وعندما نتحدث عن " جدة " عروس البحر الأحمر بكل مكنونها، وكل مالها في نفوس ساكنيها وزوارها، وعندما نكتب عن بحرها وحاراتها ورواشينها وناسها، وإرثها الفكري والفني والثقافي والاقتصادي والاجتماعي فإننا على يقين أن " جدة " تزخر بكل ريادة وجمال وحضور ثقافي عبر تاريخها الذي يزين جيد الوطن . إن الكلمة المقروءة؛ سواء كانت في " الشعر " أو " القصة " أو " الرواية " أو " الصحافة " اليومية والتي تأتي في مقدمة الأشياء الرائدة التي عرفت بها هذه المدينة الخلاقة المبدعة الرائدة ، وكان هناك حلم لولادة منبر إعلامي في ذلك الوقت أصبح بعد مرور السنوات احد أهم ركائز الصحف بالمملكة وعميدها. ولهذا تعتبر جريدة " البلاد " العريقة أحد أهم المآثرن و منابر الصحافة والإعلام في المملكة العربية السعودية. بل إنها أعرق صحف الوطن ، أولها تأسيساً في عالم الصحافة. إنها جريدة البلاد " حيث إنها أول صحيفة سعودية سياسية" يومية تصدر، وكانت تسمى سابقاً بصحيفة " صوت الحجاز" حيث صدر العدد الأول من صحيفة صوت الحجاز (البلاد حالياً) عام 1350 الموافق 4 إبريل عام 1932. ويعتبر صدورها امتداداً لجريدة " بريد الحجاز " التي أصدرها الشيخ محمد صالح نصيف عام 1343ه، حيث انتقل معظم كتاب صحيفة " بريد الحجاز " إلى جريدة صوت الحجاز. وقد أصدرها مؤسس "صوت الحجاز" وكان الأستاذ محمد صالح نصيف والأستاذ عبد الوهاب آشي رئيس تحريرها حيث أصدرا الصحيفة في ثماني صفحات، فكانت توفر لقارئها الأخبار والتعليقات والمواضيع المدعومة بالصور النادرة ومقتطفات من رياض الشعر ، وكانت تطبع بالمطبعة السلفية بمكة المكرمة كل يوم إثنين من كل أسبوع, ثم أصبحت تطبع بالمطبعة العربية بمكة المكرمة. ثم صارت تطبع مرتين بالأسبوع منذ الخامس من ذي القعدة عام 1357ه الموافق 25 يناير عام 1939م واستمرت هكذا حتى شهر رجب 1360 ، الموافق أغسطس 1941م. لقد عمل بهذه الصحيفة الرائدة " جريدة البلاد" العديد من القيادات الصحفية والإعلامية والإدارية منذ أكثر من نصف قرن ، وتخرج منها كم هائل من الصحفيين والإعلاميين البارزين في المملكة، على مدى أكثر من سبعة عقود من عمرها الزمني. لقد مرت " جريدة البلاد " بمراحل مابين القوة والضعف . وشهدت فترات صعود وفي فترات أخرى شارفت فيها على الانهيار. ولكنها وبفضل رجالات " جدة " الأوفياء المخلصين تجاوزوا في كل مرة أزماتها ، لتبقى البلاد شاهدة على تاريخ الصحافة السعودية، وفي مدينة " جدة " بوابة الحرمين الشريفين تحديداً، وظلت جريدة البلاد بتاريخها وأرشيفها الزاخر مرجعاً مهماً للمؤرخين والباحثين، الذي يجدون بين دفات أرشيفها القديم كنوزاً من المعرفة والتاريخ والأسرار- التي لا تقدر بثمن- وقل أن تجدها في أرشيف صحيفة أخرى . همسة .. النجاح عادةً هو وليد لحظة الحلم.