط المالي وتطوير عملية إعداد الميزانية العامة للدولة، وعملت على دعم شفافية المالية العامة خلال الفترة الماضية، وذلك بإعداد التقارير الربعية، كما أطلقت البيان التمهيدي للميزانية الذي يعرض الخطط المالية للدولة قبل نهاية العام بثلاثة أشهر، مما يساعد بدوره القطاع الخاص في التخطيط المالي، بالإضافة إلى إصدار بيان الميزانية، ونسخة المواطن، وإصدار تقرير نهاية العام لأداء الميزانية الفعلي، حيث تتوافق توجهات الإفصاح المالي والإصدارات التي تقوم بها وزارة المالية مع المعايير والممارسات الدولية. وأبان الشهراني أن الميزانية أصبحت تعمل على تحديد أسقف للنفقات مع الجهات الحكومية على المدى المتوسط، في إطار إستراتيجية تدعم عدة أهداف، منها رفع كفاءة الإنفاق العام، ودعم النمو الاقتصادي غير النفطي الذي يعد المقياس الرئيس لأداء أي اقتصاد عالمي، مؤكدًا أن ميزانية 2019 ركزت على الإنفاق الاستثماري بزيادة 20% عن ميزانية 2018، مع إعطاء أولوية أكبر لهذا النوع من الإنفاق على المدى المتوسط، لتحقيق أهداف النمو والتنويع الاقتصادي وتطوير البنية التحتية والخدمات الحكومية. وأشار إلى النتائج الإيجابية المالية والاقتصادية التي شهدها عام 2018، حيث أسهمت الإصلاحات الحكومية في خفض عجز الميزانية وإدارته بشكل ملحوظ، كما اتخذت الحكومة في نفس الوقت تدابير تحفيزية، مما أدت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.2% وذلك مقابل -0.7% في العام السابق، مؤكدًا أنه في ضوء المبادرات والبرامج والمشاريع التي يتم تنفيذها في إطار رؤية المملكة 2030 فإن التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي غير النفطي بشكل تصاعدي حتى عام 2023، ولاسيما أن الحكومة تتوجه لوضع ثقل أكبر على الإنفاق الاستثماري والاجتماعي اللذين سيدعمان بدورهما النمو والعائد الاقتصادي على المدين القصير والمتوسط الأجل.