خلال عملي في الخطوط السعودية .. كان اهتمامي منصبا على اهمية التغيير وتحدياته وادارته وتطبيقاته بنجاح .. ولا غرابة في ذلك حيث ان صناعة النقل الجوي تتسم بالتغير والتطور المستمرين .. ولا يمكن استثناء مختلف المنشآت والصناعات من التغيير حيث خلال العقود الماضية تطورت تكنولجيا الاتصالات وبزغ فجر ثورة المعلومات وتقدم الاتصالات .. واخذ التغيير يلقي بظلاله على جميع مناشط الحياة .. وفجأة انتقل الكون من مفهوم التغيير الى مفهوم التحول .. وذلك نتيجة تقدم وتطور ابحاث وصناعات الذكاء الاصطناعي ..وفك رموز الشفرة الوراثية والجينية للبشر والحيوانات ..واكتشافات الفضاء الخارجي .. والثورة الروبوتية الذكية ..وتحول الاقتصاد من التقليدي الي اقتصاد المعرفة الكونية .. ومعرفة كيفية عمل الدماغ البشري .. كل تلك العوامل ساهمت في تسريع الفكر الابداعي عند البشر فتطورت وتقدمت الصناعات والخدمات والتطبيقات الالكترونية وحولت الاقتصاد واصبح كونيا ..والذي بالضرورة سيؤثر علي مفهوم الوطن والوطنية والقيم الاجتماعية وحدود الدول الجغرافية في الارض والبحار والسموات. وما يهمني اليوم .. هو مفهوم وظيفة القيم الاجتماعية السائدة في مجتمعاتنا .. والتي تؤثر علي ممارساتنا وتفاعلاتنا ومشاعرنا .. ويأتي الحب في المقام الاول .. بمفهومه القيمي والعاطفي والانساني والبشري. يقول علماء النفس والسلوك والاجتماع .. ان الحب بمشاعره وتفاعلاته التي نحس بها ..ماهو الا تجربة انسانية كيميائية معقدة ..وتتراوح اراء البشر عن الحب بين الوهم والخيال .. او سلوك دنيوي او عقائدي .. ومنهم من يعتبره مرضا نفسيا .. وآخرون يرون انها مشاعر غامضة ليس لها تفسير .. والبعض يعتبره تلاقي الارواح (روح) بين اثنين ..ومنهم من يعتبر الحب ادمان ويجب التعامل معه من هذا المنطلق .. اما انا ..فأرى ان الحب طاقة وقوة جارفة محفزة للحياة ويعطيها معني .. انه الاحساس بجمال الانسان والبشر .. وجمال الكون .. وجمال الاشياء من حولنا .. انه الدافع للانجاز والعمل .. وباختصار شديد ( الحب هو اساس كل شيء جميل في الحياة) .. وقبل ان انهي الحديث عن الحب .. لا بد ان نتساءل كيف سنمارس نحن البشر الحب في عصر الانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي واجهزة توصيل المشاعر الانسانية عن بعد ..حيث الحياة ستصبح واقعا افتراضيا .. وهذه الوسائط والتطبيقات ستتطور وستصبح اساس مقومات الحياة الاجتماعية والعلاقات الانسانية .. ومن الان نري ان حالات الطلاق آخذة في ازدياد يفوق ال 60% . وهذه نسبة كبيرة تطرح سؤالا مهما ..هل هذه الحالات بسبب فقدان الحب ام بسبب تغير المشاعر نتيجة ايقاع العصر وتحولاته وبدائله .. انني اشاهد الان ان الكثيرين يفضلون العيش وحيدين في الحياة .. وبعض علماء الاجتماع يرون في هذا التوجه او السلوك هو فرصة لتكوين طرق جديدة ومختلفة للعلاقات الانسانية كي تخدم اغراضا واساليب حياة المستقبل .. هذا ويؤسفني ان اقول لكم انه لا يوجد لدي اجابة شافية وقاطعة عما سيكون عليه الحب في المستقبل . لكن ما اعرفه اننا نعرف الحياة في الماضي والحاضر وكيف نعيشها .. ولكن يجب علينا ان نصنع المستقبل الذي نريد ان نعيشه ونحب فيه.