لا يزال التوتر التركي الأميركي آخذا في التصاعد بشأن العملية العسكرية ضد الأكراد في سوريا، حيث هدد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بشن هجوم في سوريا، في حال تأخر الانسحاب الأميركي. وقال أوغلو إن العملية العسكرية ضد مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعهدت تركيا بتنفيذها في شمال سوريا، لا تتوقف على انسحاب الولاياتالمتحدة من المنطقة. وأضاف أوغلو، في مقابلة مع قناة (إن.تي.في) التلفزيونية "إذا تأخر الانسحاب مع أعذار سخيفة لا تعكس الواقع مثل (الأتراك سيقتلون الأكراد) فسننفذ قرارنا". وتابع "من غير الواقعي توقع أن تسحب الولاياتالمتحدة كل الأسلحة التي أعطتها لحليفتها وحدات حماية الشعب الكردية"، على حسب قوله. هذا فيما دخل النظام السوري على خط الأزمة المحتدمة منذ أيام في ضوء الانسحاب الأميركي المرتقب من شمال شرقي سوريا. وكان نائب وزير خارجية نظام الأسد فيصل المقداد، قد اعرب عن تفاؤله إزاء الحوار مع الجماعات الكردية التي تريد إبرام اتفاق سياسي مع النظام في إطار جهودها لدرء هجوم تهدد به تركيا. وقال المقداد إن "التجارب السابقة لم تكن مشجعة، ولكن الآن أصبحت الأمور في خواتيمها"، في إشارة إلى ما يبدو على استعداد الأكراد اللجوء إلى دمشق لمجابهة أنقرة. وأضاف المسؤول السوري: "إذا كان بعض الأكراد يدعي أنه جزء لا يتجزأ من الدولة السورية ومن شعب سوريا، فهذه هي الظروف المواتية. لذلك أنا أشعر دائما بالتفاؤل. وتابع: "نشجع هذه الفئات والمجموعات السياسية على أن تكون مخلصة في الحوار الذي يتم الآن بين الدولة السورية وهذه المجموعات"، مشددا على أنه "لا بديل عن الحوار". من جانبه، قال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، شاهوز حسن، إن أكراد سوريا على اتصال بالروس والنظام السوري، ويمكنهم التوصل إلى اتفاق مثل الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي، عندما دخلت قوات الحكومة السورية منطقة قريبة من بلدة منبج الشمالية التي هددت تركيا بالهجوم عليها. وتعد وحدات حماية الشعب، وهي العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، رأس حربة في عمليات التحالف الدولي ضد داعش، وساهمت في دحر الارهابيين من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، لاسيما معقل داعش في الرقة، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصر على ضربها. فتركيا تعتبر وحدات حماية الشعب، "جماعة إرهابية"، مرتبطة بحزب العمال الكردستاني المحظور، وتسعى تحت هذه الذريعة لتحقيق مطامعها في سوريا، حيث توغلت قبل سنة تقريبا في الشمال وتحاول اليوم توسيع رقعة سيطرتها. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن، قبل أسابيع، انسحاب قواته من سوريا، الأمر الذي شكل فرصة لتركيا للانقضاض على وحدات حماية الشعب الكردية، النواة الأساسية في قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن. وترغب الإدارة الأميركية في ضمانات بعدم التعرض للأكراد في حال بدء تنفيذ خطة الانسحاب الأميركية، إلا أن تركيا ترفض ذلك. وفشل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، خلال زيارة إلى تركيا في الحصول على هذه الضمانات، مما رفع حرارة الأزمة بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وقال بولتون إن تركيا ينبغي أن تنسق العمل العسكري مع الولاياتالمتحدة، مضيفا أن الانسحاب لن يحدث حتى تضمن تركيا سلامة المقاتلين الأكراد. وانسحب التوتر التركي الأميركي أيضا على صفقات التسليح، إذ قال أوغلو إن تركيا قد تشتري صواريخ باتريوت من الولاياتالمتحدة في المستقبل إذا كانت الشروط مناسبة، لكن ذلك سيكون مستحيلا إذا أجبرت واشنطنأنقرة على التخلي عن شراء منظومة إس-400 التي اتفقت على شرائها من روسيا.